عبد الوهاب غنيم: الاقتصاد والتحول الرقمي يقودان العالم حاليًا| فيديو    وزارة الدفاع السورية تسحب الآليات الثقيلة والدبابات من مدينة السويداء    الأمم المتحدة: 865 قتيلًا قرب مراكز المساعدات في غزة خلال ستة أسابيع    ميركاتو الصيف الساخن في القلعة الحمراء.. الأهلي يتعاقد مع 9 صفقات    محافظ بني سويف يشهد انطلاق فعاليات حملة "100 يوم صحة"    رسميًا .. «المركزي» يقرر عودة البنوك للعمل إلى الساعة 3 عصرًا بدلاً من 5 مساء    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    وزير البترول: إنتاج الخامات التعدينية ارتفع 39% إلى 26 مليون طن خلال 2024    محافظ المنوفية: 1.5 مليار جنيه استثمارات العام الحالي في مشروعات البنية التحتية    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    حكومة كردستان العراق: تعرض حقل نفطي في دهوك لهجوم بطائرة مسيّرة    التعليم والتنظيم يتفقان على إنشاء قوائم انتظار للناجحين غير المعينين في المسابقات    عقبة أخيرة تعرقل انتقال أوسيمين إلى جالطة سراي    «مصيرك في إيد الأهلي».. شوبير يوجه رسالة إلى أحمد عبدالقادر    محمد شكري: المقارنة مع معلول متشغلنيش..رفضت العودة للأهلي الموسم الماضي    سر في دعوة رونالدو.. خيسوس يكشف سبب الموافقة على تدريب النصر    لجان تحصل على 99 و98%.. « نتائج الدبلومات الفنية» تفضح الغش الجماعى والتلاعب فى أعمال التصحيح    طقس الثلاثاء 15 يوليو 2025.. شديدة الحرارة ورطوبة مرتفعة على أغلب الأنحاء    وكيل قطاع المعاهد الأزهرية ل«الشروق»: الدقة في تصحيح الثانوية الأزهرية أولويتنا    وزير الثقافة يدعو لانعقاد المجلس الأعلى للثقافة بتشكيله الجديد للتصويت على جوائز الدولة 2025 نهاية يوليو    «مش كل الناس بتحب البحر».. أبراج تعاني من الضغط النفسي في المصيف    تحولات النص المسرحي المعاصر وتجارب الكتاب الجدد على مائدة المهرجان القومي للمسرح    الثلاثاء 15 يوليو 2025.. تفاوت في أسعار اللحوم بمطروح    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    وزير الصحة يستقبل وفد «الصحة العالمية» للاستعداد لتجديد الاعتماد الدولي لهيئة الدواء المصرية    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    تسجيل 17 مليون عبوة منتهية الصلاحية ضمن مبادرة «سحب الأدوية» (تفاصيل)    وزارة العمل: فرص عمل فى لبنان بمجالات الزراعة براتب 5000 دولار شهريا    «التعليم» و«التنظيم والإدارة» يتفقان على الاستعانة ب«المعلمين الناجحين» غير المعينين بالمسابقات (تفاصيل)    أمير كرارة وأبطال فيلم الشاطر يحتفلون بالعرض الخاص فى 6 أكتوبر.. اليوم    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    الاتحاد الأوروبي: اتفقنا مع إسرائيل على تحسين الوضع في غزة    الدفاع الروسية: إسقاط 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    تفاصيل نمو مبيعات الأدوية بسبب ارتفاع الأسعار| فيديو    بإقبال كبير.. قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لدعم الموهوبين بشمال سيناء    وزير الدفاع الألماني: يُجرَى الإعداد لتسليم نظامي باتريوت لأوكرانيا    وزارة الدفاع الأمريكية تمنح شركات ذكاء اصطناعي رائدة عقودا بقيمة 200 مليون دولار    الإصابات بالسعال الديكي في اليابان تتجاوز 43 ألف حالة خلال 2025    رئيس «قناة السويس» يبحث مع السفير الإيفواري التعاون في تطوير الموانئ والتدريب    بمشاركة شركات.. تفاصيل ملتقى توظيفي بفنون تطبيقية حلوان    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    بدء إصلاح سنترال رمسيس جزئيًا.. وشكاوى من استمرار انقطاع الخدمة    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    بيراميدز يستفسر عن ثنائي الزمالك.. ويرفض التفريط في نجمه للأبيض (تفاصيل)    خبير يحذر من مغامرة إثيوبية تشكل خطورة على سد النهضة (التفاصيل)    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    المنقلبون على أعقابهم!    «واشنطن» تُصعّد لهجة الانتقادات ضد «موسكو».. وتستعد لتزويد «كييف» بأسلحة هجومية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدواعش وجفاف الينابيع!
