استمرار توافد الناخبين على اللجان من أجل الادلاء باصواتهم في انتخابات مجلس النواب بالمنيا    مسنودا على عكازين ..مسن يحرص على الإدلاء بصوته في انتخابات النواب بجنوب الأقصر    رئيس الوزراء: المعرض الدولى لتسويق مخرجات البحوث منصة رائدة تدعم الاقتصاد    وزير التموين يفتتح سوق اليوم الواحد بمنطقة بالمرج السبت    أسعار الذهب في قطر اليوم الخميس 11-12-2025    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    وصول 60 ألف طن قمح روسى لميناء دمياط    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة قرة انرجى.. 25 عامًا من العمل في مجالات الطاقة والمرافق والبنية التحتية    معلومات الوزراء يناقش مع "اليونيسف" رسم خريطة بيانات لأوضاع الأطفال في مصر    ترامب يعلن موعد إعلان مجلس السلام الخاص بغزة.. تفاصيل    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    كأس العرب - استبعاد لاعب السعودية حتى نهاية البطولة    ترتيب أبطال أوروبا - أرسنال يحافظ على العلامة الكاملة.. والجولة السابعة بعد أكثر من شهر    طلع على الشط لوحده.. التفاصيل الكاملة لاصطياد تمساح الزوامل بعد حصاره    عمرو مصطفى وزياد ظاظا يحققان 3.5 مليون مشاهدة بأغنية بعتيني ليه (فيديو)    «الكشري المصري» يدخل التاريخ    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    صحة الجيزة ترفع جاهزية الفرق الوقائية استعدادًا لحملة التطعيم ضد مرض الحصبة    صحة غزة: موجات البرد القارس فتحت بابا جديدا للموت    ضبط أكثر من 109 آلاف مخالفة مرورية فى يوم واحد    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارات موسكو على تعليق عملياتها خلال الليل    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    احتفالات في سوريا بعد إلغاء "النواب" الأمريكي قانون قيصر ورفع العقوبات    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    أزمة محمد صلاح وليفربول قبل مواجهة برايتون.. تطورات جديدة    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    تايلاند تعلن عن أول قتلى مدنيين عقب تجدد الصراع الحدودي مع كمبوديا    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    الأهلي ينهي صفقة يزن النعيمات لتدعيم هجومه في يناير    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    تحريات لكشف تفاصيل مصرع طفلة وإصابة والدتها وشقيقها بعد تناول بسكويت بأكتوبر    مصدران: أمريكا تدرس فرض عقوبات متعلقة بالإرهاب على الأونروا    أحمد بنداري يدعو المواطنين للمشاركة ويحدد رقمًا لتلقي شكاوى الانتخابات    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    مورينيو يكشف أسباب فوز بنفيكا على نابولي في دوري الأبطال    قرار جمهوري بتعيين القاضي مجدى خفاجي رئيسا لمحكمة استئناف قنا    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    مراكز الإصلاح والتأهيل فلسفة إصلاحية جديدة.. الإنسان أولًا    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه الوثيقة .. خطاب دينى جديد

فى مقالة الأربعاء الماضى بدأت حديثا عن الوثيقة التاريخية التى أعلنها شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان فى أبو ظبى. واليوم أواصل الحديث عن هذه الوثيقة التى لم تنل ما تستحقه من الفهم والحفاوة.
لقد اعترف شيخ الأزهر والبابا فى هذه الوثيقة اعترافا صريحا حاسما بأن المسيحيين العرب والشرقيين عامة مواطنون كاملو الحقوق وأن العقيدة الدينية لا تؤثر سلبا أو إيجابا فى حقوق المواطنة. فالكل فى الوطن أحرار متساوون. وهم أمة واحدة لا تفرقة فيها بين أقلية دينية وأغلبية. وأن اندماج غير المسلمين عامة فى الكيان الوطنى الواحد حق للجميع وواجب على الجميع. وكما يحق لغير المسلمين ويجب عليهم أن يندمجوا اندماجا تاما فى المجتمعات الإسلامية، يحق للمسلمين المهاجرين ويجب عليهم أن يندمجوا فى المجتمعات الأوروبية المسيحية وغيرها ويحترموا قوانينها ويمارسوا شعائرهم الدينية بما لا يتعارض مع هذه القوانين أو يعزلهم عن غيرهم من أهل البلاد.
وأنا أنظر فى تاريخ الإسلام وتاريخ المسيحية فأجد أن هذه الوثيقة من أخطر ما صدر عن رؤساء العقيدتين، لأنها تقوم على الفصل بين الدين والسياسة، ونحن نعرف أن المشتغلين بهما كانوا يسعون دائما ولا يزالون يفعلون للخلط بينهما واستخدامهما فى الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها، ولأنها أقصد الوثيقة تذكرنا بأحداث كبرى عرفها الإسلام وعرفتها المسيحية. إنها تذكرنا بالوثيقة التى أعلنها الرسول عليه الصلاة والسلام منذ ألف وأربعمائة عام فى يثرب وآخى فيها بين العرب المهاجرين والأنصار، وبين المسلمين واليهود، وأقر فيها حرية العقيدة، وحرية الرأى، وحرمة الحياة، وحرمة المال، ووقعها من ناحيته، كما التزم بها يهود المدينة.
والوثيقة الجديدة التى صدرت أخيرا تتويجا للقاءات ومحادثات تمت بين شيخ الأزهر الذى يمثل المسلمين من أهل السنة وبابا الفاتيكان الذى يمثل المسيحيين الكاثوليك هذه الوثيقة تذكرنا باللقاء الذى تم بين الرسول عليه الصلاة والسلام ووفد نصارى نجران الذى كان يمثل المسيحيين العرب من ناحية كما كان يمثل كنيسة بيزنطة الأرثوذكسية من ناحية أخرى. ولقد نظن أن الوثيقة الجديدة ليس فيها جديد من جانب الفاتيكان الذى سار طوال القرون الثلاثة الأخيرة فى طريق الإصلاح واعترف بالأخطاء التى ارتكبها وارتكبتها محاكم التفتيش التابعة له فى حق العلماء وأصحاب الرأى وأصحاب العقائد المخالفة. وهذا صحيح إلى حد كبير. لكن الفاتيكان فى حركة الإصلاح هذه كان يصلح نفسه ويصحح موقفه من البروتستانت والأرثوذكس واليهود والعلم الحديث.
أما موقفه من الإسلام ومن المسلمين كما عبر عنه فى وثيقة أبو ظبى، فهو موقف جديد يمكن أن ينعكس على موقف الأوروبيين من المسلمين المهاجرين ومن الإسلام عامة وعلى موقف المسلمين من أوروبا ومن المسيحية. ونحن قد نعتقد أن التعصب الدينى لم يعد له فى هذا العصر الحديث مكان فى أوروبا. وهذا صحيح إلى حد كبير، لكن التسامح الأوروبى يظهر فى تعامل الأوروبيين مع الأوروبيين، أما فى تعاملهم مع غيرهم، خصوصا مع العرب والمسلمين، فالأمر يختلف، لأن الأوروبيين ليسوا كلهم متسامحين، والتطورات السياسية قد تكون لها تداعيات طائفية لم نكن نتوقعها كما حدث فى البوسنة بين المسيحيين والمسلمين. والتعصب الوطنى قد يتحول إلى تعصب دينى يستند إلى ما حدث طوال العصور الماضية فى الفتوح الإسلامية، والحروب الصليبية، والحملات الاستعمارية فى هذا العصر الذى مازلنا نواجه فيه التعصب الأوروبى والأمريكى فى أقبح صوره متمثلا فى إسرائيل وفيمن يقفون إلى جانبها. ومازال الأوروبيون فى المقابل يواجهون داعش وغيرها من الجماعات والمنظمات التى تنسب نفسها للإسلام وتقتل وتدمر وتتاجر فى الرقيق باسم الإسلام. ومازلنا نحن نلعب دور الضحية مع هؤلاء وهؤلاء. فى فلسطين مع اليهود الصهيونيين، وفى سوريا والعراق مع المسلمين الدواعش!
وثيقة أبو ظبى إذن ليست مجرد خطبة ولكنها موقف حاسم وصريح ضد التعصب الذى نرى بعض مظاهره ونتجاهل بعضها حتى نفاجأ بحادثة من حوادثه تذكرنا إياه.
غير أننا نلعب دور الجناة أيضا، لأن التدين عندنا قد يتحول إلى تعصب وغلو يتلقى فيه الشباب المتحمسون دروسا تجعلهم جناة وتجعلهم ضحايا. إنهم ضحايا قبل كل شىء للاستبداد الذى حرمهم وحرم غيرهم من النشاط السياسى الحر الذى نحتاج له لنعرف قضايانا ونحدد مواقفنا ونحتكم لعقولنا ونتواصل مع غيرنا. وهم إذن الشباب المتحمس طاقة تنخدع بالتظاهر والتمثيل وتخضع للمتاجرين بالدين الذين يتحالفون بالضرورة مع المستبدين، وتمارس العنف المجانى وتتعرض له فى غير قضية وفى غير معركة، فى السفر والإقامة، وفى الوطن والمهجر. ووثيقة أبو ظبى إذن خطاب دينى جديد وخطوة عملية فى طريق الإصلاح وبداية عهد جديد ينفتح فيه العالم على المسلمين وينفتح المسلمون على العالم كما ينفتحون فى الوقت نفسه على صحيح دينهم. وهنا نعود إلى المقالة السابقة التى تحدثت فى ختامها عن وحدة الوجود التى لا ترى فى الكون إلا الله، ولا ترى فى الدين إلا جوهره الذى تتحددفيه كل الديانات على نحو ما رأينا فى شعر المتصوفة المسلمين.
ليس فى الكون إلا الله، لأن كل ما فى الكون صادر عنه عائد إليه مسبح بحمده. والمتصوفة المسلمون لا يستندون فى هذا لفكرهم وحده كما فعل بعض الفلاسفة القدماء والمحدثين، وإنما يستندون أيضا لنصوص قرآنية فهو «.. الذي فى السماء إله وفى الأرض إله..» وهو الذى «..وسع كرسيه السماوات والأرض..».
ولهذا ينكر الحسين بن منصور الحلاج على الناس أن ينظروا إلى السماء وحدها وهم يتجهون إلى الله فيقول: وأى الأرض تخلو منك حتى .. تعالوا يطلبونك فى السماء ! وكما أن الله واحد فالدين واحد، وهوالإسلام بمعنى التسليم بالوحدانية. وبهذا المعنى يقول نوح فى القرآن «.. أمرت أن أكون من المسلمين» ويقول موسى لقومه «.. عليه توكلوا إن كنتم مسلمين» ويقول الحواريون للمسيح «.. آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون».
لمزيد من مقالات ◀ بقلم: أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.