حتى وإن لقيته وعلى كتفك جبل من هموم الحياة وعلى الكتف الآخر جبل ثان من الشفقة والرثاء لحاله، سيلقاك الأسطى طارق بابتسامة ولسان لا يعرف غير حمد الله. أسطى صنايعى يستحق لف يديه بالحرير، كما يقال، رقم واحد فى مصر فى تصليح ماركة سيارات شهيرة. سنوات كثيرة لا يعلم عددها تحديدا منذ أن كان صبيا عرف بمهارته فى هذا النوع من السيارات.. فجأة يعلن أحد شرايينه العصيان وينفجر ليطفيء نور عينيه إلى الأبد. زار أطباء بلا عدد .. قالوا له : أمر الله .. رد : الحمد لله ما هى لحظات من الجلوس إليه حتى تنسى تماما أن هذا الرجل لا يرى .. حالة من الضحك والقفشات لا تنتهى طوال اليوم فى أثناء حديثه مع الجميع. هاتفه يرن .. يرد عليه دون مساعدة من أحد. يطلب من الزبون أن يأتى له بالسيارة .. يتفحص كل جزء بيد خبيرة .. يفك ويربط و يضبط و يسمع صوت التشغيل من جديد ليتأكد. عم طارق لم يعدم الحيلة بفضل الله الذى وهب له ابنه إسلام الذى كان يتمنى الالتحاق بكلية الهندسة ليستكمل تعليم الميكانيكا. لكنه يؤكد من منطلق الرضا الوراثى فى الأسرة أن قمة سعادته هى أن يعيش تحت قدمى والده وأن يكون هو عينيه الجديدتين وعكازه وذراعه اليمنى. يعترف عم طارق فى غير انهزام أن الحال لم يعد كما كان، لكنه لم يفقد فيما فقد حلما بالوقوف أمام بيت الله وروضة رسوله.. حتى ولو لم يراهما رأى العين. هو يرضى.