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 05 - 2019

لست أقصد مسمى الدواعش فقط، وإنما أقصد كل من يعتنقون هذا الجنوح الضال الذين يستهينون بالأرواح التى خلقها الله وأمرها إليه سبحانه، ويُعملون فيهم القتل والاغتيال والذبح والسحل ويفجرون القنابل المقصودة والعشوائية ويهلكون الزرع والضرع وينشرون الدمار والخراب.
واجتراؤهم على ذلك مرده إلى جفاف كل ينابيع الحب والعطف والرحمة.. ولا يفوت أن العطف والرحمة لا ينبعان إلاَّ من قلوب مُحبة، تملؤها مشاعر الحب بعمومه.
بمعناه الشامل الذى يتسع لأجمل العواطف الإنسانية، على رأسها محبة الله، فمحبة الله تحبب فى خلقه، أما محبة الخلق فتتسع إلى عوالم شتى.. إلى الإنسان والطير والحيوان وكل ذى روح.. وتمتد فى عالم الإنسان إلى حب الأبوين والأبناء والإخوة والأهل، وإلى الأصدقاء والجيران والزملاء.. وهو الذى يربط على قلوب الأزواج ليكون القران سكنًا وعشرة ومودة، وتبادلاً للإخلاص والرعاية والبذل والعطاء.
هذا الحب هو الذى يجعل لحياة الإنسان معنى، يتجلى فى سلوكه وتعامله، وفى صلاته وصداقاته ووشائجه وأواصره وجيرته وعمله وزمالته، وفى صدق وفائه وإسماحه، وتمتعه بلذة العطاء.. كما يتجلى فى كراهة الظلم والجور والإفساد والإهلاك، وفى حب الخير والعمار، وحب الحق والصواب والجمال والكمال.
محبة الله أم المحبات، ومن يحب الله يحب عباده ومخلوقاته، ويحترم الحياة التى خلقها الله فى الإنسان والطير والحيوان والنبات.. لا يغتالها ولا يزهقها ولا يتعدى عليها ولا يعبث بها ولا يؤذيها أو يهلكها.
الحياة هى الحب، ودون الحب لا حياة. هذا الحب لله حب فياض، ينسحب على كل من أحبه الله، وعلى الحياة التى أقامها، والكون الذى أبدعه، والإنسان الذى سواه فعدله، وكل الكائنات التى خلقها.
إن الذات الإلهية التى يذوب فيها المحب، هى المنبع الأسمى لكل ما فى الوجود من آيات الحق والجمال، وهى المورد الأسنى لكل ما فى الكون من الخير والكمال. هذا الينبوع جاف تمام الجفاف، مصاب بالقحط والجدب، لدى قلوب الدواعش وأمثالهم.
هذا الجفاف تجف معه وتبعًا له كل ينابيع العطف والرحمة.. وترخص معه الأرواح والدماء!. من أحب الله يقدس الحياة التى خلقها سبحانه، ولا يعدو عليها ولا يزهقها ولا يصادرها.. ومن امتلأ قلبه بالحب والعطف والرحمة، يستهول الدماء، فلا يقتل ولا يهلك ولا يدمر ولا يتلف، وإنما يحترم الحياة التى أبدعها الله ويسعى فيها بناءً وإعمارًا، ولا يعدو عليها إهلاكًا وتدميرًا . من شجرة الحب تتفرع أشجار الرحمة وشجيرات العطف والمودة والبر والإخاء والوفاء. ومن جفت ينابيعهم ونزعت من قلوبهم المحبة والرحمة، لا يعرفون حلاوة الإيمان، فالإيمان محبة لله وخلقه.
جاء فى وصف المؤمنين بالحديث الشريف، إنهم الأشد حبًّا لله، وإنهم هم الذين يذوقون حلاوة الإيمان.
