فى محافظة الدقهلية، وتحديدا أهم منطقة حيوية بمدينة المنصورة، يطلق اسم «سعد زغلول» على أهم شارع قريب من ديوان المحافظة، الذى يمتد حتى محور توريل البحري، ويضم الاستراحة ومقر الرقابة الإدارية وعددا من البنوك ومديرية الرى وغيرها من المؤسسات السياسية، وكذلك الحال فى مدينة ميت غمر، نجد أيضاً شارع سعد زغلول الشريان التجارى بالمدينة، الذى تم إعادة رصفه وإنارته مؤخراً، فالدقهلية لها قصص وحكايات تعكس خصوصية وانخراط الأهالى لدعم ثورة 19 وتقديم التضحيات النفيسة التى تجاوزت 150 شهيدا. يقول المهندس حسين منصور نائب رئيس حزب الوفد بالمحافظة ومن أبناء ميت غمر إن أهالى الدقهلية سباقون إلى التضحية والفداء، وأول طالب سقط شهيدا برصاص الإنجليز كان فى مظاهرات 19 بحى الأزهر بالقاهرة، وهو من أبناء الدقهلية، الشهيد مصطفى ماهر أمين 16 سنة بالمدرسة السعيدية الثانوية، وقد وثقت كتب التاريخ تضحيات أبناء الدقهلية ودورهم فى الثورة، ومن اللافت أن 3 نساء من الدقهلية سجلن ضمن شهيدات الثورة، وهن سيدة بنت بدران من كفر الوزير، ورقية بنت أحمد متولى من تفهنا الأشراف، وحنيفة أم عجوة من دنديط، وكلها مناطق تابعة لمركز ميت غمر. وفى المنصورة اجتمع طلاب المدارس الثانوية يوم 14 مارس 1919 فى منتزه الكناني، فاستمعوا إلى خطبائهم، ثم كونوا مظاهرة سلمية طافت المدينة، وفى يوم 18 مارس قامت مظاهرة سلمية كبري، اخترقت شوارع المنصورة فى نظام وهدوء لم يسبق له مثيل، ولكنها لم تكد تصل إلى نهاية شارع السكة الجديدة حتى فاجأها الجنود البريطانيون، فأطلقوا النار على المتظاهرين دون تحذير أو إنذار، فتحولت إلى مجزرة مروعة قتل فيها أكثر من 24 شهيدا وأصيب كثيرون بجراح دامية. ويضيف منصور أن أهالى قرية ميت القرشى مركز ميت غمر، خرجوا بمظاهرة سلمية طافت حول بلدهم، وكان هناك قطاريقل 150 جندياً بريطانياًيمر بهم فى ذلك الوقت، فوقف القطار ونزل بعض الجنود واستوقفوا المتظاهرين، وكان يقودهم محمد مأمون عبد المعطى نجل عمدة القرية، فسألوه عن تلك الجموع، وأخبرهم بأنها مظاهرة سلمية، ولم يكد يبتعد عنهم حتى عاجلوه برصاص بنادقهم فسقط قتيلاً، وتفرق الجمع، وتعقبهم الجنود بمدافعهم الرشاشة وطاردوهم فى الحقول، فسقط أكثر من 100 شهيد. وتشير وثائق عبد الرحمن الرافعي، إلى أنه فى نفس اليوم مر القطار المسلح بكفر الوزير، فخرج نفر من الأهالى لمشاهدته وكان على مقربة من السكة الحديدي، كان هناك رجل يمر بماشيته، فأراد أن يبتعد بها عن الخط لحمايتها، فأصابته وماشيته طلقات نارية أودت بحياتهم، وصوب الجند الرصاص نحو الأهالى فقتل منهم من قتل. وفى 27 مارس 1919 نزل الجنود الإنجليز ببلدة تفهنا الشرفا «تفهنا الأشراف حاليا»، وطلبوا من عمدتها الشيخ عبد العزيز القرموطى إخراج رجال من بلدته للعمل فى إصلاح السكة الحديدي، ولم يمهلوه حتى يفكر فى مطلبهم، وإنما انطلقوا يقتحمون منازل البلدة، ويسلبون ما تصل إليه أيديهم من مال ومؤونة، وقتل فى هذه المعركة حوالى 15 من الأهالي. ويشير نائب رئيس حزب الوفد، إلى سقوط 20 شهيدا بالمنصورة فى 8 يوليو عام 1931 عندما قام مصطفى النحاس بزيارة إليها. فخرج الجنود الإنجليز وأمطروا المواطنين بوابل من الرصاص، وأصيب النحاس فى الهجوم، كما ينوه إلى دور بعض رموز المنصورة فى دعم ثورة 1919، مثل محمد الشناوى الذى إستقبل الزعيم سعد زغلول فى قصره، لكنه يؤكد أن ثورة 1919 كانت شعبية وشاركت فيه كل فئات الشعب المصري، وهى أول حركة شعبية يقودها زعيمها من خارج مصر وأجبرت المحتل الإنجليزى على الخضوع لمطالب الشعب المصرى فى الحرية والاستقلال.