أعجبتنى مذكرات محمد صادق أشد الإعجاب.. لقد كان والدى، رحمه الله، يبدأ يومه بقراءة الأهرام، وظل كذلك حتى رحيله عن الحياة، وأذكر أننى كنت أقف على باب حجرته أراقبه بلهفة، فما إن ينتهى من صفحة حتى يلقمنى إياها فأسرع بها إلى غرفتى أنفرد بها كحبيب زاده الشوق وجدا، فالأهرام بالنسبة لى باب للثقافة والمعرفة الحسنة وليس فقط جريدة لنقل الأنباء، أقول هذا بحب وتقدير وأشواق، تتجدد يوميا، بمناسبة نشر مذكرات الفريق أول عبد المنعم صادق وزير الحربية الأسبق. وأذكر أن جريدة الأهرام كانت تٌصدر ملحقا اسمه “كتاب فى جريدة”، وهو ثروة لو تعلمون عظيمة، ولهذا الملحق قصة طريفة معى، فقد حدث فى يوم صدور الملحق أن أسرعت مبكرا ومتلهفا إلى البائع واشتريت الجريدة وعدت أعدو وعلى سلم البيت فتحتها، فلم أجد الملحق!!، فتملكنى الغيظ وقلت فى سرى “ويلك.. ويلك.. ويلك” على طريقة نجيب الريحانى، وعدت إلى البائع هائجا، فواجهنى ببرود وقال: “ أأأه الملحق.. ده له سعر تانى!”، فخطفته من يده، فهو من حقى، وفقا لما هو منوه عنه فى الأهرام باعتباره ملحقا مجانيا إن الثقافة والتنوير عند الشباب، ولأسباب عديدة، تقف عند حدود الكتاب المدرسى وتنتهى وتتلاشى بعد الامتحان، ونشر الثقافة العامة من خلال جريدة الأهرام يشبه “حصان طروادة”، يتسلل بهدوء إلى عقول الشباب محملا بالثمين من المعلومات والمعارف، والأهرام منارة للتنوير والثقافة، فانشروا الكتب فى حلقات أو ملخصة، خصوصا فى ظل أسعارها المرتفعة.. انشروا مذكرات العظماء.. انشروا قصص نجيب محفوظ والسباعى ويوسف إدريس.. انشروا ذخائر طه حسين وزكى نجيب محمود والعقاد، وروسو وفولتير...وغيرهم، فنحن فى اشتياق شديد ولا تلقوا بالا للتكلفة وكونوا على ثقة من أن البذور الطيبة لابد أن تثمر ولو بعد حين. صموئيل كرومر زخارى كليوباترا الإسكندرية