انتقلت عدوى الانشقاقات السياسية إلى حزب المحافظين الحاكم فى بريطانيا، بعد إعلان ثلاثة من نوابه بمجلس العموم استقالتهم من عضوية الحزب لينضموا إلى نواب حزب العمال المستقيلين، والذين ارتفع عددهم أمس إلى ثمانية نواب، وسط توجه إلى وقوف «البريكست» والخلافات الحزبية وراء انقلاب شامل فى خريطة السياسة البريطانية، وظهور أحزاب سياسية جديدة تلتزم بالخط الوسطي. وأعلنت النائبات المنتسبات للمحافظين، سارة ولاستون، وهايدى إلين، وآنا سوبري، استقالتهن من حزب المحافظين، فى خطاب مجمع تم توجيهه إلى رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي. وأكدت النائبات المستقيلات فى خطاب الاستقالة أن حزب المحافظين الحاكم بات فى «قبضة الحزب الديمقراطى الاتحادى الأيرلندي»، و«مجموعة الأبحاث الأوروبية» المتشددة التى تروج لخروج بريطانى بدون اتفاق من عضوية الاتحاد الأوروبى «البريكست». واتهمت النائبات حكومة ماى ب«الفشل الذريع» فى التصدى لهما. وحذرن من أن الحزب يتجه نحو اليمين و«يسير بتهور إلى حافة الهاوية من دون صفقة» مع الاتحاد الأوروبي. من جانبها، أعربت ماى عن حزنها إزاء قرار الاستقالة، متعهدة فى الوقت ذاته بأن حزبها «سيقدم دائما سياسات لائقة ومعتدلة ووطنية». واعترفت ماى بأن عضوية بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى كانت «مصدراً للخلاف فى حزبنا وبلدنا لفترة طويلة»، لذا «فإن إنهاء العضوية بعد أربعة عقود لن يكون سهلا أبداً». وتعهدت بالمضى قدما نحو مستقبل أكثر إشراقا. والنائبات المستقيلات من أقوى الداعمين لإجراء استفتاء شعبى ثان على عضوية بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، ولطالما انتقدن موقف الحكومة لرفضها إلغاء خيار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى دون اتفاق. وتعتبر الاستقالات ضربة كبيرة لحكومة ماي، التى كانت تستعد للتوجه لبروكسل لاستكمال المفاوضات مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر حول «البريكست». ويتوقع أن يكون هناك موجة أخرى من الاستقالات فى أوساط الحزب والحكومة المحافظة. وتبطل هذه الاستقالات حجة ماى أمام الاتحاد الأوروبى بأنها قادرة على حشد أغلبية برلمانية لدعم خطتها الجديدة للبريكست. وأكدت نائبات المحافظين أنهن سيقمن بالانضمام إلى النواب المستقيلين من حزب العمال، لتشكيل تيار سياسى وسطى بالبلاد. وكان حزب العمال قد شهد أمس استقالة جوان راين، كثامن عضو برلمانى يغادر الحزب احتجاجا على أسلوب قيادة زعيم الحزب جيريمى كوربين. وغردت راين عبر موقع تويتر: «بعد أربعة عقود اتخذت قرارا صعبا للغاية بالاستقالة من حزب العمال». وحملت كوربين مسئولية «تزعم ثقافة لمعاداة السامية وكراهية إسرائيل»، على حد تعبيرها. وأضافت فى تصريحات قاطعة أنه لا يمكنها أن تصبح جزءا من حزب سياسى يسمح ب «ازدهار العنصرية». ووصفت جيريمى ب «الخطر»، قبل أن تقارنه بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب. وتأتى استقالة راين لتنضم إلى نواب حزب العمال السبعة، الذين استقالوا خلال اليومين الأخيرين، والذين اتخذوا هذه الخطوة، احتجاجا على مزيج من سياسات جيريمي، بعضها يتعلق بأزمة الخروج البريطانى من عضوية الاتحاد الأوروبى «بريكست»، وبعضها يتعلق بعدم تعامله الحاسم مع تصاعد توجهات معاداة السامية والعنصرية فى أوساط الحزب. فى الوقت نفسه، وفيما تم اعتباره المسمار الأخير فى نعش حزب العمال، أعلنت حركة يهود العمال، التى تعد إحدى أهم الكتل المؤلفة للحزب البريطاني، أنها ستدرس إمكانية الخروج الجماعى من عضوية العمال، وذلك بعد أن كانت وجهة العضوية اليهودية بالحزب طوال 99 عاما. وتقرر إجراء استطلاع لآراء أعضاء الكتلة اليهودية، والتى تتألف من حوالى ألفى شخص، حول مسألة الاستمرار فى العضوية العمالية خلال اجتماع طوارئ سيعقد فى لندن ومانشستر فى 6 مارس المقبل. من جانبه اعترف النائب العمالى ويس ستريتينج، أن خروج يهود الحزب سيكون «المسمار الأخير فى نعش العمال». وكانت نائبة العمال روث جورج قد اتهمت زملاءها المستقيلين بأنهم مدفوعون من جانب إسرائيل، مما أثار انتقادات وغضبا عارما داخل الحزب والساحة السياسية البريطانية.