شيخان من القضاة الشرعيين فوق قمة الهرم الأكبر ومثلهما يرتقبان ظهوره من خلال تليسكوبات مرصد حلوان وآخران من أعلى المئذنة الكبرى بجامع الأزهر، هؤلاء الشيوخ انتدبهم فضيلة مفتى الديار المصرية لتلمس رؤية هلال رمضان. والأمر يتكرر في مناطق أخرى في البلاد، فالكل في انتظار ثبوت الرؤية من أي منهم أو الإجماع على أن الهلال قد غم عليهم ليكملوا عدة شعبان. وعقب غروب شمس التاسع والعشرين من شعبان تتوجه الأنظار إلى السرادق المقام في ساحة المحكمة الشرعية العليا، حيث ينتظر العلماء والوزراء والكبراء وأئمة الطرق الصوفية ما سيتوالى من المنتدبين للرؤية الذين تحققت فيهم الشروط الشرعية. وتأتى الأخبار من هنا وهناك بعدم رؤية الهلال من تلك المواقع، فتتصل دار الفتوى المصرية برئيس المحكمة العليا في بيروت المقاربة للتوقيت المصري، فيجيب بالنفي ويكاد يعلن تأجيل البهجة يوما واحد بعد اتصال بمدير مديرية أسوان ليؤكد أن الهلال غم عليهم، غير أن برقية تصل توا من رئيس محكمة أسيوط تزف بشرى رؤية الهلال، تلتها برقية أخرى من قاضي محكمة سمنود تؤكد ثبوتها، فيخرج فضيلة رئيس المحكمة العليا ليتلو البرقيتين بالبشرى بأن الغد هو أول أيام رمضان وأنه موافق للحساب الفلكي، ويبلغ سراي عابدين العامرة بالنبأ السعيد ووزارة الحربية لتطلق 21 طلقة من 21 مدفعا، ويأمر وزير الأوقاف بإنارة مئذنة مسجد الرفاعي وبقية مآذن القاهرة احتفالا بالشهر المبارك. هذا هو مضمون التقرير الذي نشرته جريدة الأهرام عن ليلة الرؤية فى عددها الصادر في غرة رمضان 1356ه الموافق 4 نوفمبر 1937م و25 بابة 1654ق وننشره هنا كنموذج لما يحدث في ليلة الرؤية. الأهرام رمضان 1954 والأهرام رمضان 1937