غدًا.. المصريون في الخارج يُصوتون بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    قطع المياه عن بعض المناطق فى القاهرة غدا لمدة 9 ساعات    نائب رئيس البورصة: نعمل على جذب تدفقات استثمارية جديدة لسوق المال    20 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة    كشف بترولي جديد بخليج السويس يضيف 3 آلاف برميل يوميًا    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات بمجال التأمين    رئيس كوريا الجنوبية يلقى خطابا فى جامعة القاهرة اليوم    رئيس وزراء السودان يرحب بجهود السعودية وواشنطن لإحلال سلام عادل ومستدام    مصر والبحرين تبحثان تفعيل مذكرة التفاهم لتبادل الخبرات وبناء القدرات بمجالات التنمية    مصر ترحب بقرار "الأمم المتحدة" بشأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير    نازحو غزة في مهب الريح.. أمطار وعواصف تزيد معاناة المدنيين بعد النزوح    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    مواعيد الخميس 20 نوفمبر 2025.. قرعة الملحق العالمي والأوروبي المؤهل لكأس العالم    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    تذكرتي تطرح تذاكر مباريات الأهلي والزمالك في البطولات الأفريقية    بيراميدز: لا صفقات تبادلية مع الزمالك.. ورمضان صبحي يعود نهاية الشهر    بسبب الشبورة.. إصابة 18 شخصًا فى تصادم سيارة نقل مع أتوبيس بالشرقية    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء سيدة تعرضت للضرب والتحرش    سقوط أخطر بؤرة إجرامية بمطروح والإسكندرية وضبط مخدرات وأسلحة ب75 مليون جنيه    الأرصاد: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في هذا الموعد    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    أسباب ارتفاع معدلات الطلاق؟.. استشاري الصحة النفسية يوضح    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    أخطر حاجة إن الطفل يعرق.. نصائح ذهبية لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    رئيس الرعاية الصحية يرافق محافظ الأقصر لمتابعة مركزى طب أسرة الدير وأصفون بإسنا.. صور    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    البنك المركزي يعقد اجتماعه اليوم لبحث سعر الفائدة على الإيداع والإقراض    حلقة نقاشية حول "سرد قصص الغارمات" على الشاشة في أيام القاهرة لصناعة السينما    هولندا: ندعم محاسبة مرتكبى الانتهاكات في السودان وإدراجهم بلائحة العقوبات    عيد ميلاد السيسي ال 71، لحظات فارقة في تاريخ مصر (فيديو)    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    رائد الذكاء الاصطناعي يان لوكون يغادر ميتا ليؤسس شركة جديدة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبراليون و لكن‏...‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 09 - 2012

يعد إقصاء الآخر المختلف خاصية لصيقة بأصحاب الفكر الشمولي العقائدي سواء كان ذلك الفكر يمينيا دينيا أو يساريا ماركسيا أو ما بين هذا وذاك. ولا ترجع هذه الخاصية إلي عوار أخلاقي أو تشوه نفسي بل علي العكس فأصحاب هذا الفكر الشمولي قد يكونون الأكثر إقداما علي التضحية والإيثار.
ولكن المشكلة تكمن في أحادية نظرتهم إلي الكون والبشر والتاريخ; فهم يعتمدون علي مصدر أساسي واحد يستقون منه معلوماتهم و يشكل وحده مرجعيتهم الفكرية ويوقنون يقينا لا يداخله شك في امتلاكهم للحقيقة كاملة تامة غير منقوصة لا تحتاج إلي مراجعة أو إعادة نظر. و لذلك فليس من المستغرب علي هؤلاء أن تضيق نظرتهم فيصنفون الآخر وفقا لانتمائه الفكري دون نظر إلي سلوكه وأدائه الفعلي, وتضيق صدورهم بأولئك الذين ينادون بحتمية تعدد الرؤي وبنسبية الحقيقة وبحق الخطأ, وقد يبلغ الأمر بأصحاب الفكر الشمولي حد اعتبار أن الليبرالية خطر حقيقي يهدد ثوابت المجتمع ويشوه هوية الوطن ومن ثم ينبغي إقصاء أتباعها فكريا بل بدنيا إذا ما لزم الأمر.
قد يكون ذلك الموقف الإقصائي منطقيا في إطار الفكر الشمولي; ولكن الأمر يصبح مستوقفا للنظر إذا ما انزلق الليبراليون إلي تلك الغواية التي تتعارض مع منطلقاتهم الفكرية القائمة علي التعددية وحرية الرأي والمنافسة, فإذا بهم يصنفون الآخر وفقا لانتمائه الفكري دون نظر إلي سلوكه وأدائه الفعلي, ويطالبون بإقصاء ذلك الآخر المتمثل في أصحاب الفكر الشمولي مستندين إلي نفس الأسباب أي باعتبار الفكر الشمولي وأصحابه يمثلون خطرا حقيقيا يهدد ثوابت المجتمع ويشوه هوية الوطن.
