نائب رئيس جامعة أسوان يتابع سير أعمال الامتحانات بكلية الآداب    قيادي بمستقبل وطن: عودة الحوار الوطني يؤكد قدرته على دعم جهود الدولة    العاملين بالبناء تشكر القيادة السياسية على النهضة التي تشهدها مصر بالطرق والكباري    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    لإنتاج 1000 ميجاوات.. تفاصيل افتتاح محطة كهرباء من الرياح    مطار القاهرة يسير اليوم الثلاثاء 527 رحلة جوية لنقل أكثر من 66 ألف راكب    جرائم إسرائيل.. وأمريكا «2»    «الوزراء السعودي» يجدد رفض المملكة القاطع مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها السافرة    إصابة جندي بولندي في عملية طعن على يد مهاجر غير شرعي    مانشستر يونايتد وجيرونا مهددان بأزمات فى بطولات يويفا بسبب تضارب المصالح    مدرب منتخب الطائرة يتحدث عن حظوظ الفراعنة في أولمبياد باريس    «ميدالية ال 12».. ياسين حافظ يثير الجدل باحتفال جديد مع إمام عاشور    تشكيل زد لمباراة الداخلية بكأس مصر    التحفظ على نجل الفنان أحمد رزق في حادث تصادم بأكتوبر    تشييع جثمان شاب لقي مصرعه على يد صديقه في كفر الشيخ (صور)    تعاون جامعة عين شمس والمؤسسة الوطنية الصينية لتعليم اللغة الصينية    أفراح جوائز الدولة    الخميس.. قصور الثقافة تقيم حفل أغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمسرح السامر مجاناً    «الصحفيين» تنظم قافلة للعيون ومركز بصريات وتحاليل الأورام من الأحد المقبل (تفاصيل)    قومية سوهاج تقدم عرض اللعبة ضمن موسم مسرح قصور الثقافة بالصعيد    الأزهر للفتوى يقدم مطويَّةً فقهية توعوية للحجاج وللمعتمرين    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    تعرف علي مناطق ومواعيد قطع المياه غدا الاربعاء بمركز طلخا في الدقهلية    تأجيل إعادة إجراءات محاكمه 3 متهمين بفض اعتصام النهضة    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    "حاميها حراميها".. عاملان وحارس يسرقون خزينة مصنع بأكتوبر    شبانة: لجنة التخطيط تطالب كولر بحسم موقف المعارين لهذا السبب    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    تشكيل الدوري الإنجليزي المثالي بتصويت الجماهير.. موقف محمد صلاح    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    الجنايات تعاقب عامل بالسجن 3 سنوات لإدانته بالاتجار في الحشيش    دفاع الفنان عباس أبو الحسن: تسلمنا سيارة موكلى ونتتظر سماع أقوال المصابتين    الطب البيطرى: تحصين 144 ألفا و711 رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالجيزة    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    مراسل القاهرة الإخبارية: الآليات الإسرائيلية تسيطر ناريا تقريبا على معظم مدينة رفح الفلسطينية    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    مع اقترابهم.. فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    عاجل| مع اقتراب عيد الأضحى.. مدبولي يتابع موقف توافر السلع في الأسواق    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    فيلم السرب الأول في شباك تذاكر أفلام السينما.. تعرف على إجمالي إيراداته    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    وزيرة الهجرة تلتقي أحد رموز الجالية المصرية في سويسرا للاستماع لأفكاره    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    نقطة ضعف أسامة أنور عكاشة.. ما سبب خوف «ملك الدراما» من المستقبل؟    معهد صحة الحيوان يعلن تجديد اعتماد مركز تدريبه دوليا    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناقصني إني أقدر أطير
