ظلت أجراس الإنذار تدق طوال السنوات بل والعقود الماضية مع عمليات الكشف الطبى التى تتم على الطلبة المتقدمين للالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا والكليات والمعاهد العسكرية بعد إنهاء دراستهم الثانوية، لتعلن تراجع مستويات اللياقة البدنية والصحية مع بروز ظاهرة الإصابة بالأنيميا والتقزم والسمنة وتم إجراء دراسات هنا وهناك على استحياء ودون تعمق فى البحث عن حلول حتى وإن كانت الأسباب واضحة فالتلاميذ الذين عانوا قلة الغذاء اصيبوا بالأنيميا والتقزم، والتلاميذ الذين يأكلون جيدا اصيبوا فى معظمهم بالسمنة والأنيميا لأنهم لا يأكلون غذاء صحيا وكان من الممكن الحد من الظاهرة لو كانت المدارس تقدم للتلاميذ وجبات طعام صحية وكان الفرق واضحا عند المقارنة مع التلاميذ الميسورين الذين يعتنون بطعامهم، فقد كانت مستويات لياقتهم البدنية والصحية عالية خاصة بين من يمارسون الرياضة منهم. وعلينا أن ندرك أن التلاميذ بالمدارس الحكومية فى أغلبيتهم الساحقة لا يمارسون أى نوع من أنواع الرياضة البدنية.. وعند النظر للمسئولين عن التعليم خلال النصف الأول من القرن العشرين سنتبين أنهم رأوا أن المنظومة التعليمية تبنى على أربعة محاور رئيسية تتمثل فى مستوى تعليمى متميز وتوفير الملاعب والأدوات والظروف لممارسة الرياضة البدنية وإتاحة كل الفرص لممارسة الهوايات المختلفة والمحور الأهم توفير وجبات غذائية صحية وكاملة ومشبعة وقد أسهم كل من محور الوجبات الغذائية ومحور ممارسة الرياضة فى الحفاظ على مستويات جيدة للياقة البدنية والصحية لتلاميذ المرحلتين الابتدائية والثانوية. وبالنسبة للوجبات الغذائية فقد كانت المدارس الأميرية (الحكومية)، تقدم يوميا وجبة إفطار فى الساعة العاشرة صباحا تتضمن سندوتشين أحدهما من الجبن والثانى من المربى بالإضافة إلى فاكهة تتمثل فى برتقال أو يوسفى أو موز، ووجبة غذاء ساخنة يتناولها التلاميذ بمطعم المدرسة وتتكون من لحم أو دجاج وخضار وأرز بالإضافة إلى نوع من الفاكهة وذلك فى الساعة الواحدة من بعد الظهر. وقد استمرت المدارس الأميرية تقدم هذه الوجبات حتى بداية النصف الثانى من خمسينيات القرن الماضي. وبعد توقف تقديم هذه الوجبات بدأت محاولات تقديم وجبة جافة ومع ذلك ظل التراجع فى مستواها إلى حدود مخزية. كما تم رصد حالات فساد فى بعض عقود التوريد وفى أثناء التصنيع فى بعض الحالات وعدم صلاحية الوجبات فى حالات أخري. وكانت الفرق الرياضية بالمدارس تشارك فى دورى المدارس فى هذه الرياضات وغيرها وداخل كل مدرسة كان يقام دورى بين الفصول هذا إلى جانب وجود حصص لممارسة الرياضة فى إطار المنهج الدراسي. ولأن اليوم الدراسى كان يمتد حتى الساعة الخامسة مساء، فقد كان هناك وقت كاف لممارسة الرياضة وباقى الهوايات. ولمن يريد مزيدا من المعلومات أقول له إن مدرسة الزقازيق الابتدائية الأميرية التى درست بها، كانت تضم ملعبا لكرة القدم وآخر لكرة السلة وثالثا ورابعا للكرة الطائرة وخامسا لكرة الريشة. (الباد منتون)، بجانب البنج بونج. أما مدرسة الزقازيق الثانوية الأميرية فكانت تضم ستادا لكرة القدم وملعبا لكرة السلة وملعبين للكرة الطائرة وملعبين آخرين للتنس وجمانيزيوم وساحة للجمباز وحماما للسباحة وملعبا للهوكي. وفى كل المدارس كان هناك عدد مناسب من مدرسى التربية البدنية والمدربين والمشرفين الرياضيين. والأمر الذى يدعو للأسف ويبعث بالمرارة الى أعمق الأعماق، أن المسئولين عن التعليم قد اغتالوا هذه الملاعب واستخدموها لبناء مزيد من الفصول الدراسية.وتحت قيادة الرئيس السيسى ستبدأ مصر محاولة جادة لتصحيح هذا الوضع الذى لا يمكن القبول به أو السكوت عنه بعد الآن. لمزيد من مقالات عبده مباشر