هل تعود العلاقات اللبنانية السورية إلي سيرتها الأولي في ظل وجود نحو مليوني نازح سوري في لبنان منذ بداية الحرب في سوريا ؟، وهل يسمح سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني وزعيم تيار المستقبل الذي يتهم سوريا وحزب الله باغتيال والده، أن تعود العلاقات إلي سابق عهدها؟، وهل يقف حزب الله حليف الأسد وصاحب السطوة في حكومة الحريري مكتوف الأيدي دون عودة حميدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين ؟ هذه الموضوعات كانت محل تساؤل، لأن حكومة الحريري التي ولدت مطلع العام الحالي تضم في تشكيلتها وزراء تابعين لحزب الله وحركة أمل وحلفاء سوريا في لبنان مثل الرئيس اللبناني ميشال عون والزعيم الدرزي طلال أرسلان وغيرها،ومثل هؤلاء لايجدون غضاضة في زيارة دمشق،بل والمطالبة بعودة العلاقات كما كانت قبل الحرب في سوريا. وزير الدولة لشئون النازحين صالح الغريب، والمعروف بقربه من دمشق قام بزيارة إلي سوريا تلبية لدعوة رسميّة من وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، للبحث في ملف النازحين وكيفية إعادتهم بطريقة آمنة، وتحدث من دمشق بصفته الرسمية. بعض المقربين من رئيس الحكومة سعد الحريري المعارض للعلاقة مع دمشق،أكدوا أن الغريب كان يتحدث بصفة شخصية، وأن الزيارة لا تكتسب طابعا حكوميا، وأن الوزير الغريب، لم يطلع رئيس الحكومة علي نية هذه الزيارة ولم ينسق معه. ولذلك فإن الزيارة تركت أكثر من علامة استفهام لا يمكن تفسيرها إلا انها بمثابة تشويش علي الأجواء التوافقية السائدة ضمن الحكومة. من جانبه قال وزير شئون النازحين صالح الغريب ردا علي مهاجميه إن رئيس الحكومة سعد الحريري كان يعلم بأجواء زيارته إلي سوريا. وربما الاجتماع الذي جري في السرايا الحكومي بين الوزير الغريب ورئيس الحكومة حال عودة الغريب من سوريا، تؤكد أنه لم يغرد خارج السرب الحكومي أو سعي إلي استفزاز المعارضين لعودة العلاقة مع سوريا أو إعادة التواصل معها. كما دافع تيار الرئيس اللبناني ميشال عون عن الزيارة واعتبرها ضرورية لمصلحة لبنان، بينما هاجم حزب القوات بزعامة سمير جعجع هذا التواصل مع دمشق، واعتبر أنه يخرق سياسة النأي بالنفس. النائب طوني فرنجية قال: إن خطوة الوزير صالح الغريب، هي خطوة في الاتجاه الصحيح لحل مشكلة النازحين ومدخل لاستعادة دور لبنان الاقتصادي والسياسي. وأيضا قام وزير الزراعة اللبناني حسن اللقيس التابع لحركة أمل الشيعية بزيارة إلي سوريا،جري خلالها التوقيع علي اتفاقيات تنظّم العلاقات الثنائية علي المستويين الزراعي والاقتصادي. حيث ان 100 شاحنة لبنانية كانت تعبر الحدود مع سوريا يوميا قبل عام 2015 واليوم تراجع العدد إلي 20 وأحيانا أقل من ذلك. كذلك قام وزير الدولة اللبناني لشئون التجارة الخارجية حسن مراد ممثل السنة المستقلين المحسوبين علي حزب الله،بالمشاركة في معرض تجهيزات المعامل وتصنيع وبيع خطوط الانتاج والاستثمار في القطاع الصناعي في سوريا 2019. أما الوزير الدرزي السابق وئام وهاب حليف الأسد وحزب الله فأعلن عن اتفاقه مع مجموعة من السياسيين علي إقامة نصب تذكاري لقائد القوات السورية في لبنان سابقا، الراحل غازي كنعان. وقبل زيارة وزراء لبنانيينلدمشق،تم طرح فكرة زيارة يقوم بها رئيس الجمهورية ميشال عون، ووزير الخارجية جبران باسيل، إلي العاصمة السورية دمشق، وذلك لبحث ملفّ النزوح السوري، والاتفاق مع الحكومة السورية علي آلية إنهائه،كما طالب لبنان من خلال وزارة الخارجية بعودة سوريا إلي مقعدها في الجامعة العربية. وعلي مايبدو أن الزيارة إلي سوريا لاتلقي وفاقا داخل الحكومة اللبنانية،حيث يرفض رئيس الحكومة سعد الحريري فكرة الزيارة، بل إنه أعلن أنّه يرفض زيارة العاصمة السورية، ولو فرضت مصلحة لبنان ذلك، داعيا إلي اختيار غيره رئيسا للحكومة في مثل هذه الحالة. وبينما يصرّ فريق من اللبنانيين علي أهمية حدوث هذه الزيارة تمهيدا لحلّ أزمة مايقرب من مليوني نازح سوري يمثلون عبئا ثقيلا علي لبنان، يري فريق آخر أنّ مثل هذه الزيارة لن تجدي نفعا، باعتبار أنّ النظام السوري لا يريد أصلا إعادة النازحين. ويعتمد مؤيدو عودة العلاقات كاملة بين البلدين علي نفوذ حزب الله خارج لبنان، وداخل لبنان من خلال مشاركته الفاعلة في الحكومة مدعوما بموقف حليفه رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل نبيه بري،وكذلك موقف رئيس الجمهورية ميشال عون الموالي لسوريا وإيران،فهل يستطيع حزب الله وحلفاء سوريا في لبنان الضغط داخل حكومة الحريري المعارض للأسد،للتصالح مع دمشق،لتسهيل عودة النازحين السوريين،وعودة الحركة الاقتصادية بين البلدين إلي قوتها،أم أن الأمور ستظل مرهونة بزيارات وزارية فردية تتبع بعض التيارات السياسية اللبنانية ولاتحل المشكلة؟