حين تجف الينابيع، وتغيب شميلة الحب، تموت القلوب وتُجْبل النفوس على القسوة والتلذذ بها، وعلى القتل والإهلاك والإيذاء، ولولا جفاف ينابيع الحب والرحمة، لما انحدر هؤلاء إلى القتل والذبح والنحر والسحل والإهلاك، والتدمير والتخريب والإتلاف، ولما عشقوا الترويع وبث الفزع فى نفوس الناس.
وبغياب الحب، غابت عنهم محبة الأوطان .. عن المحاسن وأضدادها تحدث الجاحظ منذ نيف وأحد عشر قرنًا من الزمان، فقال فى محاسن المحبة والمودة، إن الإنسان لا ينعم فى الحياة إلاَّ بهذه المودات، وبزيادتها يزيد رصيده من الطمأنينة والمواساة، ونقيض ذلك شأنه كالتابوت المطلى، ظاهره ذهب وباطنه خواء. وحشد الجاحظ محاسن حب الوطن، وما قاله فيها أهل زمانه والسابقون عليه، فقال عمر بن الخطاب: لولا حب الوطن لخرب بلد السوء. وكان يقال: بحب الأوطان عمرت البلدان .
بالكراهية التى يضمرها هؤلاء الضالون، تخرب الأوطان!. ما ارتكبه ويرتكبونه، ممزوج بعنف شديد يجاوز النتائج المريرة المبتغاة، فهو عنف لذاته، هدفه الترويع والتخويف وبث الرعب، فانعدام الرحمة لديهم وسيلة وغاية.. يتجلى ذلك فى الأساليب التى ابتدعوها للقتل والذبح والسحل، تذبح الضحايا ذبح الشاة، فى مجازر يتبارى فيها أشاوس داعش وأترابهم، وتفجر أجساد الضحايا إلى أشلاء، ما من واقعة ارتكبوها إلاَّ وهى ممزوجة بعشق الدماء، والتلذذ بحصد الأرواح، حتى فيما بينهم لا تجد ذرة عطف أو رحمة، من الممكن أن يقتل الأخ أخاه، بل وأن يقتل الابن أباه وأمه، وتتحول العلاقات الزوجية إلى عنف يشبه الاغتصاب، وتؤخذ الأنثى كرهًا وخداعًا بما يسمى نكاح الجهاد، وترخص الأعراض لأن الأرواح ذاتها قد رخصت، وأغرب الغرابة أنهم ينسبون ما يقارفونه إلى الإسلام!.
تذكرناجريمة داعش النكراء بحرق أسيرها الأردنى حيًّا، بجرائم تتار المغول الذين لم يكتفوا بالقتل والذبح، وإنما تلذذوا بالتدمير والتخريب، واستداروا بعد أن قتلوا أكثر من مليون نسمة ليحرقوا مكتبة بغداد، وأحالوا ما فيها من الكتب والكنوز والنفائس والوثائق والمخطوطات إلى أكوام من الرماد. بلية البلايا أن من هؤلاء الضالين من ينتمون إلى مصر، بيد أن الشعور بالوطن، ناهيك بالحفاظ عليه، معدوم كانعدام الرحمة من قلوبهم، ومعها كل شيم النبل والإنسانية!. جرّهم جفاف الينابيع إلى استرخاص الأرواح وسفك الدماء، وجرهم أيضًا إلى استرخاص الوطن وتدمير مرافقه وخيراته.
هؤلاء مرضى لا يجدى معهم تطبيب ولا علاج ولا جدوى إلاَّ بسيف القانون، فلا عذر لهم فى ضلالهم، فالفكر السوى متاح إذا صحت العقول وعمرت القلوب، ولكن هؤلاء قلوبهم وعقولهم مريضة ملبوسة، تعانى القحط وجفاف الينابيع.. وهذا داء عضال، هؤلاء لو أحبوا وعرفوا الحب، لما ضمرت ضمائرهم هذا الضمور، ولما انحرفت مداركهم هذا الانحراف، ولاهتدوا بالمحبة إلى العطف والتراحم والمودة، ولااحترموا أرواح مخلوقات الله، وأعطوا للأوطان حقها من الرعاية والتعمير .
لمزيد من مقالات رجائى عطية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.