«راجعوا أصدقاء أبنائكم وزملائهم فى المدرسة والجامعة وفتشوا فى سلوكياتهم، استعلموا عن تربيتهم، فى الوقت نفسه راقبوا أولادكم بمحبة واقتربوا من عالمهم الخفى أكثر وصاحبوهم، حتى لا يفترسهم الأشرار كما فعلوا بمحمد ابن الخامسة عشرة الذى دفع حياته ثمنا لمصادقة رفقاء السوء وغدرهم به». كأن صوتا يصرخ بذلك ليسمع الجميع فوق جثة محمد الفتى الذى قتله أصدقاؤه من قرناء الكيف خشية افتضاح امرهم بعد أن دفعوه للسرقة من أجل شراء المخدرات فى قرية دقادوس مركز ميت غمر، حيث مولد ومقام الإمام الشيخ محمد متولى الشعراوي، كان محمد هذا الصبى الذى يدرس بالصف الأول الإعدادى مثل زهرة متفتحة ووردة يانعة فى روضة الطفولة يخطو بحماس نحو العلم والدراسة لكى يخفف العبء عن والده العامل البسيط فى مصنع الغزل والنسيج ووالدته ربة المنزل المسكينة التى تدخر ما تستطيع وتربى بعض الطيور حتى تمضى سفينة الحياة آمنة ولا تمد يديها إلى أحد، خاصة مع وجود شقيق آخر أكبر منه هو أحمد عمره 18 سنة ولم يتمكن من الحصول على فرصة عمل. ولأن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن فقد ألقت الأقدار فى طريق محمد أربعة من الصبية المراهقين أعمارهم بين 15 و17 سنة، ممن سقطوا فى براثن الكيف والمخدرات ونشأوا فى بيئة فاسدة وأهملوا دراستهم تماما وأحدهم أسرته جميعا من أصحاب السوابق. ومنذ فترة نجح الأشرار فى إجبار محمد على سرقة نقود من والدته لتدبير ثمن الكيف، ولكنهم عندما طلبوا تكرار ما حدث مرة ثانية ظل مترددا لعدة أيام، فهو يعرف جيدا كيف تشقى أمه لتدبر القليل من المال لمعيشتهم. لم يتحمل ضميره فأخبر والدته بأن زملاءه طلبوا منه أن يسرقها من أجل المخدرات، لكن شيطان الكيف لم يتركه فعاد ليعبث فى حافظة نقودها ليلتقط منها النقود، فاكتشفت الأم ما حدث ونهرته وأمرته أن يبتعد عن هؤلاء الأولاد تماما وحذرته من الخروج معهم وتظاهر بالامتثال لأمرها. أعتقدت الأم أن الموضوع انتهى عند هذا الحد. غير أن رفقاء السوء بعد أن علموا بأن صديقه أبلغ والدته، فخافوا من انتشار الخبر فى القرية، فبيتوا النية للانتقام منه، فاستدرجوه إلى مكان مهجور خلف المعهد الدينى بدقادوس، وقام اثنان منهم بطعنه بمطواة ثلاث طعنات أودت بحياته، بينما ضربه الآخران بعصا حتى حطما وجهه. وبعد العثور على الجثة تم إبلاغ الشرطة ولأهمية وخطورة الواقعة فى قرية هادئة يعمها السلام مثل قرية دقادوس، وجه اللواء محمد حجى، مدير أمن الدقهلية تحت إشراف اللواء محمد شرباش مدير مباحث المديرية، بسرعة التوصل على الجناة. وتوصلت التحريات إلى أن آخر ظهور للمجنى عليه كان مع عدد من أصدقائه كريم أ. «16 عاما» وإبراهيم ف «16 عاما» وحسام أ «17 عاما» وعبد الرحمن أ «15 عاما» فتم تشكيل فريق بحث جنائى بإشراف العميد أحمد شوقى رئيس مباحث الدقهلية والعقيد محمد الخولانى رئيس فرع البحث بجنوب الدقهلية، ضم الرائد محمد الهلالى رئيس مباحث بندر ميت غمر ومعاونيه النقيبين إسلام فتحى وعبد الله البنا ومن خلال خطة البحث وتتبع الأصدقاء، حيث توصلت التحريات إلى أنهم اعتادوا تعاطى المخدرات رغم حداثة أعمارهم ولما كانوا يعجزون عن تدبير ثمنها يلجأون لسرقة أهاليهم وطلبوا من محمد ذلك فأطاعهم فى الأولى لكنه تردد فى الثانية وفضح أمرهم وأخبر والدته فخشوا فضح أمرهم فى القرية، فقرروا التخلص منه فاستدرجوه وقتلوه. وبعرضهم على نيابة ميت غمر قررت حبسهم وتم إخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن بالحادث.