الأسبوع الماضي اصطحبت صديقة لي أبناءها في رحلة إلي القاهرة القديمة، زاروا خلالها مسجد عمرو بن العاص وكنيسة مار جرجس ومعبد عزرا والكنيسة المعلقة والكنيسة الرومانية.وحكت لي صديقتي كم انبهر ابناؤها(14 و12 و10 سنوات) بما شاهدوه، رغم أنهم كانوا في بعض الأحيان يطرحون عليها أسئلة لم تكن تعرف إجاباتها وتمنت لو كان يوجد كتيب صغير، عند مدخل كل مزار، يمكن للمهتمين شراؤه للتعرف أكثر علي المعلومات المهمة الخاصة بالمكان،وربما الاحتفاظ به للذكري.صحيح أنها نجحت في الرد علي بعض الأسئلة عن طريق البحث في جوجل مع تحمل بطء الشبكة أوعدم وجود تغطية في بعض الأحيان- إلا أن ذلك بالطبع لا يعد الحل الأمثل . وتذكرت أنا وصديقتي أننا كنا قد زرنا تلك المنطقة التاريخية الجميلة ونحن في الصف الرابع الابتدائي ضمن رحلة مدرسية.كما زرنا أماكن أثرية أخري في رحلات مدرسية خلال السنوات التالية، من بينها أهرامات الجيزة والقلعة والمتحف الحربي والمتحف الزراعي وجامع ابن طولون وجامع الأزهر.وبالطبع كان ولابد من التحسر علي حظ أولادنا، حيث إن أغلب مدارس اليوم تركز علي تنظيم رحلات لأماكن ترفيهية تعتمد علي «اللعب والأكل « من أجل جمع أكبر قدر من الأموال.وليس معني ذلك أن الترفيه غير مهم أو أننا ضده، ولكن لا مانع من أن يكون لبعض الرحلات هدف وخطة ترتبط بما يدرسه التلاميذ، ليس في مادة التاريخ فقط بل في دروس القراءة أيضا.فمنهج اللغة العربية للصف الرابع الابتدائي في الفصل الأول للعام الدراسي الحالي علي سبيل المثال، كان يحتوي علي عدة دروس تتحدث عن أنواع السياحة في مصر وأهم المعالم والمدن السياحية .وبالتالي كان سيكون من المفيد جدا لو أن التلاميذ زاروا إحدي تلك المناطق التاريخية التي قرأوا عنها، لترسخ المعلومة في أذهانهم وليشاهدوا بأنفسهم لماذا تجذب السائحين من مختلف أنحاء العالم. قد يسأل البعض وماذا عن تلاميذ المحافظات الأخري والمناطق النائية؟وهل يعقل تضييع معظم وقت الرحلة في الطريق(هذا اذا توافرت الامكانات الأخري)؟ بل ماذا عن المدارس الصغيرة الفقيرة داخل القاهرة الكبري، وهل يمكن أن تتحمل أعباء وتكاليف تنظيم مثل تلك الرحلات؟ وهنا اقترح بديلا لضمان ألا تكون هناك تفرقة بين تلاميذ العاصمة والمحافظات،ولتوفير الجهد والمال علي بعض المدارس، والأهم لكسر جمود الطريقة التي يدرس بها التاريخ في مدارسنا ويجعل كثيرا من التلاميذ ينفرون منه ويتعاملون معه علي أنه مادة حفظ ينسون كل ما يتعلق بها فور إفراغ ما حفظوه في ورقة الامتحان. بديل الرحلات التثقيفية أفلام تسجيلية شيقة الإخراج والسرد، تصور أهم المعالم التاريخية والأثرية وقصص أبرز الملوك والزعماء في مصر، تحفظ علي سيديهات وتقوم المدرسة بعرضها في يوم محدد لكل فصل، علي أن يخصص موضوع التعبير في هذا الاسبوع للحديث عما شاهده التلميذ، وربما إجراء مناقشة بين المعلم والتلاميذ حول أهم ما جاء في الفيلم، لاستنباط الدروس المستفادة من التاريخ.وبهذا الأسلوب تحقق المدرسة عدة أهداف في آن واحد:كسر روتيين اليوم الدراسي والمزج بين المتعة والتعلم وترسيخ المعلومات عن طريق الصورة، وتنمية قدرات التلميذ علي الحوار والتعبير عن آرائه.