آخر ما كتب الشاعر الكبير حلمي سالم

حرير من الهند

. قسم جراحة الصدر هادئ
لأن المصدورين لا يحبون أن يروا كلماتهم تخرج مصحوبة بألام.
قلت لآمر المشاة:
أريد أن أتملي حبيبي
قبل معراجي
أغمضت عيني
وبين صحو ونوم كانت كأنها
شعرها الطويل مفرود علي الموائد,
بجوار المقصات, والبيتادين, وجهاز التنفس الصناعي,
كان فلاحون ينشدون:
غزال البر صابح ماشي
المشارط مصقولة
والجفت متسع لأمعاء آدميين
قبلني حبيبي في فمي
وترك ريقه ببلعومي
كلما تسري الريق في عظيم خففت
حتي صرت مرفرفا فوق المجمع الطبي كاليمامة
وحينها فوق, أعلي
جاءني صوت حبيبي:
أنا في يمينك وشمالك كالشمس
أنا, أمامك ووراءك: كالشجرة,
أنا تحتك وفوقك: كالأرض الخراب
أنا حولك كفرس النبي,
فأدخل امتحانك الملون
كي تخرج أخا لياسمين
رنت بحة المقرئ الطروب:
بلي قادرين علي أن نسوي بنانه
خلف المقرئ الطروب كانت التي حملتني وهنا علي وهن
نزيح طرحتها وتهمس لي:
انتبه يا أبن بطني
ليس عند الكولونيل من يكاتبه
فكاتبه
وأشرح له وضعه الذي علي حافة الهاوية
وأشرح لنا وضعنا الذي
علي حافة الهاوية
قل للضابط الطبيب الذي قص الورم:
منكم بلسم الجرح
ومنكم كرابيج الظهور
منكم رب السيف والقلم,
ومنكم رب هتك عذرية العذاري,
منكم مغاوير رأس العش
ومنكم مغاوير ماسبيرو
فيا ايها البلسم الكرباج
ما الوجه وما القناع؟
أردف المقرئ الطروب:
كل يوم هو في شأن
جارتنا المحكمة الدستورية العليا مضاءة
فرن منطوق حكم نهائي:
هنا فاشية بحرير من الهند
هنا مذبحة برشوش عليها قرنفل وحبهان
هنا نصف ثورة,
آهات مجروحين إذ يولج الليل في النهار
وآهات مجروحين إذ يولج النهار في الليل
صاح طفل من عنبر الأطفال:
ما هذه البنادق الطائرة
من قلب الضلوع؟
قالت بنته الكبيرة:
هذه بشارة ميلاد مدينة من عدم
وقالت بنته الصغيرة:
هذه بشارة ميلاد شخص من عدم