أطلق الأمريكى جوليان أسانج موقع الوثائق السرية «ويكيليكس»، الأشهر على شبكة الانترنت الدولية فى عام 2006، ليصدم العالم فى أول إطلاله له على الفضاء الإلكترونى، بتلك الصور الدامية التى تسربت من وزارة الدفاع الامريكية، وتبدو فيها إحدى المروحيات العسكرية الأمريكية، وهى تمطر سكان إحدى القرى العراقية بوابل من النيران، فلم تفلت منهم أحدا، حتى سيارات الاسعاف التى هرعت لإنقاذ المصابين. على مدى أكثر من عشر سنوات، نجح جوليان أسانج بالتعاون مع عشرات من مخترقى المواقع الالكترونية الرسمية، فى فضح العديد من الحكومات والانظمة حول العالم، قبل أن يفجر مفاجأته المدوية مع نهايات عام 2017، بسلسلة من الوثائق الخاصة بوكالة الاستخبارات الامريكية، والتى كشفت بوضوح العديد من الطرق والوسائل التى يستخدمها جهاز المخابرات الأشهر فى العالم، لاختراق بلايين الاجهزة الالكترونية، والهواتف المحمولة. قبل سنوات لجأ جوليان أسانج إلى سفارة الاكوادور فى لندن، فلم يغادرها طيلة سبع سنوات إلا قليلا وتحت حراسة مشددة، فقد اصبح رأسه مطلوبا ليس فقط بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية، وإنما للعديد من أجهزة المخابرات فى العالم، ويبدو أن تلك الدولة الصغيرة من دول امريكا الجنوبية، وجدت فى حمايتها للقرصان الأشهر فى العالم، فرصة للعب مع الكبار، قبل أن يصدم أسانج الرئيس الاكوادورى نفسه، بمجموعة من الصور، تضمه وعائلته أثناء عطلة فى واحد من أفخم الفنادق الأوروبية. بدا الرئيس الإكوادورى لينين مورينو، أقرب ما يكون إلى أمراء الأساطير القديمة، وهو يجلس نصف نائم على سرير فاخر، بينما تحفل طاولة صغيرة أمامه فى واحدة من الصور المسربة، بأشهى أطباق المأكولات البحرية، بينما شعب الإكوادور يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، دفعت الحكومة الى إعلان حالة التقشف العام، وتقول الصحف الاوروبية تعليقا على قرار الاكوادور بانهاء لجوء جوليان اسانج، أن ثأرا شخصيا بينه ومورينو هو الذى يقف وراء هذا القرار المفاجئ، فالى جانب تلك الصور، نشر اسانج نصوص عشرات من رسائل البريد إلالكترونى المتبادلة بين مورينو وزوجته، وبينهما ومسئولين حكوميين، ورجال أعمال تكشف عن فساد بين الرجل الذى لم تمض على ولايته سوى نحو عام واحد. سلمت الاكوادور أسانج الى بريطانيا، إيذانا بفتح ملف كبير مثقل بالاتهامات التى تتراوح ما بين العبث بالامن القومى والاغتصاب والتحرش، وهو ما يعنى أن مؤسس ويكيليكس قد بات على بوابة الجحيم، ذلك الذى عانت منه العديد من الحكومات والانظمة على مداى أكثر من عشر سنوات، وضع خلالها أسانج آلافا من الوثائق السرية والمعلومات على قارعة الطريق. لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى