لا نريد أن نستبق التحقيقات النهائية للإعلان عن أسباب حدوث كارثة محطة مصر, وما حدث على الرصيف رقم (6), والتى راح ضحيتها ما يقرب من 63 مواطنًا ما بين قتيل ومصاب, وبعض المصابين إصابتهم خطيرة جدًا لأنها تتعلق بحروق شديدة يصعب التعافى منها. كل الشواهد تشير إلى أن الإهمال هو سبب هذه الكارثة, حيث تشير التحقيقات الأولية إلى وقوع مشاجرة بين السائقين, وترك أحدهما كابينة القيادة دون أن يتخذ إجراءات إيقاف محرك الجرار, وتوجه لمعاتبة قائد الجرار الآخر, مما أدى إلى تحرك الجرار مرتكب الحادث دون قائده ليصطدم بالمصد الخرسانى ويقع الانفجار الرهيب فى محطة مصر. صحيح هناك مشاكل فى السكك الحديدية وتحتاج إلى ميزانية ضخمة لإصلاحها, لأنها أخطاء متراكمة منذ عقود طويلة, مما يصعب حلها فى يوم وليلة, لكن المشكلة أن القاسم المشترك الأعظم فى كل الحوادث هو الإهمال القاتل بسبب غياب ثقافة الجدية فى العمل. ماذا يعنى أن يتشاجر السائقون حتى لو أن هناك مشكلة ما؟.. الطبيعى أنه فى حالة حدوث خطأ أن يعمل الجميع على حل المشكلة وعلاج الخطأ قبل وقوع الكارثة.. لكن أن يقوم السائقون بالمشاجرة والقفز من كابينة القيادة فتلك هى الكارثة الحقيقية. ما حدث هو عرض لمرض خطير موجود فى كل نواحى المجتمع, وهو آفة الإهمال واللامبالاة, فالموظف يجلس على مكتبه ولا يريد أن يعمل, والحارس على بوابات العقارات والمصانع والهيئات مشغول بعمل الشاى والبحث عن السجائر, وهكذا للأسف فى معظم الأعمال بلا استثناء. أتمنى الانتهاء من التحقيقات الفنية والجنائية بسرعة لمعرفة الأسباب الحقيقية لذلك الحادث البشع, تمهيدًا لبدء مرحلة جادة وشاملة لعلاج تلك الأسباب, وهذا هو المهم. لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة