فى مثل هذا اليوم منذ مائة عام، انطلقت ثورة 1919 التى كانت ولاتزال مدرسة للوطنية المصرية، كما وصفها المؤرخون وعلى رأسهم عبدالرحمن الرافعى الذى اعتبرها ثورة سياسية بمعنى الكلمة، فلم تقم لصراع طبقى أو مذهبى، ولم تعبر عن فئة دون أخرى، لكنها قامت وتواصلت على مدى 4 سنوات (منذ 1919 حتى 1922) تحت شعار قومى واحد «الدين لله والوطن للجميع». كما انها الثورة الأم التى تظاهرت فيها المرأة التى جوار الرجل، تطالب بالاستقلال وتدعو لتحرير حواء وتمكينها فى حركة نسائية عارمة، قادتها صفية زغلول وهدى شعراوى، وفى الوقت نفسه ألقت بظلالها على الحركة الأدبية والثقافية والفنية آنذاك، فعبر كل فصيل عن هذه الثورة فى مجاله، تحت لواء قومى جمع شقى الأمة «مسلمين وأقباطا» تحت راية واحدة عنوانها «الهلال يعانق الصليب». لذلك لم يكن مفاجئا أن يلتحم خلالها الريف بالمدن فى مختلف المحافظات، فما أن انطلقت شرارتها فى 9 مارس 1919حتى خرج الفلاحون والعمال والطلاب فى مختلف ربوع مصر معبرين عن تأييدها، ويستنكرون نفى زعمائها، «سعد زغلول وحمد الباسل وإسماعيل صدقى ومحمد محمود» إلى مالطة، والجميع يردد هتافا واحدا «الاستقلال التام أو الموت الزؤام». ومن هنا لا يجوز للبعض اختزال زعمائها فى عدد محدد، أو قصرها على حزب واحد، كما كان يردد الزعيم سعد زغلول قائلا: «ليس يعنى أن يطالب حزب الوفد باستقلال مصر، فإن بقية الاحزاب لا تريد الاستقلال، فالكل يعمل من أجل مصر وتحقيق مطالب الأمة». وعلى الرغم من إعلان انجلترا استقلال مصر فى شكل مملكة بمقتضى تصريح 28 فبراير 1922، إلا أن سنواتها الأربع تستحق المراجعة وإعادة القراءة من جديد، فزعماؤها الذين هم مؤسسو الوفد وعددهم 11مناضلا الذين اجتمعوا لأول مرة بمنزل حمد باشا الباسل، لا يتسع المجال هنا لذكر أدوارهم، لأن كل منهم سطر فصلا من فصول هذه الثورة التى كانت بالفعل مدرسة للوطنية المصرية ولاتزال. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالعظيم الباسل