على مدى ثلاثة أيام قضيتها فى بلاد النشامى المملكة الاردنية الهاشمية، وقفت أمام العديد من المظاهر التى تستحق التوقف عندها فى ذلك البلد العربى الشقيق الذى يرتبط مع مصرنا الحبيبة بعلاقات متميزة وصلات نسب، فهى أول بلد لمصر من ناحية الشمال الشرقي، حيث خليج العقبة الذى يربط بينهما، وهناك نحو 700 الف من العاملين المقيمين فى الأردن، ويحظون بالاحترام والتقدير لدورهم خصوصا فى قطاعات البناء والزراعة وحراسة العقارات، لذا تحتل الأردن مكانة كبيرة عند المصريين، زادت وتوثقت تلك المكانة مع ثورة 30 يونيو المجيدة عام 2013، وكان الاردن فى طليعة الدول العربية التى أيدتها، ولايخفى على أحد ان التنسيق والتشاور بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والملك عبد الله الثانى على أعلى مستوي، خاصة أن البلدين يجمعهما هم مشترك هو القضية الفلسطينية، ومن هنا تبدو أهمية العلاقات المصرية الأردنية وضرورة العمل على توطيدها وتقويتها، لكن ما استوقفنى هذه المرة رغم انها ليست الزيارة الأولى، تلك التركيبة السكانية التى وإن بدت كل منها متمسكة بتراثها وثقافتها الا ان تجتمع وتتشارك فى التراث العام للملكة الاردنية والثقافة العربية، وتلك من وجهة نظرى المتواضعة واحدة من عبقرية الأردن حكما وشعبا وأرضا، فالبلد العربى ذو المساحة الجغرافية التى تقترب من التسعين ألف كيلومتر مربع ، يكتظ بها عشرة ملايين نسمة، بينهم ستة ملايين اردنى والبقية مابين فلسطينيين وسوريين وعراقيين وهم من يمثلون نسبة كبيرة من الملايين الأربعة المتبقية من العشرة ، إلى جانب العمالة التى تنتمى لعديد الدول العربية والإفريقية والآسيوية، كل هذا التنوع الثقافى والعرقى يجعل الاردن بلدا متعدد الثقافات «كوزوموبوليتان» حتى الملايين الستة الذين يحملون الجنسية الاردنية يمثلون الثقافة العربية ممثلة فى الأردنيين وهم من عرقيات عدة عربية وهم الأكثرية ومعهم الفلسطينون الذين حصلوا على الجنسية منذ سنوات بعيدة وشركسية وكردية وأرمينية وشيشانية ، لكن الجميل أن كل هؤلاء يتعايشون معا فى إطار نسيج ثقافى واحد بعدما ذاب الكل فى الثقافة العربية وإن احتفظ كل منهم بتراثه ولغته، والأجمل أن يتم ذلك برعاية الدولة التى تسمح لكل أقلية بأن تقيم مدارس واندية خاصة بها، وهناك الزى التقليدى، ولهم ممثلون فى مجلسى الأعيان والنواب، ويرفع الجميع شعار الأردن أولا، باعتباره القاسم المشترك الذى يجمع تحت رايته الطوائف والقبائل بغض النظرعن العرق أو الجنس أو الدين ، وفى كل اللقاءات التى جمعتنا مع مسئولين سياسيين او اعلاميين او رياضيين وجدنا الخلطة السحرية التى تجمع الكل دون تمييز وان احتفظ القلب بالحب للجذور حتى وإن لم يكن عاش فيها أو زارها، لكنها الجينات المتوارثة وليس فى ذلك عيب، وكان لافتا للنظر ايضا حركة البناء التى تعيشها عمان تحديدا من خلال مشروع الباص السريع الذى ربما حل مشكلة أزمات السير التى لاتنتهى نظرا للكثافة السكانية فى العاصمة ذات التلال السبع والتى تصل إلى أربعة ملايين نسمة، وهو عدد كبير قياسا بالمساحة الجغرافية التى تبلغ 7500 كم مربع، وبالتالى كان التفكير فى إتاحة الفرصة أمام المواصلات السريعة، وخلال الزيارة سنحت الفرصة للقاء مع الدكتور محمد ابورمان وزير الوزارتين، الشباب والرياضة والثقافة ودار الحوار فى حضور الدكتور عاطف الرويضان مدير المدينة الشبابية واللجنة التأسيسية للاتحاد الأردنى للثقافة الرياضية برئاسة الإعلامى محمد قدرى حسن، حول حاجة الشباب فى الوطن العربى للجمع مابين الثقافة فكرا وفلسفة وممارسة الرياضة، فتزاوجهما كفيل ببناء انسان راشد يفيد مجتمعه وأمته، وتبنى الدكتور ابورمان فكرة تأسيس اتحاد للثقافة الرياضية فى الاردن مشيدا بالمبادرة المصرية فى هذا الشأن، ومطالبا بالتعاون مع الاتحاد المصرى للثقافة الرياضية من أجل تحقيق الهدف الاهم لدى الشباب وهو تصحيح المفاهيم ونشر القيم لتنعكس على سلوكياتهم وتعاملاتهم فى المجتمع، وجمعنى والفنان القدير سامح الصريطى والصديق كمال النجدى وكيل وزارة الشباب والرياضة لقاء مع أساتذة كلية التربية الرياضية بالجامعة الأردنية وكان فى مقدمتهم الدكتورة سميرة العرابى نائب العميد المصرية الأصل، ودار الحوار حول ضرورة أن يكون للثقافة الرياضية وجود ضمن المناهج التعليمية لصقل المعلمين والمدربين من خريجى الكلية، والتأكيد على أن ممارسة الرياضة او تشجيعها يتطلب تفهما لقيمها وفلسفتها لتنعكس على السلوك العام للممارس والمشجع على السواء وكان اللقاء مع ناصر المجالى الأمين العام للجنة الاولمبية والبطلة مها البرغوثى الأمينة العامة للجنة البارالمبية فى حضور البطل أحمد ابو الغوش صاحب أول ذهبية أولمبية للأردن، ودار الحوار حول أهمية تفعيل قيم الرياضة ليعرف المجتمع أهمية ممارسة ذوى الإعاقة للرياضة من أجل دمجهم فى المجتمع، وتحويل نظرة الشفقة والعطف إلى تشجيع ودعم يمكنهم من رفع راية بلادهم فى المحافل الدولية، واتفق الجميع على احتياج العرب للرياضة أكثر من اى أمة اخرى نظرا لوجود عقليات تميل إلى الفخر والانتماء العشائرى والقبلى على حساب الوطن والمبادئ والقيم. لمزيد من مقالات أشرف محمود