في حياتنا اليومية مواقف حياتية كثيرة لا تعد ولا تحصى، سواء كانت على النطاق الشخصي أو العملي، ففي التعامل مع الناس يتطلب منك دائما أن تتعامل بالوسطية، فالاعتدال هو أصلح الأمور مع الآخرين؛ كما أن الحكمة والحنكة شيء أساسي ويقال دائما "اجعل بينك وبينهم شعرة معاوية"، أى تصرف بفطنة وكياسة وبعد نظر حتى لا تخسر أحدا. يعد "معاوية بن أبى سفيان" من أدهى حكام العرب الذين عرفهم التاريخ وهو صاحب "شعرة معاوية" التي يضرب بها المثل في المعاملة. ومن خلال دهائه الشديد استطاع أن يقود شعوباً مختلفة كثرت بينها النزاعات والفتن وأن يُدخل الناس في ولايته وتحت طوع أمره لطيلة أربعين عاما، وعندما سأله أعرابى عن كيفية حكمه قال: "ولو أن بينى وبين الناس شعرة ما انقطعت؛ كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها". شعرة معاوية أصل عظيم من أصول السياسة الرشيدة في التعامل مع الآخر، فنحن نواجه في حياتنا أناسا فاضلين ونواجه آخرين غير ذلك، فلا تنجرف للحكم على أحد ولا تندفع، فميزة الاعتدال في التعامل أنه يجنبك الشطط بكل معانيه، ويمنحك هدوء ونضوج بالتعامل وذلك يجنبك الآثار السيئة لذلك التعامل. تتدخل هذه المقولة في سياسة كل شيء يحيط بالإنسان حتى نفسه، فحين يطبقها يصبح من أعقل الناس فلا تجادل الجاهل حتى لا يستنزلك إلى دركات جهله ولا تمازح الغضبان ولا تحرج العاقل، كل ذلك حتى تكون في منأى عن أى مواقف محرجة. كما أن الأب والأم في البيت عليهما أن يتبعا سياسية "معاوية" ليستطيعا أن يقودا أسرتهما بنجاح رغم المشاكل وصعوبات التربية والحياة. والمدرس في مدرسته يحتاج لهذه السياسة حتى يكسب حب الطالب، فلابد أن يشد ويرخى في ذات الوقت حتى ينجح في رسالته. وكذلك في العمل بين الرئيس والمرؤوس . وأخيرا وليس آخرا، فإن ضغوط الحياة وتعقيداتها جعلتنا ننسى هذه الشعرة ولا نستطيع وصلها، فلنجعلها مبدأ وقاعدة لحياتنا فكما قالوا: لا تكن قاسيا فتنكسر ولا لينا فتعصر. [email protected] لمزيد من مقالات سمر عبدالفتاح