«الحاجة فريال» تلك السيدة التى تجاوزت السبعين من عمرها.. ترتسم على وجهها ملامح الطيبة رغم ما خاضته فى غمار الحياة الصعبة وتحملت مرارة فراق زوجها وعناء تربية ابنائها الثلاثة وفرحت بالاطمئنان على ابنتها الكبرى وتبقى محمد الابن الصغير الذى يعمل بإحدى الشركات بالإسكندرية الذى جاء خبر زواجه من «ضحي» ليجعل الفرحة تدخل قلب السيدة العجوز التى كرست حياتها لأولادها ومن باب بر ابنائها بها أن طلبوا منها الإقامة مع أحدهم الا أن السيدة العجوز رفضت مغادرة منزلها الذى عاشت فيه قرابة أربعين عاما وعرفها الجميع بمنطقة باكوس فالجميع ينادونها بالحاجة لما تقوم به من أعمال خيرية ومساعدة لأهالى شارع الكامل.. ليقرر الأبناء التناوب على الإقامة فى منزل العائلة. الخميس قبل الماضى كان موعد الابن محمد وزوجته ضحى للإقامة مع الام.. بدأ اليوم عندما استيقظ الابن فى السادسة صباحا للذهاب إلى عمله وبقيت زوجته الشابة التى لم يمض على زواجهما أيام وعندما غادر الزوج المنزل ساد الهدوء فى الشقة فالأم العجوز نائمة تاخذ قسطا من الراحة بعد أداء صلاة الفجر وتناول جراعات الدواء الصباحية لتقوم كعادتها وزوجة الابن جالسة داخل الشقة.. ليقطع الهدوء الذى استمر عدة ساعات داحل الشقة صوت صراخ الزوجة وصلت أصداء صراخها للجيران فى العقار انتفض سكان العقار وأصحاب المحلات بالمنطقة ليغيثوا الزوجة الشابة التى صاحت «قتلها قتلها»!! حاول الجيران تهدئتها من حالة الصراخ والبكاء الهستيرى التى أصابتها وبعد دقائق تحدثت ان شابا مجهولا طرق باب الشقة وسألها مستنكرا أين الحاجة ليضربها على رأسها ليغمى عليها وأنها عندما أفاقت من الغيبوبة التى أصابتها دخلت حجرة حماتها العجوز لتفاجأ بان الدماء سائلة من جرح برأسها واكتشفت سرقة المشغولات الذهبية والأموال من دولاب حجرة النوم ليهرع الأهالى بإبلاغ الشرطة والاتصال بأبنائها الثلاثة وجلس الجميع فى الصالة ترتسم على الزوجة الشابة حالة من الفزع ارجعتها العائلة لهول الحادث وتم إخطار اللواء جمال عبدالبارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن الذى أمر بسرعة كشف غموض الحادث.. وفى تلك الأثناء كان فريق المباحث الجنائية يباشر عمله داخل الشقة السكنية فالأبواب ومنافذ الشقة بلا تحطيم وجاء قرار المستشار محمود الغايش المحامى العام الأول لنيابات شرق الإسكندرية بسرعة إجراء تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة ليبدأ فريق البحث الجنائى الذى أمر بتشكيله اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام تحرياته التى بدأت بتفريغ كاميرات المراقبة بالشارع وسؤال الجيران وأصحاب المحلات والتى اجتمعت على عدم دخول أو خروج أى مجهول إلى العقار خلال وقت حدوث الجريمة التى حددها تقرير الطب الشرعى الأولى بين التاسعة والحادية عشرة صباحا وجاء التقرير بان سبب الوفاة الاولى اسفكسيا الخنق لوجود سحجات نتيجة أظافر حول رقبة السيدة العجوز بالإضافة الى تحول الوجه إلى اللون الأزرق مما رسم علامات استفهام وتعجب حول رواية الزوجة الشابة فجاءت التحريات التى قادها اللواء محمود أبوعمرة مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الأمن العام واللواء اشرف توفيق وكيل الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الأمن العام والتى أجريت مع سكان المنطقة لتؤكد وجود احتياج مالى لأهلها لتجهيز شقتها ليبدأ سيناريو جديد فى القضية وبدأ كامل مكرم وكيل نيابة الرمل باشراف أحمد غيث رئيس النيابة التحقيق مع أهل المجنى عليها وبدأت تضييق الخناق على الزوجة الشابة التى كانت مع الوقت تزداد انهيارا وبمواجهتها بتقرير الطب الشرعى ووجود آثار أظافر وتطبيق تحليل الحامض النووى عليها انهارت الشابة و بدأت فى البكاء قائلة «مش عارفة ده حصل ازاى كأن شيطانا كان جوايا مش عارفة عملت كده ازاي» وبدأت فى سرد الحقيقة انها أعدت كوبا من الشاى بعد خروج زوجها من المنزل وفجأة خطر ببالها ان تسرق جزءا من أموال حماتها من اجل مساعدة أهلها ولرغبتها فى شراء احتياجات لها وذهب مستغلة أنها نائمة وبلا تردد ذهبت إلى دولاب حجرة النوم محاولة كسر القفل المغلق به الدولاب الا انها اثناء طرق القفل استيقظت العجوز متسائلة «بتعملى ايه يا ضحى انت عايزة تسرقينى ده جزاء المعروف والخير» وفى لحظات مر سيناريو ما سيحدث إذا علم زوجها ستطلق وتطرد شر طردة لم يدر فى خاطرها سوى إسكات صوت السيدة فاندفعت بكل قوة لتخنق العجوز التى حاولت المقاومة الا أن السن والمرض والتعب اصابها لتفارق الحياة واكملت الشيطانة سرقة الأموال التى بلغت 22 ألف جنيه وتمادت فقامت بخلع الذهب والخاتم الذى كانت ترتديه السيدة وأخفت الأموال فى شنطة داخل المنزل وأخفت المشغولات الذهبية بين طيات ملابسها وأخرجتها أمام النيابة معترفة بالجريمة لتنزل الحقيقة كالصاعقة على زوجها وعائلته وأمرت النيابة بحبس المتهمة أربعة أيام على ذمة التحقيق بتهمة القتل العمد المقترن بالسرقة و الإحالة العاجلة للمحاكمة ليكون القصاص العادل أمام المحكمة لتلقى الشيطانة جزاء اغتيال البر والخير والبركة.