ماذا تريدين فى عيد الأم؟سؤال يطرح على كثير من السيدات قبل الحادى والعشرين من مارس من كل عام.أريد أن تكونوا بخير وسعداء ...إجابة أولية عامة،تتبعها بعد الإصرار اقتراحات بهدايا خاصة أو أدوات منزلية. لكن بعيدا عن التمنيات الطيبة ولم شمل الأسرة فى احتفال دافئ صغير وتلقى الهدايا، هل فكرت يوما ماذا تريدين حقا كأم ؟خلال محاولتى الإجابة عن هذا السؤال تذكرت نصيحة قدمتها جدة أمريكية للأمهات فى حلقة قديمة من برنامج باوبرا وينفرى»، حيث شجعتهن على ممارسة أمومتهن باستمتاع أكثر وقلق أقل. واذا توقفنا عند هذه النصيحة سنجد أن القلق والخوف والإجهاد هى الأصدقاء الدائمون للأمهات فى كل العصور ولكنهم أصبحوا رفاقا أكثر ملازمة لأمهات هذا العصر.تنشأ الصداقة بين الأم والقلق منذ اللحظة الأولى لمعرفتها بأنها حامل.فالقفزات التكنولوجية فى عالم الأشعة التليفزيونية والتحاليل، والتى كان الهدف الأساسى منها متابعة أفضل للحمل وتجنب المشكلات، وبالتالى طمأنة السيدات، سرعان ما تحولت إلى مصدر آخر من مصادر التوتر والهم، خشية أن يتم اكتشاف عيب مفاجئ فى الجنين ونموه . وبعد ولادة الطفل تتوثق روابط الصداقة بين الأم والقلق وتزداد قوة مع تجاوز الطفل مرحلة بعد مرحلة، وتجد الأم رأسها مزدحما بأسئلة تشغلها بالنهار وتؤرقها بالليل حول تطور اولادها وصحتهم وتعليمهم وصداقاتهم ومستقبلهم العملى والاجتماعى. أسئلة يمكن اعتبارها إرثا تاريخيا موصى به لكل الأمهات على مر العصور، لكن الجديد بالنسبة لأمهات اليوم ليس القلق على أولادهن فقط ولكن المبالغة فى القلق على أدائهن كأمهات. فالأمومة لم تعد مسألة غريزية طبيعية وتلقائية، بل يتم إخضاعها لتطبيق النظريات واكتساب المهارات والتقييم وعقد المقارنات.ولهذا انتشرت كتب ومجلات التربية والأمومة والطفولة، وتضاعفت مواقع الإنترنت التى تتناول تلك الموضوعات، فضلا عن البرامج التليفزيونية التى تقدم النصائح حول كيفية تهذيب الأطفال والتى تلقى إقبالا كبيرا من المشاهدين، وكأن ممارسة الأمومة بحاجة إلى فصول تقوية! نعم فى الماضى كانت هناك نصائح الجدات النابعة من خبراتهن تتناقلها وتتبادلها الأمهات الشابات للمساعدة فى تربية أولادهن،مثلها مثل وصفات الطهو، ولكنهن كن أكثر ثقة فى قدرتهن كأمهات، وأكثر احتفاء باختلاف شخصياتهن والبيئات والظروف المحيطة بهن، والتى ستؤثر حتما على أسلوب التربية.أما فى عصرنا فقد تحولت الأمومة وتربية الأطفال إلى صناعة لها خبراؤها وكتالوجاتها تحاول استغلال القلق والتوتر المرضى لدى أمهات اليوم...أمهات مكبلات فى أغلب الأحيان بعقدة الذنب تجاه الأبناء، يتوقعن أكثر من اللازم من أنفسهن ومن فلذات أكبادهن،وتكون النتيجة اللف فى دائرة مفرغة.وللخروج من هذه الدائرة تأتى النصيحة الذهبية استمتاع أكثر... قلق أقل.أدرك تماما أنها نصيحة صعبة التطبيق فى عالم محفوف بالمخاطر من عشوائية فى السلوك فى الشارع والمدرسة والنادى،وطوفان من الأفكار السلبية والفجاجة على مواقع التواصل الاجتماعى والفضائيات فارغة المضمون وغياب المثل الأعلى .ولكنى أدرك أيضا أن الانغماس فى القلق والتوتر والخوف لن يقضى على هذه المخاطر، بل يجعلنى فقط عابسة وحادة فى التعامل مع ابنائى، وأخشى أن يحاولوا لاشعوريا أن يتجنبوا الحديث معى للتقليل من المشاحنات.لا أريد أن تبقى صورة الأم العصبية المتوترة دائما مطبوعة فى أذهانهم .ربما لو نجحنا كأمهات فى السيطرة على قلقنا ومخاوفنا سيمنحنا ذلك مساحة أكبر للاستمتاع بكل مرحلة نمر بها مع أولادنا. لمزيد من مقالات هناء دكرورى