لليوم الثاني.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج لإعادة المرحلة الأولى بانتخابات النواب 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    تراجع أسعار الذهب مع جني المستثمرين للأرباح    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في مدينة الخليل    أسعار الخضراوات والفواكه بأسواق كفر الشيخ.. الطماطم ب8 جنيهات    وزير الخارجية يثني على العلاقات المتميزة بين مصر وألمانيا بمختلف المجالات    بدء تصويت الجالية المصرية في الأردن لليوم الثاني بالمرحلة الأولى    الجيش السوداني يحبط هجوما ل "الدعم السريع" على مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان    من أوجاع الحرب إلى أفراح كأس العرب.. فلسطين تنتصر وغزة تحتفل.. فيديو    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يعتزم تشكيل لجنة تحقيق في أسباب اندلاع حريق "تاي بو"    الليلة .. منتخب مصر الثاني يستهل مشواره في كأس العرب بمواجهة الكويت    رعب في القاهرة الجديدة.. هبوط أرضي مفاجئ يفزع السكان    الأرصاد الجوية : أمطار متفاوتة الشدة تضرب السواحل الشمالية وشمال الدلتا    حدث تاريخي في كأس العرب 2025، أول إيقاف لمدة دقيقتين في كرة القدم (فيديو)    لإشعال الثورة البوليفارية، مادورو يعلن عن قيادة جديدة للحزب الاشتراكي في فنزويلا    "إعلام القاهرة" تناقش الجوانب القانونية لريادة الأعمال في القطاع الإعلامي    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    ترامب وماكرون يبحثان هاتفيا الوضع في أوكرانيا    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    مصر تلاحق أمريكا فى سباق الوجهات المفضلة للألمان    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    معرض إيديكس 2025.. عرض قواذف وصواريخ تستخدم مع الطائرات المسيرة..والمدرعتين فهد وقادر 2 المجهزتين بمنصات إطلاق..ومنظومة اشتباك وتحكم عن بعد للمواقع الثابتة وأخرى للاستطلاع وإدارة النيران تعمل مع المدفعية..فيديو    تقرير توغلات جديدة للجيش الاحتلال الإسرائيلي في ريف القنيطرة السوري    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    خمسة لطفلك | ملابس الشتاء.. حماية أم خطر خفي يهدد أطفالنا؟    تعيين رئيس لجنة اللقاحات في منصب جديد بوزارة الصحة الأمريكية    الالتزام البيئي باتحاد الصناعات المصرية: نقدم مساعدات فنية وتمويلية للمصانع المصرية ونسعى لنشر الاستدامة البيئية    حرب الوعي.. كيف يواجه المجتمع فوضى الشائعات الصحية على السوشيال ميديا؟    شيري عادل تكشف كواليس تعاونها مع أحمد الفيشاوي في فيلم حين يكتب الحب    مصرع طفلين في حريق شقة بطنطا بعد اختناقهم بالدخان    ثقّف نفسك | أهمية مشاركتك في الانتخابات البرلمانية من الجانب المجتمعي والوطني والشرعي    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    رئيس قضايا الدولة يؤكد تعزيز العمل القانوني والقضائي العربي المشترك | صور    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الثلاثاء 2 ديسمبر    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    استشهاد فرد شرطة ومصرع 4 عناصر جنائية في مداهمة بؤر لتجارة المخدرات بالجيزة وقنا    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    أتوبيس يسير عكس الاتجاه يتسبب في مأساة.. إصابة 12 في تصادم مروع بطريق بنها– المنصورة    سيد منير حكما لمباراة كهرباء الإسماعيلية وبيراميدز المؤجلة بالدورى    جيمي فاردي يسقط بولونيا على ملعبه في الدوري الإيطالي    لاعب الإسماعيلي السابق يطالب بإقالة ميلود حمدي    شاهد، مكالمة الشرع ل بعثة منتخب سوريا بعد الفوز على تونس بكأس العرب    مدرب منتخب الناشئين: مندوب برشلونة فاوض حمزة عبد الكريم.. واكتشفنا 9 لاعبين تم تسنينهم    أمن الغربية يحبط عملية نصب بتمثال آثار مزيف ويضبط تشكيلا عصابيا بالمحلة    بيان جديد من المدرسة الدولية صاحبة واقعة اتهام عامل بالتعدي على تلاميذ KG1    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    موعد صلاة العشاء.... مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 1ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق المؤتمر التحضيري للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بحضور وزير الأوقاف    عاجل- قطر تفتتح مشوار كأس العرب 2025 بمواجهة فلسطين على ملعب "البيت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحافة مصر إلى أين
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2019

تعيش الصحافة المصرية بكل أطيافها ومدارسها مرحلة قاسية ما بين تراجع الدور وغياب الهدف مما يطرح سؤالا مهما لم نجد الإجابة عليه حتي الآن ما هو مستقبل الصحافة المصرية في السنوات القادمة، وما هي نهاية المطاف أمام أزمات كثيرة تلاحقها، وهل يمكن وسط هذه المتغيرات السريعة والحادة أن نجد لها حلا وننقذ ما يمكن إنقاذه..
حين تتحدث عن دور مصر الثقافي والحضاري والتنويري لا بد أن يبدو أمامك تاريخ الصحافة المصرية وهو تاريخ لا يقل من حيث الدور والمسئولية عن أدوار مؤسسات مصر الثقافية الكبري التي تركت آثارها علي وجه الحياة المصرية بل والعربية وامتدت إلي آفاق أوسع .. إن صحافة مصر كانت واحدة من أهم قلاع الثقافة المصرية سنوات طويلة وهي التي قدمت رموز التنوير والفكر والإبداع في كل المجالات، وهي التي وقفت بجانب حركات التحرر واستقلال الإرادة المصرية وهي التي مهدت الطريق لدعوات الإصلاح والحريات وحقوق الإنسان .. وقبل هذا كله كانت منبرا لكل الأفكار الواعية والإبداع الخلاق والتمهيد لكل الأحداث الكبري التي عاشها المصريون ابتداء بثورة 19 وانتهاء بحركات الإبداع والاجتهاد والتطوير في وعي المجتمع وأحلامه في التغيير .. كانت صحافة مصر منبر الحريات ومدرسة الوعي والوطنية ومنها تخرجت أجيال قادت فكر هذه الأمة ومهدت الطريق لكل دعوات الإصلاح والنهضة..
إن صحافة مصر هي التي قدمت رموز مصر الثقافية والفكرية وهي التي خرج منها لطفي السيد ومصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول وهيكل باشا وآل عبدالرازق وهي التي احتضنت مواهب مصر الكبري احمد شوقي وحافظ إبراهيم وشعراء مصر الأفذاذ وهي التي وقفت وراء الفن والإبداع الجميل في أم كلثوم وعبدالوهاب والسنباطي وهي التي حركت مواكب الاجتهاد في محمد عبده والشيخ شلتوت والغزالي وخالد محمد خالد وكل علمائنا الأفذاذ الذين قادوا مسيرة الفكر في مواكب التنوير..
لا أحد ينكر دور الصحافة المصرية في معارك التحرير ضد الاستعمار الإ نجليزي وفتح أبواب الحريات وتحقيق أحلام الشعب في الحرية والكرامة، إن دعوات تحرير المرأة وإنشاء المؤسسات الثقافية والتعليمية الكبري في مصر جاء بدعم كامل من صحافة مصر بكل تأثيرها ودورها ومسئوليتها .. كانت وراء ثورة 19 وثورة يوليو ومحاربة الفساد السياسي والمالي والسلوكي..
نحتاج وقتا طويلا حتي نستطيع أن نتوقف عند منارات الضوء التي أطلقتها صحافة مصر في كل مراحل تاريخها الحديث في كل مجالات الفكر والاجتهاد والإبداع..
لقد وصلت الصحافة المصرية في فترة من الفترات إلي آفاق عربية وعالمية تجاوز تأثيرها حدود مصر، وكان تعدد مدارسها ورموزها من اكبر النجاحات في تاريخها في العصر الحديث، كانت مدرسة الأهرام حيث الدقة والرصانة والمصداقية .. وكانت روز اليوسف في قضايا الحريات السياسية، وكانت أخبار اليوم جريدة الشارع المصري بكل أحلامه وتناقضاته .. وكانت دار الهلال بتقاليدها ومدارس الإبداع فيها وكانت الجمهورية صوت ثورة واعدة، وكانت هناك عشرات المجلات التي اهتمت بشئون الوطن وهموم الشعب ..
وفي هذه المدارس شهدت مصر ميلاد كتابها ومبدعيها الكبار نجيب محفوظ والحكيم وطه حسين والعقاد ومصطفي أمين وهيكل وأنيس منصور واحمد بهاء الدين ثم جاءت أجيال من المبدعين الذين انتقلت بهم الصحافة إلي آفاق أوسع، يوسف إدريس ويوسف السياعي وكامل الشناوي وعبد الرحمن الشرقاوي وثروت اباظة وفتحي غانم وأمينة السعيد وبنت الشاطئ وسناء البيسي ونعمات احمد فؤاد وصلاح عبد الصبور ولطفي الخولي وصلاح منتصر ولويس عوض وعلي الراعي وابراهيم الورداني وفكري اباظة وموسي صبري واحمد رجب وصلاح جاهين وعشرات من الرموز الذين أضاءوا قناديل العقل المصري بالكلمة الحرة والإبداع الراقي.. لا ينكر أحد دور الصحافة المصرية في احتضان كل مدارس الإبداع الفني والفكري والثقافي وأنها كانت مرآة صادقة لكل حركات التطور في حياة المصريين..
قلت إن صحافة مصر تعيش الآن محنة قاسية إنها مثل كل الصحافة الورقية في العالم تتعرض لهجمة تكنولوجية ضارية حيث ظهرت وسائل التواصل الحديثة من النت والكمبيوتر والتليفون المحمول وشاشات الفضائيات كل هذه الوسائل كانت علي حساب انتشار الصحف ودورها في توصيل الخدمة للقارئ .. إن القارئ الآن لا ينتظر صحيفة تقدم له خبرا في اليوم التالي وهو يشاهده حيا علي شاشة المحمول أو الفضائية .. انه لا ينتظر تفاصيل جريمة أو عملية إرهابية في صورتين علي صفحة جريدة لأنه يشاهد الأحداث حية بكل تفاصيلها ولهذا فإن الصحافة تقف أمام منافسة غير عادلة من حيث الانتشار والصورة والتفاصيل والسرعة هناك كاميرا تنقل الحدث إلي آخر نقطة في هذا الكون لقد شاهد العالم أحداث 11سبتمبر علي الهواء والطائرات تقتحم ناطحات السحاب وكان من الصعب أن ينتظر أحد خبرا في صحيفة يأتي بعد يوم أو يومين .. إن صحافة مصر الآن تقف حائرة أمام منافسة عنيفة لا يستطيع أحد أن يقف أمامها ولهذا كانت التصفيات التي حلت بعدد من الصحف الكبري في العالم وقد تحولت إلي مواقع إخبارية علي النت أو مواقع التواصل الاجتماعي..
إن هناك ملايين من البشر الآن في العالم كل واحد منهم يملك صحيفته الخاصة التي يتلقي منها الأخبار ويتحاور مع الآلاف ويكتب كل ما يريد من النقد والصراخ والضجيج لم يعد للصحيفة هذا الدور الذي كان يوما أمام الفضاء الخارجي الذي سيطر علي عقل البشرية كلها..
أمام تراجع معدلات التوزيع وأزمة الإعلانات والأعباء الضخمة في الطباعة وأسعار الورق ومشكلة الدولار ورواتب آلاف الموظفين تعيش الآن الصحافة المصرية اقسي ظروفها صعوبة .. في يوم من الأيام كانت أرقام توزيع بعض الصحف تتجاوز المليون نسخة يوميا وكانت بعض المؤسسات تستجدي نشر إعلان أو تعزية وكانت المؤسسات الصحفية تنعم بحالة من الثراء والغني والاستقرار، ولكن هذه العهود ولت وأصبحت موارد الصحيفة لا تكفي لسداد رواتب العاملين فيها..
و للأسف الشديد فقد واكب هذه الظروف الاقتصادية الصعبة رحيل عدد كبير من كتابنا الكبار الذين كانوا يمثلون مصدر ثراء حقيقي للصحيفة وكانت هذه الأسماء تتحمل مسئولية ترويج الصحيفة ورفع أرقام توزيعها، وفي اقل من عشرين عاما غاب عن صحافة مصر أبرز كتابها هيكل ومصطفي أمين وعلي أمين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ولويس عوض وأنيس منصور ويوسف إدريس واحمد بهجت وبنت الشاطئ وزكي نجيب محمود وعبد الرحمن الشرقاوي واحمد بهاء الدين وموسي صبري وسعيد سنبل وأمينة السعيد وعدد كبير من الفنانين والمبدعين الكبار في الفن والفكر والثقافة ولا شك أن هؤلاء تركوا فراغا كبيرا في الصحافة المصرية من حيث الانتشار والدور والقيمة .. إن غياب هذه الرموز عن القارئ لن تعوضه أسماء أخري، خاصة أن الأرض استراحت والمواهب جفت، وكانت الثمار هزيلة وبخيلة..
إن لدي المؤسسات الصحفية المصرية العتيقة أصولا كثيرة منها الاراضي والمباني والمنشآت، ويمكن لها أن تتخلص من بعض هذه الأصول وتعيد استثمارها لتحسن مواقفها المالية لاستكمال رسالتها..
أعود من حيث بدأت ما هو الحل .. كيف ننقذ صحافة مصر وهي حتي الآن صاحبة دور ورسالة رغم كل ما لحق بها من مظاهر التراجع في الدور والمسئولية..
أصبح من الضروري علي الدولة أن تحمي صحافتها أعرف أن الحكومة الآن تقدم دعما ماليا لجميع المؤسسات الصحفية بصورة منتظمة ولكن هذا الدعم لا يكفي خاصة أننا أمام آلاف من البشر يعملون في هذه الصحف..
إننا نخطئ كثيرا إذا تصورنا أن مواقع التواصل الاجتماعي وفضائح النت وصخب الشاشات يمكن أن يغني عن الرأي الجاد والفكر السليم، لقد تحولت المواقع إلي ساحات لا تضع حسابا لأخلاق أو فكر، ولهذا فإن غياب الصحافة سيكون لحساب أشياء لن تبني يوما عقول أبناء يستهلكون أعمارهم ما بين العبث والفضائح وتشويه صورة الناس..
مازلت أعتقد أن صحافة الرأي قادرة علي أن تحافظ علي ما بقي من تأثير الصحافة الورقية، ولا شك أن صحافة مصر الآن تعاني كثيرا من ضحالة المواهب وهبوط مستوي الكتابة، خاصة أن معظم الصحفيين الشباب يتجهون إلي الفضائيات في أعمال الإعداد والتحقيقات التليفزيونية السريعة أمام ضعف مواردهم المالية، وهنا ينبغي أن تحاول المؤسسات الصحفية تشجيع المواهب الواعدة في أن تكتب وتكبر وتبدع لتظهر أجيال جديدة من الكتاب.. قد يحتاج هذا إلي بعض الوقت ومزيد من الحريات والتشجيع من المسئولين عن هذه الصحف، وقد يتطلب الأمر دعم هذه المواهب وتوفير المناخ العلمي والثقافي لهم بعيدا عن ثقافة التيك واي التي تقوم عليها خدمات الإنترنت والموبايل بعد أن تحولت إلي وسيلة وحيدة للثقافة أمام الأجيال الجديدة..
إن هذا يتطلب أن ترعي الصحف الموهوبين من أبنائها بالكتاب والسفر والتدريب والمتابعة وإتاحة الفرص .. إن صحافة مصر تعيش محنة قاسية، ولكن مازال دورها ضروريا حتي الآن وعلي الدولة المصرية أن تدرك أن مصر بلا صحافة كارثة كبري وأن مهرجانات وصخب الفضائيات لا يمكن أن يغني عن أقلام تضىء العقول وتحيي الوجدان وإن الأمل سوف يظل في أجيال جديدة من المواهب تعيد أمجاد الراحلين من أصحاب المواهب الكبري.

ويبقى الشعر
لا تَذكُري الأمْسَ إنّي عِشْتُ أخفِيه
إنْ يَغفِر القَلْبُ.. جُرحِي مَنْ يُدَاويهِ
قَلْبِي وعينَاكِ والأيَّامُ بَينَهُمَا
دَربٌ طويلٌ تعبْنَا مِنَ مَآسِيهِ
إنْ يَخفِق القَلبُ كَيْفَ العُمْرُ نُرجعُهُ
كُلُّ الَّذي مَاتَ فينَا .. كَيْفَ نُحْييهِ
الشَّوقُ دَرْبٌ طويلٌ عشْتُ أسْلُكُهُ
ثُمَّ انْتَهَي الدَّربُ وارْتَاحَتْ أغَانِيه
جئْنَا إلَي الدَّرْبِ والأفْرَاحُ تَحْمِلُنَا
واليَوْمَ عُدْنَا بنَهر الدَّمْع ِ نَرْثِيه
مَازلتُ أعْرفُ أنَّ الشَّوْقَ مَعْصِيتي
وَالعشْقُ واللّه ذنْبٌ لَسْتُ أخْفِيه
قَلْبِي الَّذِي لَمْ يَزَلْ طِفْلا ً يُعَاتبُني
كَيْفَ انْقَضَي العِيدُ .. وانْفَضَّتْ لَيَالِيهِ
يَا فَرْحة ً لَمْ تَزَلْ كالطَّيفِ تُسْكرنِي
كَيْفَ انْتَهَي الحُلمُ بالأحْزَان ِ والتِّيهِ
حَتَّي إذا ما انْقَضَي كالعِيدِ سَامرُنَا
عُدْنَا إلَي الحُزْن ِ يُدْمينَا .. ونُدْمِيهِ
مَا زَالَ ثَوْبُ المُنَي بِالضَّوْءِ يَخْدَعُنِي
قَدْ يُصْبحُ الكَهْلُ طِفْلا ً فِي أمَانِيهِ
أشْتَاقُ فِي اللَّيل ِ عطْرًا مِنْكِ يَبْعَثُنِي
ولْتَسْألِي العِطْرَ كَيْفَ البُعْد يُشْقِيهِ
ولتسْألِي اللَّيْلَ هَلْ نَامَتْ جَوانِحُهُ
مَا عَادَ يَغْفُو وَدَمْعِي فِي مآقِيهِ
يَا فَارسَ العِشْق ِ هَلْ فِي الحُبِّ مَغْفِرَة ٌ
حَطَّمتَ صَرْحَ الهَوَي والآنَ تَبْكِيهِ
الحُبُّ كالعُمْر يَسْري فِي جَوانِحِنَا
حَتَّي إذَا مَا مَضَي .. لا شَيْءَ يُبْقِيهِ
عاتَبْتُ قَلْبِي كَثيرًا كَيْفَ تَذكُرهَا
وعُمْرُكَ الغَضُّ بيْنَ اليَأس ِ تُلْقِيهِ
فِي كُلِّ يَوْم ٍ تُعيدُ الأمْسَ في ملَل ِ
قَدْ يَبْرأ الجُرْحُ .. والتذكارُ يُحْييهِ
إنْ تُرجعِي العُمْرَ هَذا القَلْبُ أعْرفُهُ
مَازلتِ والله نبْضًا حائِرًا فيهِ..
أشْتاقُ ذنْبي ففِي عَيْنيكِ مَغْفِرتِي
يَا ذنْبَ عُمْري .. ويَا أنْقَي ليَاليهِ
مَاذا يُفيدُ الأسَي أدْمَنْتُ مَعْصِيَتِي
لا الصَّفْحُ يُجْدِي .. وَلا الغُفْرَانُ أبْغِيهِ
إنِّي أرَي العُمْرَ في عَيْنَيكِ مَغْفِرَة ً
قَدْ ضَلَّ قلْبِي فَقُولِي .. كَيْفَ أهْدِيهِ ؟!

قصيدة لأن الشوق معصيتى سنة 1989
[email protected]
لمزيد من مقالات يكتبها فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.