وزير النقل: شبكة القطار الكهربائي السريع ملحمة وطنية كبرى    تحصين 10110 رأس ماشية في أول أيام انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية في الدقهلية    وزير السياحة يطلق اليوم حملة ترويجية سياحية تحت شعار إحنا مصر    محافظ المنوفية يقرر صرف مساعدات مالية ومواد غذائية لعدد من الحالات الإنسانية    وزير الصناعة والنقل يتفقد مصنع الملابس الجاهزة بالمنطقة الصناعية الثانية بمدينة 15 مايو    خسائر بملايين الشواكل.. توقف حركة القطارات في إسرائيل بسبب حادث بكابلات الكهرباء    قافلة المساعدات الإنسانية المصرية ال16 تدخل قطاع غزة لدعم الفلسطينيين    محمد صلاح: علاقتي ب فان دايك استثنائية.. ولحظة التتويج بالدوري لا تُنسى    "لم يقدم عرضاً حتى الآن".. ليكيب: لانس يستهدف التعاقد مع مصطفى محمد    مصر تحصد ذهبية تتابع المختلط في بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 سنة    حملات تفتيشية مفاجئة لضبط التكاتك المخالفة لخطوط السير بمدينة الزقازيق    حظر بيع وتداول وتركيب عدادات المياه غير المدموغة من مصلحة المصوغات والموازين    عاجل- روسيا تعلن دعمها لمرشح مصر خالد العناني لتولي منصب مدير عام اليونسكو    «شاعرة جامدة».. عمرو دياب يوجه رسالة لمنة القيعي خلال حفله بالساحل الشمالي (فيديو)    بحضور شقيقه ومصطفى كامل.. أحمد سعد يتألق بحفله الثاني في مهرجان "ليالي مراسي"    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    «الرعاية الصحية» تطلق مبادرة لاستقطاب الخبرات الطبية المصرية العالمية    السيطرة على حريق محول كهرباء بالبدرشين    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي بقيمة 11 مليون جنيه    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    قرار من جامعة حلوان للطلاب الجدد بشأن التقديمات والكشف الطبي    "لا يصلح".. نجم الأهلي السابق يكشف خطأ الزمالك في استخدام ناصر ماهر    قمة إنجليزية.. مواعيد مباريات اليوم الأحد    "الجونة السينمائي" ينعى مدير التصوير تيمور تيمور    من جبل الطير إلى درنكة.. صوم العذراء يعيد إحياء مسار العائلة المقدسة    موعد آخر فرصة لتقليل الاغتراب والتحويلات بتنسيق المرحلتين الأولى والثانية    الأنبا مقار يترأس القداس الإلهي بكنيسة البابا أثناسيوس بالعاشر    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض الحرارة والعظمى تسجل 31 درجة    ثلاث ولايات أمريكية ترسل قوات من الحرس الوطني إلى واشنطن    إصلاح الإعلام    فتنة إسرائيلية    صناديق «الشيوخ» تعيد ترتيب الكراسى    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    الشناوي يعود لحراسة مرمى الأهلي.. سيف زاهر يكشف التفاصيل    رويترز: سماع دوي انفجارات قرب محطة للكهرباء في العاصمة اليمنية صنعاء    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 17 أغسطس 2025    "محدش يقدر يمنعني".. طارق سليمان يعلق على أزمة تعليقه على أداء حراس الأهلي وشوبير يتحمل هدف فاركو    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    رويترز: المقترح الروسي يمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ويشترط اعتراف أمريكا بالسيادة على القرم    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    «مش عايز حب جمهور الزمالك».. تعليق مثير من مدرب الأهلي السابق بشأن سب الجماهير ل زيزو    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    البيت الأبيض يرد على تقارير العثور على وثائق تخص قمة ألاسكا.. ماذا قال؟    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    «قطاع الأعمال»: تجهيزات نهائية لبدء إنتاج مصنع «الملاكي»    أسباب وطرق علاج الصداع الناتج عن الفك    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناقصني إني أقدر أطير
