مع بداية كل عام تكثر التكهنات والتوقعات والرؤى فى كل المجالات , الكثير منها يركز على ما هو مأمول أكثر مما ممكن والبعض يعتمد على التفاؤل دون النظر إلى المعطيات الفعلية وبين هذا وذاك يكون تخطيط مستقبل الأعمال والذى يتأثر بكل ما يتم طرحه على كل المسارات الاقتصادية والاجتماعية والمعلوماتية. وبالطبع فإن العمليات الاقتصادية والمالية لا يمكن أن تعتمد على التنبؤات والآمال فقط, فلابد من أسس رقمية تستند إليها الخطط الصناعية والزراعية والتجارية والتسويقية والاقتصادية بصفة عامة وهى ترتبط بما يتم طرحه من تقارير لمؤسسات مالية واقتصادية سواء على المستوى المحلى أو الإقليمى أو الدولى ولذلك يشهد شهر يناير من كل عام سيولا من التقارير الاقتصادية فى كل القطاعات تقريبًا وهى تعتمد على معطيات ما تحقق فعليا فى سنوات سابقة ورؤى لما هو متوقع تحقيقه فى العام القادم أو الأعوام التالية. واللافت للنظر أن جميع التقارير الصادرة بشأن الاقتصاد المصرى على المستوى الكلى تكاد تتفق على ما يشبه التوقع المشترك الذى يصل به إلى حد اليقين وهو أن عام 2019 سيشكل نقلة نوعية فى مستقبل الاقتصاد المصرى وأنه سيشهد طفرة فى عمليات الإصلاح الاقتصادى التى شارفت على نهايتها مع ما يصاحبها من بشائر لنتائج تنموية على عدة مستويات. فقد أكد التقرير الصادر عن البنك الدولى تحت عنوان (آفاق الاقتصاد العالمي.. سماوات مظلمة) على ارتفاع معدل النمو فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل طفيف مع استثناء مصر التى توقع البنك أن يصعد معدل النمو بها خلال العام المالي2019 إلى 5.7% كحد أدنى وصولاً إلى 5.9% فى عام 2020 ترتفع إلى 6% فى 2021 وفى نفس التقرير أكد البنك أن معدل النمو الإقليمى لن يتجاوز خلال نفس الأعوام السابقة نسبة 2.7% فى المتوسط. أما تقرير صندوق النقد الدولى عن توقعاته بخصوص الأسواق الناشئة فيتوقع أن يصبح الاقتصاد المصرى واحدا من أفضل سبع اقتصاديات ناشئة فى العالم خلال السنوات العشر القادمة وحتى عام 2030 أما تقرير سيتى بنك عن الاقتصاد المصرى فيسير فى نفس الاتجاه وإن كان التقرير يضع الاقتصاد المصرى فى المرتبة الأولى فى تصنيف الأسواق الناشئة المستهدفة استثماريا خلال 2019. وقد فضلنا أن نستعرض بعض التقارير السابقة وهى فقط مجموعة مما طرح خلال يناير 2019 من تقارير عن مستقبل الاقتصاد المصرى وتوقعات عام 2019 سواء بشكل منفرد أو فى إطار إقليمى أو دولي.. وذلك حتى تتشكل لدينا رؤية واقعية ورقمية لمستقبل الاقتصاد المصري. أما على المستوى الحكومى فالحكومة المصرية تستهدف معدلات نمو أعلى بكثير مما تطرحه التقارير تبدأ من 6% خلال 2019 وصولاً لأكثر من 7% 2021/2022 مع توقعات بانخفاض معدلات الدين الداخلى والخارجى وخفض عجز الموازنة وتحسن الميزان التجارى وميزان المدفوعات. وبالنظر إلى مجمل هذه الأرقام فسوف نكتشف أن متوسط النمو المتوقع خلال 2019 على المستوى العالمى لا يتجاوز ال 2.9%يتراجع ل 2.7% على المستوى الإقليمى فى حين أن متوسط توقعات النمو للاقتصاد المصرى لا تقل عن 6% مع ترشيح مستقبلى بمزيد من الارتفاع وهو ما يعنى أن الاقتصاد سيكون لديه فرصة كبيرة لجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن معدلات نمو عالية وفرص استثمارية واسعة ومضمونة الربح.. فالاستثمار الأجنبى يدرك جيدًا أن الأسواق الناشئة متسارعة النمو على غرار الاقتصاد المصرى فهى فى الحقيقة اقتصاديات الفرص والنمو والربحية أما الاقتصاديات التقليدية فإنها لا تستطيع تحقيق المستهدف لهذه الاستثمارات وهو ما يعطى الاقتصاد المصرى مميزات نسبية فى إطار جهود جذب الاستثمار الأجنبي. هذه النسبة المرتفعة من النمو يقابلها ميزة سوق قوية بها أكثر من مائة مليون مستهلك مع معدل زيادة سنوية وهو هنا لا يمثل مشكلة بقدر ما يمثل ميزة نسبية فى مفهوم مقومات جذب الاستثمار الأجنبى الذى ينظر إلى السوق المصرية باعتبارها من الأسواق التى تتوافر بها الموارد والكوادر البشرية من ناحية والمتميزة بقوتها واتساعها العددى من الناحية الثانية وهى عناصر جذب أخرى تضاف إلى مقومات جذب المزيد من الاستثمارات وفتح العديد من الفرص فى كافة القطاعات, ولذلك نستطيع القول إن عام 2019 هو عام فرص الاستثمار الأجنبى فى الاقتصاد المصري