يشهد مصنع الغزل والنسيج بأسيوط الذى أنشئ عام 1971 على مساحة 90 فدانا حالة من الإهمال الشديد والتى بدأت مع تطبيق سياسات الخصخصة وتفتيت المصنع تمهيدا لبيعه ثم تطبيق نظام المعاش المبكر ليواجه المصنع الانهيار بسبب الاستدانة من البنوك لسداد رواتب العاملين وقد تراجع عددهم من 5000 آلاف عامل وموظف إلى 300 فقط، وقد تسبب إهمال صيانة الآلات واستخدام خامات رديئة فى تهالك المعدات، التى لم يتم تحديثها منذ افتتاح المصنع وتم بيع جزء من أراضى المصنع ويجرى الآن بيع الخردة الموجودة لتدبير نفقات ومرتبات العمال. وتردى وضع المصنع لدرجة نزاع الجميع على الاحقية فى ارض المصنع واكتفى المسئولون به بالحديث عمن له حق البيع. وفى عام 2009 تقدموا بمذكرة لمحافظ أسيوط حول أرض المصنع، موضحين فيها أن إجراءات البيع بدأت عام 2006 من خلال الشركة القابضة للغزل والنسيج وأن من رسى عليهم المزاد لم يسددوا الثمن وتم إلغاء البيع. وفى نوفمبر 2009 تم بيع الأرض للبنك الأهلى وبنك مصر مع تخصيص مساحة 30 ألف متر للمحافظة، مقابل توصيل المرافق للأرض،ثم قام البنك الأهلى وبنك مصر بطرح مساحة 40 ألف متر للبيع بالمزاد العلنى بتاريخ 30 يناير 2012 إلا أن من تمت ترسية المزاد عليهم عام 2006 نشروا تحذيرا لعدم إتمام المزاد لان الأرض محل نزاع قضائى ولاعتراض العاملين بالمصنع على إجراءات البيع. العمال من جانبهم اقاموا دعوى قضائية ضد كل من شارك فى عمليات البيع والتنازل عن الأرض البالغ مساحتها 105 آلاف متر مربع من أراضى مصنع الغزل مقابل إسقاط الديون عن الشركة لدى البنوك، وأعلن العمال تضررهم فى الدعوى من قرار رئيس الشركة القابضة بتشكيل لجنة لتقدير سعر المتر بتلك المنطقة. وانتهت اللجنة إلى أن سعر المتر يقدر بنحو2400 جنيه، فى حين أن السعر العادل وقتها كان يقدر بنحو 20 ألف جنيه وهو ما يعنى أن سعر الأرض يقدر ب 2 مليار و100 مليون جنيه وقت البيع (تقريبا). وطبقا للعملية الحسابية التقديرية لعملية التثمين للأرض ب 2400 فى مساحة 105 آلاف متر فإنها تقدر ب 252 مليون جنيه، وبما أن الشركة تنازلت عن الأرض مقابل إسقاط الديون فان تلك الحصيلة ربما تكون هى قيمة الدين لذا تمت التسوية وهو ما يعد إهدارا كبيرا.. وفى عام 2014 قام الجهاز المركزى للمحاسبات بفتح ملف المصنع وأصدر تقريرا فجر عددا من المفاجآت منها: أن اتفاقية تسليم الأرض تقضى بأن يتم تسليم الأرض للبنك الأهلى وبنك مصر فى ضوء الاتفاق الإطارى لتسوية مديونيات شركات قطاع الأعمال العام المتعثرة مع البنوك المملوكة للدولة، فى إطار إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، لسداد ديون الشركات المتعثرة مقابل قطع من الأراضى على أن تقوم الشركة القابضة بنقل ملكية قطع الأراضى إليها، وذلك مقابل إصدار شهادات إبراء الذمة للشركات عن مديونياتها، ويتم سداد المستحق للبنوك حتى 30/6/2004. وأثبت تقرير الجهاز أن التنازل عن المساحة للمحافظة كان خدمة للبنكين، ولم يحقق أى منفعة للشركة، بالمخالفة لما جاء بمذكرة رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة، وأكبر دليل السعر المتدنى الذى بيعت به الأرض. وانتهى تقرير الجهاز لوجود وقائع، تشير إلى تعد على المال العام، يستدعى تدخل الشركة القابضة لإحاطة المسئولين بمدى الغبن الذى وقع على شركة الوجه القبلى للغزل والنسيج من جراء تنفيذ هذه الاتفاقية. وقد استجابت الشركة القابضة لبعض توصيات الجهاز المركزى، وقامت برفع مذكرة لوزير الاستثمار فى 22/9/2014 للنظر فى إلغاء التنازل عن مساحة ال 30 ألف متر مربع والتى تزيد قيمتها الآن على مليار جنيه لمحافظة أسيوط، وعودتها للشركة القابضة للغزل والنسيج للتصرف فيها، نظرا لأن المحافظة لم تقم بقرار التقسيم.. من جانبه، قال اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط إنه فى إطار سياسة الدولة لإحياء وتشغيل المشروعات المتوقفة ومنها مصنع الغزل والنسيج بأسيوط تمت دعوة جميع الأطراف المعنية، من مسئولى الشركة القابضة ومسئولى المصنع ومسئولى البنكين اللذين تم تخصيص نحو 105 آلاف متر لهما، لسرعة إنهاء المشكلات المتعلقة بالأرض وإسقاط ديون البنكين وكذلك استرداد حق الدولة المتمثل فى نحو 30 ألف متر مربع وجميع هذه الأرض ضمن الأرض الفضاء غير المستغلة بالمصنع والبعيدة تماما عن خطوط الإنتاج التى ستظل ملكا للشركة القابضة. وبالفعل تم عقد جلسة أولية تحت رعاية مجلس الوزراء ووزارة التنمية المحلية لوضع الحلول بما لا يضير أيا من هذه الأطراف وسوف تعقد جلسة ثانية خلال أيام لمناقشة ما تم التوصل إليه فى ظل القرارات الجديدة التى صدرت فى هذا الشأن. وأكد المحافظ أن هذا المصنع بحاجة للتطوير أسوة بما سيحدث فى مصنع «سيد» للأدوية بأسيوط وذلك بالتعاون مع شركات متخصصة قوية.. لافتا إلى أن هناك عددا من العروض تجرى دراستها الآن من خلال الشركة القابضة للغزل والنسيج مالكة المصنع لتطوير خطوط الإنتاج ولتعظيم الفائدة منه لسرعة عودة الحياة للمصنع من جديد.