العالم يحتفل يوم 8 مارس من كل عام باليوم العالمى للمرأة تعبيرا وتقديرا لها ولجهودها التى لا يمكن غض الطرف عنها، باعتبارها نصف المجتمع بل المجتمع كله لأنها تنجب النصف الآخر وبما إن الست المصرية مش زى أى ست فى العالم، ولذا يجمع شهر مارس 3 احتفالات مهمة هى اليوم العالمى للمرأة وعيد الأم ويوم المرأة المصرية فى يوم 16 مارس ففى مثل هذا اليوم عام 1919 قادت المناضلة هدى شعراوى سيدات مصر فى مظاهرة وطنية، للمطالبة بحرية واستقلال الوطن، ورحيل المحتل الأجنبى، وتجلت أروع أمثلة نضال المرأة المصرية. وفى 12 مارس عام 1954، اعتصمت الدكتورة درية شفيق إحدى رائدات حركة الدفاع عن حقوق النساء فى مصر، داخل نقابة الصحفيين والإضراب عن الطعام احتجاجًا على إقصاء النساء عن اللجنة التى جرى تشكيلها لإعداد دستور للبلاد عقب ثورة 1952. وخلال وقت قصير، ذاع الخبر، وانضم إلى درية شفيق ثمانى شخصيات هن؛ منيرة ثابت، وبهيجة بكري، وراجية حمزة، ومنيرة حسنى وفتحية الفلكى وإلهام عبد العزيز، وسعاد فهمي، وأمانى فريد. بعد أيام قليلة، ساءت حالتهن الصحية، فنٌقِلَ الاعتصام إلى مستشفى قصر العيني، وبعد 8 أيام من الإضراب، أرسل رئيس الجمهورية اَنذاك محمد نجيب موفدًا عنه ببرقية يؤكد فيها أن حقوق النساء سيشملها الدستور الجارى الإعداد له كاملة غير منقوصة. وبعد سنتين صدر الدستور الذى عرف ب دستور 1956، يتضمن مادةً تكفل حق النساء فى الترشح والانتخاب، ومن ثم صدر قانون مباشرة الحقوق السياسية فى 3 مارس من ذلك العام، لينص على هذا الحق للنساء ليشاركن فى انتخابات مجلس الأمة التى أجريت فى يوليو من عام 1957، وأسفرت عن انتخاب امرأتين هما راوية عطية وأمينة شكري. إن الموروثات الثقافية تعد من التحديات التى تقف أمام قدرة البلدان على تحقيق التنمية الشاملة، إذا ما كانت تلك الموروثات عائقا ضد تمكين المرأة من حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فالموروثات الثقافية فى مصر حكمت على المرأة فى بلدنا ب الختان وعدم المساواة مع الرجل والزواج المبكر، الذى يؤدى الى ولادة متكررة، وبالتالى انهاك المرأة جسديا ونفسيا، ودائما أتذكر أنى قابلت مريضة فى قصر العيني، وكانت حاملا فى جنينها الخامس، وعندما سألتها عن سنها لم تكن تعرف، وعندما نظرت فى بطاقتها اكتشفت أن عندها 20 سنة، مع أن شكلها يوحى بأنها فى الأربعينيات. الاهتمام بالمرأة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا، يبنى جيلا جديدا يمثل عنصرا أساسيا من عناصر الإنتاج ، ولن يتكون هذا الجيل إلا كان جيلا صحيح البدن ولديه القدر الكافى من التعليم والتدريب اللازم الملائم لاحتياجات سوق العمل، والكافى لمشاركة هذا الجيل فى عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، جيلا قادرا على الابداع والابتكار، وبالتالى فإن قضية المرأة والطفل لا ينفصلان، كما أن الاستثمار الحقيقي فى البشر قبل الحجر، فالاستثمار فى المرأة والطفل يحققان التنمية المستدامة فى المجتمع، فكيف تبنى المرأة هذا الجيل إذا لم تمكن اجتماعيا ًواقتصاديا وسياسيا وثقافيا. إن ما يحمى المرأة فى مجتمعاتنا أمر من ثلاث، إما أسرة متماسكة اجتماعيا تدافع عن حق ابنتها ،أو ثروة مع الزوجة تجعلها قادرة على الاستقلال عند اللزوم، أو مكانة ووظيفة وحاضرا ومستقبلا فى عمل يتيح للمرأة حرية اتخاذ القرار دون الخوف من المذلة والاحتياج. والثالثة هى أهمهم فيجب ألا تتخلى المرأة عن عملها ولا مستقبلها المهنى والوظيفى مهما تكن الظروف. وطريق المرأة لبناء مستقبلها وضمان حريتها والحفاظ على كرامتها هو التعليم المحترم. فعلى كل أم وكل أب تعليم ابنته ، قد يكون هذا هو الطريق الوحيد والفرصة الأكيدة لحمايتها فى المستقبل. الدولة المصرية اتخذت خطوات كبيرة فى قضية تمكين المرأة ، فقد أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى على عام 2017 عام المرأة المصرية ، وفى عهده ضم مجلس الوزراء أكبر عدد من الوزيرات فى تاريخ المجلس وهو أكبر تمكين للمرأة فى السلطة التنفيذية ، وفى السلطة التشريعية ضم مجلس النواب عددا كبيرا من نائبات الشعب وهو تمكين من نوع آخر، ورغم كل هذا مازلنا نتطلع إلى المزيد فكما قلت فى البداية إن المرأة هى كل المجتمع ، لذلك الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية 2015-2030 ، التى وضعت من أجل مواجهة معدلات زيادة السكان المتسارعة والارتقاء بنوعية حياة المواطن المصرى وتحسين خصائصه، وإعادة توزيع السكان، تلك الاستراتيجية تتضمن محورا أساسيا من محاورها الخمسة وهو محور تمكين المرأة . هذا المحور الذى من أهدافه رفع نسبة مساهمة المرأة فى قوة العمل من 23% إلى 35% ، ونشر ثقافة دور المرأة الإيجابى فى سوق العمل لإحداث التنمية، ورفع نسبة الإناث فى المناصب القيادية والإدارية العليا فى القطاع الحكومى من 11% إلى 20% ، وخفض نسبة بطالة المرأة فى الريف من 20.2% إلى 15%. إننا فى حاجة إلى مزيد من الإجراءات التى تدعم مشاركة المرأة فى سوق العمل، من خلال دراسة القوانين وتعديلها إذا أمكن ذلك، وزيادة حصول المرأة على القروض ودعم المرأة الريفية، الحد من العنف ضد المرأة، وإقرار قانون لمواجهة العنف المنزلى والزواج المبكر، إضافة إلى تفعيل تطبيق قانون منع ختان الاناث، وتفعيل آليات الشكوى والملاحقة القانونية، واستحداث آليات تنفيذية للقانون، واتخاذ الإجراءات الكافية للتأكد من تنفيذ القوانين المتعلقة بالختان والزواج المبكر والتحرش الجنسي. أخيرا فإن تمكين المرأة هو الحل.فلها كل التحية والإجلال والتقدير. لمزيد من مقالات د. عمرو حسن