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 09 - 2012


كتب:مصطفي ريان
لم يكن بلتاجي او‏ (‏بلتا‏)‏ بالنسبة لنا شخصا عاديا‏,‏ كان حالة استثنائية‏..‏ وربما كان ذلك سر تجمعنا حوله‏...‏اما عن ذلك العكاز الذي يتوكأ عليه فلم يكن بالنسبة له مصدر ضعف‏,‏ بل كان طوال الوقت مصدر قوة‏. كنا عندما نجري تقسيمة كرة كان يغازل به ويحرز اهدافا غير عابئ بالاصابات التي طالما طالت وجوهنا منه, ولذلك كان دوما محل اعتراض علي الفريق الذي يضمه ابن الكلب ابو راسين ده مايتحسبش بواحد.. دة بتلاته يا عم انت وهو, حتي عندما كنا نقسم الأرض بحبل الغسيل مقررين أن نحولها لملعب كره طائرة, كان بلتا يتألق ويحرز نقاطا كثيرة به, حتي في تلك الليالي التي نعبر فيها نحو الجانب الآخر ساهرين عند النهر كان بلتاجي يستخدمه كمجداف عدوا الجمايل بقي عدوا.. خيري عليكو ارض وبحر.. كان بلتاجي بالنسبة لنا شلالا يعم بالخيرات, فكثيرا ما يحدثنا عن بلاد لا نعرف عنها سوي الاسم, وعندما يحدث لأحدنا مشكلة مع من يحب يأتي إليه فيبتسميا سيدي بسيطة حلها كذا وكذا,فما يلبث أن يعود فرحانا حاملا معه زجاجات البيرة وتكون ليلة من ليالي العيد نقضيها فوق سطح بيته, فبعد أن( نضرب) كيلو المشكل الوصاية من عند( عنتر الحاتي).. و(نحبس) بالحشيش الذي يجيد بلتاجي لفه كأمهر ابناء الكار, يكون قد وصل لحظتها لأعلي درجات الانسجام, فيترك البيرة ويمسك جيتاره ويعزف الحانا عزبة نتراقص علي انغامها وعلي كلمات اغانيها التي تكون من تأليفه ايضا, ثم يعلو الانسجام أكثر وأكثر, فيغني عبد الوهاب( رجب حوش صاحبك عني) وتغني هيفاء( الاطلال) ويغني فريد الاطرش(ياطبطب وادلع) وتغني ام كلثوم( شخبط شخابيط) ونظل هكذا حتي تطلع الشمس فيصيح فينا(يلا بقي روحوا يا ولاد الكلب انتو مالكوش بيوت تلمكو ولا ايه).. مرة وحيده فقط رأيته فيها ضعيفا.. يوم زفاف( ريهام) الوحيدة التي احب, في تلك الليلة ارتدي بلتا بدلة كاملة كأجمل ما يكون وذهب وغني وتراقص كل من في الحي علي انغامه, ثم طلب مني أن نذهب عند النهرعايز اشم هوا شويه وهناك ارتمي علي كتفي وبكي بكاء مريرا:
- وليه ماصارحتهاش بحبك؟
فأشار إلي قدميه: ومين دي اللي ترضي تضيع عمرها مع واحد بعاهة؟
كانت هذه المرة الوحيدة التي أراه فيها ضائقا بعاهته أو أصلا شاعرا بها.. إلا أنه لم تمضي سوي ايام قلائل وتأكدت من نسيانه لها عندما حدثتني( مدام هدي) المطلقة اللعوب جارتناابن الكلب ابو عاهة ألاقيه سايبلي50 جنيه رغم ان الاتفاق كان100 ؟ ورغم ذلك لم تقطع علاقتها به فكثيرا ما كنت اشم برفانها يصدع من ملابسه كشمس الضحي, فابتسم ويضحك هو لابتسامتي و(يخبط) بذراعيه كتفي مشيرا بأصبعه شكل( الجوان):- بقولك إيه ماعكش حاجه حلوة؟
ومضت السفينة تشق وجه النهر في هدوء حتي جاء ذلك اليوم الذي زأرت الرياح فيه بوق العاصفةمازلت اذكر تفاصيله جيدا...
كنت اجلس انا وهو علي المقهي عصر ذلك اليوم لا اعرف ما الذي جعلني اسأله:- قولي يا بلتا لو لاقيت خاتم سليمان تطلب ايه من الجني؟
فنظر إلي وكأن السؤال مس وترا حساسا بداخله.. ثم نظر إلي ذلك الصقر المحلق في السماء:- هطلب منه الشيء الوحيد اللي ناقصني. رددت مستغربا: إيه؟- ناقصني اني اقدر اطير.
الجمني الرد كأنه القي بي فجأة إلي قاع قاع البحر بغير قارب نجاة فقلت محاولا الخروج:- لكن انت فعلا طرت قبل كده لما سافرت العمرة.
ولكنه اسكتني بسكينه الحاد: لما تفرد جناحك في السما وتطير غير لما تركب حديدة بتطير.
في تلك اللحظه شق اذاننا صوت دراجة بخارية منطلق بها شاب لم يكمل عامه الثامن عشر, عندما مر امامنا ارتفع بها حتي وقفت علي عجلتها الخلفية وانطلق بها كرمح المعركة.... لحظتها لا اعرف كيف قام بلتا بحركة واحدة وقفز نحو الموتسيكل وظل ينظر نحوي ويزأر- اهو انا نفسي ابقي زي الواد ده يا رضا.. نفسي اطير زيه.تغير بلتا بعدها,, بات يجلس في بيته اياما طويلة, لا نراه إلا دقائق معدودة يظل يحدثنا فيها عن الموتسيكلات وانواعها واسعارها ومسابقتها العالمية وابطالها.. وعندما ازوره في بيته اجد في لوحات رسمه صورا له وهو يطير بالموتسيكل كصبي المقهي, وصورا له وهو فارد جناحيه طائرا في السماء, وصورا اخري لصقر محلق رأسه هو.. ولا اعرف لماذا ولد بداخلي لحظتها احساس كئيب حاولت طرده بغير ذي فائدة. حتي جاء ذلك اليوم الذي ذهبت إليه أنه اوحش الرفاق وأنهم يريدون عودة ليلة من ليالينا القديمة.. حاول التهرب ولكني صممت: الناس جهزت الحاجة ماتبقاش رخم بقي. جاء علي مضض وبعد وقت قليل وجدته يهمس في اذني: يلا نروح نبارك للواد عصام... النهاردة افتتاح محل العجل والموتسيكلات بتاعه- عجل ايه اللي عايزنا نسيب الناس علشانه دة؟فرد في حسم: هتيجي معايا ولا اروح لوحدي؟في تلك اللحظة عاودني نفس الشعور الكئيب وفشلت ثانيا في محاولة طرده.بعد أن بارك وجلس بعض الوقت قام يتفقد المحل, وقف أمام احد الموتسيكلات وظل يتفحصها كجوارهرجي حفيص يقلب قطعة ماس اصلية: بقولك ايه يا عصام انا هجرب الحتة ديرد مستغربا: ايه؟بقولك هجربها اعتبرني زبون يا اخي.- ايوة يا بلتاجي بس ماتأخذنيش يعني انت.. قاطعه هادئا: قصدك يعني علشان العكاز اطمن يا سيدي ماهو رضا هيكون معايا وبعدين مش جايز اشتريه منك.كمن القوا عليه فجأة شلال ماء مثلج رددت: اطمن يا عصام علي مسؤليتي. وما أن ابتعدنا حتي وجدته يخبط علي كتفي:- بقولك إيه ماتنزل وتخليني انا اللي اسوق.رددت بحسم حاجبا عنه شمس الامل: بقولك إيه بلتا انت صحيح صاحب عمري لكن دي امانة.
بعدها رن جرس تليفونيmarymcalling- مش هترد عليها؟
- لأ لما نوصل هكلمها يا ابني البت بتحبك اركن ورد عليها.وما أن ادرت ظهري حتي وجدت صوتا يصعق اذني: ماتزعلش مني يا صاحبي لكن ده حلم عمري.التفت فوجدته منطلقا بالموتسيكل كصقر يسبح في السماء الرحبة, انطلقت ورأه مناديا ولكنه لم يلتفت.. لحظتها توقفت الأرض عن الدوران, تضاءلت علي وسعها وانكمشت لتصبح مسرحا بلتا هو بطله الأوحد.. هو المؤلف والمخرج والممثل هو كل عناصره, وهو الجمهور ايضا....اوقف الموتسيكل علي عجلته الخلفية وانطلق به ثم اصبح يدور ويدور كراقص التنورة ذروة لحظات التوهج والتوحد والاندماج.. ثم انطلق نحو الجانب الآخر, حاول التوقف لكن غواية النهر كانت اسرع من استوب المخرج. طوال الليل والغواصون يبحثون عنه, و لم يجدوه إلا مع شروق شمس اليوم التالي.... بعدها ظل اهالي الحي يعتبون علي لأني انا صديقه الاقرب لم احضر عزاءه.. ولكن كيف احضر وبلتا كان سهرانا معي فوق سطح بيته طوال الليل, شابا وسيما منطلقا كأجمل ما يكون...( ضربنا) كيلو المشكل الوصاية من عند عنتر الحاتي ثم( حبسنا) بالبيرة والحشيش.....
بعدها كان بلتا كان وصل لاقصي درجات الصهللة و الاندماج فقال شعرا عذبا, ثم امسك جيتاره وغنينا ورقصنا, وغنت ام كلثوم( بوس الواوا) وغنت هيفاء وهبي( الاطلال) وغني عبد الوهاب( آه هي دي) وغني سعد الصغير( يا وابور قولي رايح علي فين), بعدها تركني بلتا وفرد جناحيه في السماء:
- انا أهو قدرت اطير يا رضا,,, قدرت احقق حلمي واطير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.