لا تزال هنالك مسافة بين ما يجرى عملياً وبين الإعلان الرسمى عن تبنى الدولة لسياسة الشمول المالى، وترويجها لمزايا جذب أكبر عدد من المواطنين للتعاملات البنكية ودفع التزاماتهم بالموبايل، واستهداف التقليل من التداول النقدى، والنتائج الإيجابية على النمو الاقتصادى..إلخ. ويكفى الإشارة إلى أن أكبر شركات الموبايل لم تعتمد بعد أساليب الدفع الالكترونى لفواتيرها، ولا تزال تجبر المتعاملين معها على الاصطفاف فى طوابير للدفع نقداً بالطريقة البدائية، بل كثيراً ما تتكرر أعذار الموظفين بأن «السيستم واقع»! بما يعنى انتظاراً أطول أو المغادرة والعودة مرة أخرى! برغم أن هذه الشركات هى الأقرب من غيرها فى الدخول إلى هذا المجال، على الأقل لأن طبيعة عملها توفر لها جيشاً من الموظفين العاملين بالفعل والذين يجيدون استخدام التقنيات المطلوبة. أما الجديد الذى يسير أيضاً ضد السياسة المُعلَنة، فهو ما وقع فيه واحد من أكبر البنوك الرسمية، حيث إن بطاقة الفيزا التى يصدرها، والمخصصة للتعاملات عبر الانترنت، والمدفوعة قيمتها مقدما، معطلة منذ أكثر من شهر، وأصبح على صاحبها أن ينسى أنه، بعد أن تحمس لسياسة الدولة، وبعد أن بذل جهداً فى اجراءات استخراج البطاقة، وانتظر أسابيع حتى إصدارها، صارت لديه كالعدم، وأن عليه أيضاً أن يعود للطوابير للدفع النقدى! وأغرب ما فى الموضوع هو المفاجأة دون تمهيد، حيث يكتشف المتعامل بالبطاقة رفض اعتماد تعاملاته على الانترنت، وبعد أن يكرر المحاولة يتأكد أن ثمة شيئاً، ويبذل جهداً آخر للاتصال بالبنك للاستفسار، فيُفاجأ بالرد الجاهز بأن هناك خطأ ما، كما أنه ليس هناك أى وعد بالحل، بل وبنصيحة من خدمة العملاء أن يلجأ للتعاملات التقليدية وأن يعود إلى الطوابير والدفع النقدى! أضِف إلى هذا أن ماكينات الصرف الآلى، التى كان هناك وعد بزيادة أعدادها وتوسيع انتشارها، تتعطل كثيراً، فلم يعد صاحب الحساب يأمن فى أن يعتمد عليها وصار يُفضِّل أن يكون بحوزته السيولة النقدية الكافية لاحتياجاته. مطلوب من الحكومة إعلام الجمهور بتفسير ما يحدث مع وعد بإصلاح سريع وتحديد موعده. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب