منذ أطلقت الممثلة الأمريكية أليسا ميلانو «هاشتاج» MeToo# أو#أنا أيضا من الولاياتالمتحدة فى أكتوبر 2017، داعية نساء العالم لمشاركة قصصهن، انتشرت الدعوة بشكل فيروسي، وأصبح «الهاشتاج» بمثابة دفتر أحوال عالمى لتوثيق وتسليط الضوء على مئات الحكايات التى روتها نساء تعرضن للتحرش والاعتداء الجنسي، وانضمت آلاف السيدات والفتيات حول العالم ليتشاركن بقصصهن المؤلمة ، وبرغم سطوة ثقافة «العيب» لم تكن المجتمعات العربية بعيدة فامتد الخط ليمر بلبنان والمغرب والجزائر والخليج ومصر، وأخيرا لم تعد المشاركة مقصورة على التدوين على «الهاشتاج» بل استجمعت فتيات مصريات شجاعتهن وخرجن بمقاطع فيديو يكشفن فيها عن حوادث تحرش تعرضن لها ويروين كيف يمكن مواجهة المواقف المماثلة وكيفية النجاة منها. مثل ذلك الحراك العالمى صحوة اجتماعية تتحدى بها النساء عجز الصمت عن الاعتداء والخجل منه، وأسهم توافر الأدوات التكنولوجية اللازمة للانتشار عبر مواقع التواصل الاجتماعى فى نجاح الحراك وتطوره. وبطبيعة الحال لم يكن هذا التغير الاجتماعى النوعى بعيدا أيضا عن حركة النشر منذ مطلع العام الماضي، حيث صدر العديد من الروايات والكتب التى عكست شجاعة النساء، وتناولت تغير النظرة إلى الحركة النسوية وعنصرية «الجندر» والعنف الاجتماعى الأمر الذى يفتح تساؤلات ونقاشات حول مستقبل هذا الحراك، وعما إذا كان سيقف عند هذا الحد أم أنه سيتسع ليتخطى النضال ضد الاعتداءات الجنسية إلى النضال ضد التمييز بحق النساء أيا كان نوعه ومستواه فى المجتمع الذكوري. جمعت جيسيكا شوارتز فى كتابها «لست وحدك» قصص الناجيات من الاعتداءات لتقدم دفعة أمل عبر حكايات هؤلاء النسوة، حيث لا يهدف الكتاب إلى مشاركة قصص الاعتداء وإزاحة عبء الصمت والبوح بها بقدر ما يهدف إلى تقديم تجارب وخبرات لكيفية النجاة واستئناف الحياة. ويأتى كتاب «الخير والغضب: القوة الثورية لغضب النساء» لريبيكا ترايستر كأحد أكثر الكتب مبيعا خلال العام الماضى وتم اختياره من قبل أكثر من صحيفة كأفضل كتاب فى العام. يتتبع الكتاب تاريخ الغضب النسائى كوقود سياسى تحولي، خاصة إذا كان جماعيا كما حدث فى حراك #أنا أيضا. كما يتناول دور الغضب فى تحديد حقوق المرأة فى التصويت والحركات النسائية فى القرنين التاسع عشر والعشرين، وتجادل ترايستر بأن الغضب هو مصدر أساسى لسلطة المرأة ، وأنه قد حفز التغيير على مدى تاريخى وعمل على تغذية الحركات الاجتماعية الرئيسية فلم يكن غضب النساء محفزا سياسيا فحسب ، بل كان يمثل مشكلة سياسية. موضحة قصة غضب الأنثى وأهميته الثقافية، والتاريخ الطويل من الاستياء المرير الذى كرس صعود المرأة البطيء إلى السلطة السياسية فى أمريكا ، وكذلك الطرق التى يتم تلقى الغضب بها عندما تأتى من النساء بدلا من أن تأتى من الرجال. على جانب آخر فإن «يا أولاد.. ماذا يعنى أن تكون رجلا» يقدم رؤية مختلفة حيث تحاول راتشيل جيز أن تدرس كيف يمكن للتعريفات الضيقة للرجولة أن تعيق التطور العاطفى والاجتماعى للرجال. وتجادل حول إنه بينما يتم تشجيع الفتيات على توسيع حدود الأنوثة ، فإن الأولاد يفتقرون إلى إطار مفيد مماثل. بدلا من ذلك ، غالبا ما يواجهون رسائل حول الانفصال عن العاطفة، والسيطرة على النساء، وتجنب الروابط العميقة والهادفة مع بعضهم البعض. يوضح الكتاب أهمية الاستثمار الاجتماعى فى الأولاد وإعادة تعريف ما يعنيه أن يكون رجلا. وفى الأدب استلهمت بعض الكاتبات من هذا الحراك روايات عن اضطهاد النساء والتمييز ضدهن ورصد الاعتداءات اللاتى يتعرضن لها فتغيرت طبيعة حكايات السرد ربما لأسباب تجارية أو ربما لتلبية احتياجات القراء الذين يرغبون فى قراءة أدب يعكس المستجدات فى حياتهم ؛ فأتت رواية إرين كيلى الجديدة «أمهات متحجرات» لترصد كيف تتعامل المجتمعات مع النساء اللواتى يرفضن الخضوع للأعراف والتقاليد، وتأتى رواية «إدانة» لدينيس مينا لتروى تفاصيل قضية اغتصاب رفيعة المستوى، وكذلك رواية روزى برايس «هكذا كان الأحمر» التى تحكى بلسان فتاة تعرضت للاعتداء كاشفة عن تأثير مثل تلك الحادثة على الناجين منها، ولا تختلف كثيرا رواية «مفضلته» لكيت والبرت التى تروى قصة طالبة مراهقة تم إجبارها من قبل معلمها المتلاعب.