لقد شهدنا لسنوات طوال من يتصايحون عند إسناد منصب لشخص معين سواء في مجال الإعلام أو الإدارة محذرين منه باعتباره شيوعيا أو إخوانيا حتي لو لم يكن كذلك, و دون انتظار لطبيعة أدائه, بل دون الاستناد إلي ما قد يشين تاريخه العملي, وحتي لو لم يسبق أن امتدت يده إلي المال العام ولم تحم حول سمعته الشخصية الشبهات; بل يكفي الاستناد إلي تاريخه الفكري لإدانته والتحذير منه والعمل علي إقصائه.
إن حقيقة أن الموقف الإقصائي لا يقتصر علي أصحاب الرؤي الأحادية قد ثبتت بشكل علمي منذ عام1993, ومن خلال مقياس أحادية الرؤية الذي شاركت أستاذي الراحل رشدي فام منصور في تصميمه; الذي قام عدد من أبنائنا بالاعتماد عليه في إنجاز أطروحاتهم للحصول علي درجات الماجستير والدكتوراه في علم النفس.
ولكن يبدو أن الحقيقة العلمية الجافة الباردة التي ترصدها البحوث في صورة جداول إحصائية دقيقة ومضبوطة, يختلف وقعها حين تتجسد في الواقع الاجتماعي الشخصي الحي. ولذلك فقد صدمني المشهد الراهن كما لوكان أمرا جديدا مستغربا.
لقد أسفرت الانتخابات عن فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين رغم التاريخ السياسي الملتبس للجماعة ورغم تذبذب مواقفها حيال السلطة, ورغم ما يكتنف حجم عضويتها وتمويلها من غموض. رغم كل ذلك فقد اختارتها الغالبية النسبية للمصريين; وكانت المفاجأة أن ثمة أصدقاء أفاضل لا أشك لحظة في إخلاصهم للوطن ولا يستطيع منصف إنكار انحيازهم للدولة المدنية و للفكر الليبرالي; إذا بهم وقد أفزعتهم نتيجة الانتخابات يندفعون إلي تبني ما يبدو متعارضا تماما مع جوهر الفكر الليبرالي وأسس المجتمع المدني, فقد احتج البعض بأن فوز مرشح الإخوان المسلمين كان بفارق أصوات ضئيل متناسين أنه علي الرغم من صحة ذلك فإن أحدا من مفكري المجتمع المدني الديمقراطي لم يشترط حصول الفائز علي نسبة معينة من الأصوات.
ووصل الأمر بالبعض إلي القول إن نتيجة الانتخابات كانت اختيارا خاطئا من جمهور متخلف أمي وأنه لا ضير من أن تقوم النخبة بتصويب المسار, متناسين أن فكرة الانتخابات بصورتها الجماهيرية الراهنة كانت من إنجازات الليبرالية الأوروبية; في حين أن الاختيار النخبوي للحاكم والذي يقتصر علي رأي أهل الحل والعقد ينتمي إلي مرحلة ما قبل التنوير الليبرالي التي كرست تصويت العامة دون قيود.
ويطالب بعض الأصدقاء بتفعيل قرار قديم لمجلس قيادة ثورة يوليو52 يقضي بحل جماعة الإخوان المسلمين وحظر نشاطها ومصادرة ممتلكاتها, متناسين أن حق المتهم في محاكمة عادلة أمام قاضيه الطبيعي واحد من أهم أسس المجتمع المدني.
لقد استثمرت جماعة الإخوان المسلمين في سبيل وصولها للسلطة تاريخا طويلا من الخدمات الاجتماعية والطبية والتعليمية التي رسخت شعبيتهم, كما استثمرت تعاطف قطاعات من المصريين مع الجماعة باعتبارها جماعة مضطهدة; و لكن شيئا من ذلك لم يضمن لها فوزا كاسحا في الانتخابات; ولعل تلك الحقيقة تؤكد أن كل الاحتمالات واردة في الانتخابات المقبلة.
وإلي أن يحين وقت تلك الانتخابات فلا سبيل لكسب الجماهير بكلمات أو بشعارات مهما يكن صدقها ومهما يكن إخلاص أصحابها. ولا جدوي من العودة بعجلة التاريخ للخلف بحثا عن دكتاتور عادل. لا سبيل سوي تأكيد احترام إرادة الجماهير و الالتصاق بها مع الاستمرار في النقد الموضوعي للسلطة القائمة.
المزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.