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 09 - 2012


كتب:مصطفي ريان
لم يكن بلتاجي او‏ (‏بلتا‏)‏ بالنسبة لنا شخصا عاديا‏,‏ كان حالة استثنائية‏..‏ وربما كان ذلك سر تجمعنا حوله‏...‏اما عن ذلك العكاز الذي يتوكأ عليه فلم يكن بالنسبة له مصدر ضعف‏,‏ بل كان طوال الوقت مصدر قوة‏. كنا عندما نجري تقسيمة كرة كان يغازل به ويحرز اهدافا غير عابئ بالاصابات التي طالما طالت وجوهنا منه, ولذلك كان دوما محل اعتراض علي الفريق الذي يضمه ابن الكلب ابو راسين ده مايتحسبش بواحد.. دة بتلاته يا عم انت وهو, حتي عندما كنا نقسم الأرض بحبل الغسيل مقررين أن نحولها لملعب كره طائرة, كان بلتا يتألق ويحرز نقاطا كثيرة به, حتي في تلك الليالي التي نعبر فيها نحو الجانب الآخر ساهرين عند النهر كان بلتاجي يستخدمه كمجداف عدوا الجمايل بقي عدوا.. خيري عليكو ارض وبحر.. كان بلتاجي بالنسبة لنا شلالا يعم بالخيرات, فكثيرا ما يحدثنا عن بلاد لا نعرف عنها سوي الاسم, وعندما يحدث لأحدنا مشكلة مع من يحب يأتي إليه فيبتسميا سيدي بسيطة حلها كذا وكذا,فما يلبث أن يعود فرحانا حاملا معه زجاجات البيرة وتكون ليلة من ليالي العيد نقضيها فوق سطح بيته, فبعد أن( نضرب) كيلو المشكل الوصاية من عند( عنتر الحاتي).. و(نحبس) بالحشيش الذي يجيد بلتاجي لفه كأمهر ابناء الكار, يكون قد وصل لحظتها لأعلي درجات الانسجام, فيترك البيرة ويمسك جيتاره ويعزف الحانا عزبة نتراقص علي انغامها وعلي كلمات اغانيها التي تكون من تأليفه ايضا, ثم يعلو الانسجام أكثر وأكثر, فيغني عبد الوهاب( رجب حوش صاحبك عني) وتغني هيفاء( الاطلال) ويغني فريد الاطرش(ياطبطب وادلع) وتغني ام كلثوم( شخبط شخابيط) ونظل هكذا حتي تطلع الشمس فيصيح فينا(يلا بقي روحوا يا ولاد الكلب انتو مالكوش بيوت تلمكو ولا ايه).. مرة وحيده فقط رأيته فيها ضعيفا.. يوم زفاف( ريهام) الوحيدة التي احب, في تلك الليلة ارتدي بلتا بدلة كاملة كأجمل ما يكون وذهب وغني وتراقص كل من في الحي علي انغامه, ثم طلب مني أن نذهب عند النهرعايز اشم هوا شويه وهناك ارتمي علي كتفي وبكي بكاء مريرا:
- وليه ماصارحتهاش بحبك؟
فأشار إلي قدميه: ومين دي اللي ترضي تضيع عمرها مع واحد بعاهة؟
كانت هذه المرة الوحيدة التي أراه فيها ضائقا بعاهته أو أصلا شاعرا بها.. إلا أنه لم تمضي سوي ايام قلائل وتأكدت من نسيانه لها عندما حدثتني( مدام هدي) المطلقة اللعوب جارتناابن الكلب ابو عاهة ألاقيه سايبلي50 جنيه رغم ان الاتفاق كان100 ؟ ورغم ذلك لم تقطع علاقتها به فكثيرا ما كنت اشم برفانها يصدع من ملابسه كشمس الضحي, فابتسم ويضحك هو لابتسامتي و(يخبط) بذراعيه كتفي مشيرا بأصبعه شكل( الجوان):- بقولك إيه ماعكش حاجه حلوة؟
ومضت السفينة تشق وجه النهر في هدوء حتي جاء ذلك اليوم الذي زأرت الرياح فيه بوق العاصفةمازلت اذكر تفاصيله جيدا...
كنت اجلس انا وهو علي المقهي عصر ذلك اليوم لا اعرف ما الذي جعلني اسأله:- قولي يا بلتا لو لاقيت خاتم سليمان تطلب ايه من الجني؟
فنظر إلي وكأن السؤال مس وترا حساسا بداخله.. ثم نظر إلي ذلك الصقر المحلق في السماء:- هطلب منه الشيء الوحيد اللي ناقصني. رددت مستغربا: إيه؟- ناقصني اني اقدر اطير.
الجمني الرد كأنه القي بي فجأة إلي قاع قاع البحر بغير قارب نجاة فقلت محاولا الخروج:- لكن انت فعلا طرت قبل كده لما سافرت العمرة.
ولكنه اسكتني بسكينه الحاد: لما تفرد جناحك في السما وتطير غير لما تركب حديدة بتطير.
