يُوقِع البعض أنفسهم فى تناقض صارِخ عندما يقولون الشىء وعكسه! مرة يُدينون السادات بأشدّ الألفاظ، لأنه، بكلماتهم، ابتلى مصر باستعادة الإخوان إلى الساحة بعد العزلة التى فرضها عليهم عبد الناصر، وأنه انتشلهم من السجون، وشجَّع من كان منهم قد استبد به الرعب من تصدى الدولة لهم، وسمح لهم بالعمل العلنى، ووعدهم بأن تُغمِض أجهزة الأمن العين عنهم فى اعتداءاتهم على خصومه من الناصريين والشيوعيين..إلخ! ويقول هؤلاء إن هذه السياسة دمَّرت الحياة السياسية فى مصر، وأضرت بالمجتمع المدنى وأشاعت الذعر بين العاملين فى العمل العام من تعقب الإخوان لهم، وأن هذا ارتد بمصر إلى العصور الوسطى..إلخ! ولكن إذا بهؤلاء، وعلى طرف النقيض من موقفهم هذا، يقولون، بعد 25 يناير، إن للإخوان تاريخا وطنيا، وإنهم شركاء فى الثورة! بل واشتطوا فى حماسهم المستجد للإخوان إلى أن أعلنوا تأييدهم لممثل الإخوان فى معركة الرئاسة، وشنوا إرهابا فكريا فى الصحف وعلى التليفزيون أثناء الحملة ضد من تصور أن الأفضل لمصر مؤقتا، فى تلك المرحلة، وبعد أن ضاقت الاختيارات، أن يؤيد منافس الإخوان حتى إذا كان على خط مبارك، لأن السقوط فى هوة الإخوان أشدّ خطرا! والأكثر غرابة، أن أحداً من هؤلاء لم يقدم نقدا ذاتيا بسبب موقفه من السادات، على الأقل فيما يخص الرأى الجديد بأن للإخوان تاريخا وطنيا، كما لم يسع أحد إلى تفسير رفضه المطلق القديم ضد الإخوان وضد السادات بسبب معاونته لهم! من حق بعض القائلين بهذه الارتباكات أن يُفتَرَض فيهم حُسن النية، وأن يُعزَى تناقضُهم لقلة العلم والدراية والخبرة السياسية، وقد يكون بسبب الوقوع تحت تأثير الدعاية الإخوانية، أو أى أعذار أخرى، ولكن هذا لا ينطبق على من صاروا يتكسبون من تأييد الإخوان، خاصة بعد أن وقع الاستقطاب وأشهرت بعض الدول الثرية تأييدها للإخوان، وأغدقت بسخاء على من يتحمسون فى نفى الوقائع الدامغة عن جرائم الإخوان الإرهابية، ويشككون فى الأدلة ويطعنون فى محاكماتهم، ويُدلسّون بأن من مصلحة مصر الحوار مع الإخوان والمصالحة معهم! لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب