بائعو السعف: أحد الشعانين موسم من العام للعام والرزق على الله    برلماني: انضمام مصر لصندوق تنمية الصادرات بأفريقيا يعزز جهود توطين الصناعة    انخفاض أسعار الأسماك 30% في بورسعيد.. بشرى سارة من الغرفة التجارية بعد المقاطعة    الرئيس السوري يؤكد ضرورة تعزيز التضامن العربي لتحقيق الاستقرار بالمنطقة    باحث بالشؤون الأمريكية: تأثير احتجاجات الحركة الطلابية لن يكون بالمستوى المتوقع    جانتس يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو حال منع وزراء فيها صفقة مع حماس    أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لتر من الماء يوميا    وزير خارجية الأردن: على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات فاعلة تفرض حل الدولتين    وزيرالدفاع الإسرائيلي: ملتزمون بالقضاء على «حماس» وتحرير الأسرى    نص أقوال محمد الشيبي خلال التحقيق معه في قضية حسين الشحات    تحقق أول توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز الغاني    إصابة 11 شخصا إثر حادث تصادم سيارتين في بني سويف    غدا.. الجنايات تستكمل محاكمة متهم بقتل آخر عمدًا بالحوامدية    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    فوز رواية قناع بلون السماء للكاتب الفلسطيني باسم خندقي بجائزة البوكر للرواية العربية    ثقافة الإسكندرية تقدم التجربة النوعية «كاسبر» على مسرح الأنفوشي    أمين الفتوى: 3 أمور تمنع الحصول على الورث (فيديو)    وزير الصحة يشهد فعاليات الاحتفال بمرور عامين على إطلاق «معًا لبر الأمان» للكشف المبكر وعلاج سرطان الكبد    «الصحة» تفتتح فعاليات ورشة عمل حول «وضع أطر مؤسسية لمشاركة القطاع الخاص في الرعاية الصحية»    أغنيتين عراقيتين.. تفاصيل أحدث ألبومات أصالة    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    مذكرة لرئيس الوزراء لوقف «المهازل الدرامية» التي تحاك ضد المُعلمين    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    حزب الوفد: نرفض أي عدوان إسرائيلي على رفح الفلسطينية    أرخص 40 جنيها عن السوق.. صرف الرنجة على بطاقة التموين بسعر مخفض    التشكيل الرسمي ل مباراة نابولي ضد روما في الدوري الإيطالي    أغلى 5 فساتين ارتدتها فنانات على الشاشة.. إطلالة ياسمين عبد العزيز تخطت 125 ألف جنيه    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    إنجاز جديد.. الجودو المصري يفرض سيطرته على أفريقيا    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني بمجاميع أكبر من العام    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 18886وظيفة معلم مساعد بوزارة التربية والتعليم    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    قرار جديد من القضاء بشأن 11 متهماً في واقعة "طالبة العريش" نيرة صلاح    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموسيقى والتعليم
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 02 - 2019

نعرف كلنا الآن أن أزمة التعليم قد أطاحت بما كان يسمى الأنشطة الترفيهية والتى كان منها التربية البدنية والتربية الفنية والتربية الزراعية والموسيقى. ومن أبرز أسباب تهميش هذه الأنشطة قلة المبانى التعليمية والتى جعلت المبنى الواحد مستخدما لفترتين دراسيتين مما أدى إلى تقصير اليوم الدراسى، وبالتالى تقليل عدد الحصص المدرسية وكذلك فترة الفسحة. هذا المصير لم يحدث بسبب قلة العوامل المادية فقط ولكن أيضا بسبب سوء نظرتنا إلى التعليم والتى تجعله مقصورا على نقل المعارف وليس على تنمية القدرات. فهذه الأنشطة من حيث تأثيرها فى تنمية قدرات الطفل واكتشاف مواهبه لا تقل أهمية عن الرياضيات والفيزياء واللغات الأجنبية. كما أنها تربط بين العمل النظرى والعمل اليدوى وتساعد الطفل على اكتشاف ذاته. الفلسفة كما يقال لنا عادة هى البحث عن الحقيقة. وهذا التعريف يبدو غامضا، ولكننا إذا ما قرأنا كتب الفلسفة لاستنتجنا أن لها نشاطا أكثر وضوحا يتمثل فى سعيها لإخضاع كل الظواهر البشرية للتأمل والتحليل. فقد لاحظ الفلاسفة أن هناك سمات مشتركة لكل الثقافات الانسانية. إذ توجد لغات مختلفة حسب اختلاف الشعوب ولكن النوع البشرى يتميز باختراع اللغة. مظاهر أخرى نلاحظ وجودها فى كل المجتمعات البشرية مثل الفن والدين والموسيقى. ويسعى الفلاسفة إلى اكتشاف ما الذى يجعل البشر يتعلقون بكل هذه الظواهر؟ وقد ارتبطت الموسيقى بحياة البشر منذ عهود سحيقة، وقد تم العثور على ناى مبرى من عظام الحيوانات عمره أربعون ألف عام، فهل كل هذا الاهتمام ينبع من أن الموسيقى تحقق للإنسان الترفيه والتسلية فحسب؟ وحتى لو كان الأمر كذلك، فهل هذه الغاية هينة أو تافهة؟
تناول كثير من الفلاسفة منذ العصر اليونانى القديم وحتى اليوم ظاهرة الموسيقى، وأضافت العلوم المختلفة اسهاماتها فى تفسير الظاهرة مثل علم النفس وعلم الأعصاب. ولكن يظل للفلاسفة الأوائل قيمة التناول العقلى البكر والواضح لظاهرة الموسيقى والكشف عن أهميتها الكبرى للحياة الإنسانية. فيرى أفلاطون أن الموسيقى «تخلق لقلوبنا نفوسا ولأفكارنا أجنحة» مشيراً بذلك إلى أن الموسيقى تجمع بين العقل والعاطفة والخيال، فهى تقوم على الرياضيات من حيث دقتها، لكنها تترجم مشاعرنا العميقة وتخرج بها إلى حيز التعبير المحسوس أى المسموع. ولهذا جعل الموسيقى مرحلة إجبارية فى بداية السلم التعليمى الذى اقترحه للأطفال فى جمهوريته الفاضلة لأنها سوف تنفع الطفل أيا كانت مهنته فى المستقبل لأنها تعلمه الصبر ونشدان الجمال القائم على الانسجام أو الهارمونية. فكما أن اللغة البدنية ضرورية لبناء الأجسام، فالتربية الموسيقية ضرورية لصياغة النفوس. أما أرسطو ففى كتابه السياسة شدد على ضرورة تعليم الموسيقى فى المدارس، سواء من حيث التذوق أو الممارسة نظرا لأهميتها بالنسبة للشخص، وبالنسبة للحياة الاجتماعية المشتركة . فالموسيقى تعلم الطفل الدقة وضبط الزمن الملائم لإخراج النغمات وهى خاصية سوف تنفعه عند دراسة كل علم. كما بين أرسطو التأثير الأخلاقى للموسيقى، فالإنسان يشترك مع الحيوان فى حرصه على البقاء على قيد الحياة وسعيه للحصول على اللذة، ولكن الإنسان يتميز بطموحه ليس فى أن يحيا فقط ولكن أن يعيش حياة فاضلة، ولا أن يستمتع باللذة فقط ولكن أن يصل إلى السعادة، والموسيقى تلعب دورا كبيرا فى تحقيق هذا الكمال الإنسانى.
الفلاسفة المسلمون أيضا اتجهوا إلى تناول الموسيقى وألفوا فيها أعمالا كثيرة تفوق ما أنتجه فلاسفة اليونان. ويرى ابن سينا أن الإنسان مجبول على الاستمتاع بالصوت ذى الإيقاع المنتظم منذ أن كان جنينا فى بطن أمه يستمع ليل نهار إلى نبضات قلبها، أما عن الشعور الجميل الذى يغمرنا حينما نستمع إلى موسيقى جيدة فهو محبب لنا لأنه يختزل الحياة الإنسانية، فهو يجمع بين الندم والأمل: الندم على النغمة الجميلة التى انتهت، الأمل فى النغمة الجميلة التى ستأتى. أما الفارابى ففى مؤلفه كتاب الموسيقى الكبير يستفيض فى بيان الدقة الرياضية للنغمات الموسيقية، لكنه أيضاً يشير إلى أن الموسيقى تهدف إلى تزكية المشاعر النبيلة وتدفع الإنسان دفعاً لأن يضع لنفسه غايات سامية فى الحياة. فى كل بلاد العالم تحتل الموسيقى موقعا مهما فى بداية السلم التعليمى للأطفال، ولكن للأسف فى بلادنا لم تطح الإدارة التعليمية بحصص الموسيقى فحسب، لكن أطفالنا جاءهم معلمون ذوو نزعة دينية محافظة ليقولوا لهم إن الموسيقى حرام، أو إنها صوت الشياطين! وتدور اليوم مناقشات جادة حول سبل إصلاح التعليم فى مدارسنا، ويشير كثيرون، وهم على حق، إلى أزمة الأبنية التعليمية، و إلى تطوير الكتاب المدرسى، وإلى ضرورة إعداد المعلمين ولكن قليلا منهم فقط يشير إلى ضرورة عودة هذه الأنشطة «الترفيهية» وعلى رأسها الموسيقى إلى مدارسنا.
لمزيد من مقالات د. أنور مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.