في تلك اللحظه شق اذاننا صوت دراجة بخارية منطلق بها شاب لم يكمل عامه الثامن عشر, عندما مر امامنا ارتفع بها حتي وقفت علي عجلتها الخلفية وانطلق بها كرمح المعركة.... لحظتها لا اعرف كيف قام بلتا بحركة واحدة وقفز نحو الموتسيكل وظل ينظر نحوي ويزأر- اهو انا نفسي ابقي زي الواد ده يا رضا.. نفسي اطير زيه.تغير بلتا بعدها,, بات يجلس في بيته اياما طويلة, لا نراه إلا دقائق معدودة يظل يحدثنا فيها عن الموتسيكلات وانواعها واسعارها ومسابقتها العالمية وابطالها.. وعندما ازوره في بيته اجد في لوحات رسمه صورا له وهو يطير بالموتسيكل كصبي المقهي, وصورا له وهو فارد جناحيه طائرا في السماء, وصورا اخري لصقر محلق رأسه هو.. ولا اعرف لماذا ولد بداخلي لحظتها احساس كئيب حاولت طرده بغير ذي فائدة. حتي جاء ذلك اليوم الذي ذهبت إليه أنه اوحش الرفاق وأنهم يريدون عودة ليلة من ليالينا القديمة.. حاول التهرب ولكني صممت: الناس جهزت الحاجة ماتبقاش رخم بقي. جاء علي مضض وبعد وقت قليل وجدته يهمس في اذني: يلا نروح نبارك للواد عصام... النهاردة افتتاح محل العجل والموتسيكلات بتاعه- عجل ايه اللي عايزنا نسيب الناس علشانه دة؟فرد في حسم: هتيجي معايا ولا اروح لوحدي؟في تلك اللحظة عاودني نفس الشعور الكئيب وفشلت ثانيا في محاولة طرده.بعد أن بارك وجلس بعض الوقت قام يتفقد المحل, وقف أمام احد الموتسيكلات وظل يتفحصها كجوارهرجي حفيص يقلب قطعة ماس اصلية: بقولك ايه يا عصام انا هجرب الحتة ديرد مستغربا: ايه؟بقولك هجربها اعتبرني زبون يا اخي.- ايوة يا بلتاجي بس ماتأخذنيش يعني انت.. قاطعه هادئا: قصدك يعني علشان العكاز اطمن يا سيدي ماهو رضا هيكون معايا وبعدين مش جايز اشتريه منك.كمن القوا عليه فجأة شلال ماء مثلج رددت: اطمن يا عصام علي مسؤليتي. وما أن ابتعدنا حتي وجدته يخبط علي كتفي:- بقولك إيه ماتنزل وتخليني انا اللي اسوق.رددت بحسم حاجبا عنه شمس الامل: بقولك إيه بلتا انت صحيح صاحب عمري لكن دي امانة.
بعدها رن جرس تليفونيmarymcalling- مش هترد عليها؟
- لأ لما نوصل هكلمها يا ابني البت بتحبك اركن ورد عليها.وما أن ادرت ظهري حتي وجدت صوتا يصعق اذني: ماتزعلش مني يا صاحبي لكن ده حلم عمري.التفت فوجدته منطلقا بالموتسيكل كصقر يسبح في السماء الرحبة, انطلقت ورأه مناديا ولكنه لم يلتفت.. لحظتها توقفت الأرض عن الدوران, تضاءلت علي وسعها وانكمشت لتصبح مسرحا بلتا هو بطله الأوحد.. هو المؤلف والمخرج والممثل هو كل عناصره, وهو الجمهور ايضا....اوقف الموتسيكل علي عجلته الخلفية وانطلق به ثم اصبح يدور ويدور كراقص التنورة ذروة لحظات التوهج والتوحد والاندماج.. ثم انطلق نحو الجانب الآخر, حاول التوقف لكن غواية النهر كانت اسرع من استوب المخرج. طوال الليل والغواصون يبحثون عنه, و لم يجدوه إلا مع شروق شمس اليوم التالي.... بعدها ظل اهالي الحي يعتبون علي لأني انا صديقه الاقرب لم احضر عزاءه.. ولكن كيف احضر وبلتا كان سهرانا معي فوق سطح بيته طوال الليل, شابا وسيما منطلقا كأجمل ما يكون...( ضربنا) كيلو المشكل الوصاية من عند عنتر الحاتي ثم( حبسنا) بالبيرة والحشيش.....
بعدها كان بلتا كان وصل لاقصي درجات الصهللة و الاندماج فقال شعرا عذبا, ثم امسك جيتاره وغنينا ورقصنا, وغنت ام كلثوم( بوس الواوا) وغنت هيفاء وهبي( الاطلال) وغني عبد الوهاب( آه هي دي) وغني سعد الصغير( يا وابور قولي رايح علي فين), بعدها تركني بلتا وفرد جناحيه في السماء:
- انا أهو قدرت اطير يا رضا,,, قدرت احقق حلمي واطير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.