مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في بورسعيد    جبران: قانون العمل يضمن الحد الأدنى لحقوق العاملين دون استثناء أي قطاع    رئيس جامعة قنا يستقبل وفد الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد    استقرار طفيف في أسعار الذهب بمصادر محلية وأسواق المجوهرات بأسوان    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الاثنين 20-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري ليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للعاملين في القطاع الحكومي    عاجل-قافلة المساعدات ال54 من "زاد العزة" تدخل قطاع غزة محمّلة بالإغاثة للفلسطينيين    فوز رودريجو باز في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة ببوليفيا    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 20 أكتوبر والقنوات الناقلة    مقتل طالب إعدادى على يد زميله ب"مفك" فى شربين بالدقهلية    عاجل- ارتفاع طفيف في درجات الحرارة اليوم.. العظمى بالقاهرة 31 درجة والصغرى 18    إصابة شخصين في تصادم بين 3 سيارات بطريق مصر–الفيوم الصحراوي    ضبط شخص انتحل صفة موظف بنك.. «الداخلية»: نفذ 8 وقائع نصب بزعم تحديث البيانات البنكية عبر الهاتف    نظر محاكمة 7 متهمين بخلية مدينة نصر اليوم    وزير العدل الفرنسي: سرقة متحف اللوفر تظهر فشلنا وتعطي صورة سلبية للغاية عن فرنسا    ليلة في حب الطرب.. هاني شاكر يطرب جمهور الأوبرا في رابع سهرات «الموسيقى العربية»    هشام جمال: ليلى انهارت من العياط لما اكتشفت إن أغنية «فستانك الأبيض» ليها    بعد 30 عامًا من النجاح.. عمر رياض يعلن التحضير لجزء جديد من "لن أعيش في جلباب أبي"    حسام حسني يروي تفاصيل بدايته الفنية مع محمد محيي وعمرو دياب    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    سماع دوى انفجار داخل قطاع غزة    مراقب مزلقان ينقذ سيدة حاولت العبور وقت مرور القطار بالمنيا    قطع الكهرباء عن عدد من قرى المحمودية بالبحيرة لمدة 7 ساعات    التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب    الحكم في طعون المرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 بالدقهلية غدا    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية إضافية على كولومبيا اليوم    حوار مع يسرا وشريف عرفة الأبرز، برنامج مهرجان الجونة السينمائي اليوم الإثنين    ضوابط إعادة القيد بنقابة المحامين بعد الشطب وفقًا لقانون المهنة    عثمان معما أفضل لاعب في كأس العالم للشباب.. والزابيري وصيفا    الأهلي يحصل على توقيع صفقة جديدة.. إعلامي يكشف    مصرع شخصين إثر انحراف طائرة شحن إماراتية خارج مدرج مطار هونج كونج    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    ويتكوف: التقديرات بشأن كلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 50 مليار دولار    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    ارتفاع كبير تجاوز 2000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 20-10-2025    والد ضحية زميله بالإسماعيلية: صورة ابني لا تفارق خيالي بعد تقطيعه لأشلاء    يسرا تشعل أجواء احتفال مهرجان الجونة بمسيرتها الفنية.. وتغنى جت الحرارة    موعد التحقيق مع عمر عصر ونجل رئيس اتحاد تنس الطاولة.. تعرف على التفاصيل    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    وفاة شابة عشرينية بسبب وشم قبل أسبوع من زفافها    مواد غذائية تساعدك على النوم العميق دون الحاجة إلى أدوية    المغرب يرفع ميزانية الصحة والتعليم بعد موجة الاحتجاجات    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    الذكرى الثامنة لملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    لا تبالغ في الإنفاق لتثبت حبك.. حط برج العقرب اليوم 20 أكتوبر    مضاعفاته قد تؤدي للوفاة.. أعراض وأسباب مرض «كاواساكي» بعد معاناة ابن حمزة نمرة    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    «مشروع مربح» يقبل عليه شباب دمياط ..أسرار تربية الجمال: أفضلها المغربي (صور وفيديو)    لدغات عمر الأيوبى.. بيراميدز "يغرد" والقطبين كمان    «المؤسسة العلاجية» تنظم برنامجًا تدريبيًا حول التسويق الإلكتروني لخدمات المستشفيات    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مئوية ثورة 1919
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 02 - 2019

فى مقدمته لكتاب خراب مصر الصادر بعد 28 عاما على احتلال انجلترا لمصر يتساءل المستر ويلفرد بلنت مؤلف كتاب التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا مصر: أى دافع أخلاقى يدفعنا إلى حكم المصريين رغم أنوفهم؟ وعلام يمقتوننا ذلك المقت كله إذا كنا حقيقة قد أوليناهم الجميل تلك السنين الطوال، ولا نزال نوليهم إياه؟ لقد قضينا على حرية صحافتهم بعد أن احتللنا بلادهم طويلاً، وأبينا أن نبر بما وعدناهم به من ترقية نظمهم، وبسطنا عليهم سلطان الحكم المطلق، وسلطناً عليهم شرطة سرية جديدة لا تألوهم تجسسا واعتقالاً ونفياً وسجناً.. فإذا ما طالبونا بالجلاء عن بلادهم وفاء بعهودنا، عددنا ذلك «تمرداً» منهم!!
والواقع، أنه لفهم ما سبق واستيعاب مقدمات ثورة 1919 الوطنية التحررية، لا غنى عن قراءة كتاب خراب مصر، المترجم للعربية تحت عنوان تاريخ المسألة المصرية من 1875 إلى 1910، لأنه بحث دقيق ومنصف يفند ذرائع الاحتلال البريطانى لمصر؛ قام به باحث موضوعى هو تيودور روثستين، المحيط بأسواق المال الأوروبية، والذى اتخذ من انجلترا وطنا له. وفى تقديمه للكتاب المذكور يورد بلنت فرية: أن انجلترا لم تكن مسئولة عما تورطت مصر فيه من الدين بل هى استنقذتها من الإفلاس فاستنقذتها من الخراب!! وأنها ما برحت موفقة فى إدارة المالية المصرية، وأن نصيب الفلاح المصرى من الرخاء ليس له فيما مضى مثيل!! ثم يورد إعلان السير ادورد غراى رئيس الوزراء البريطاني: أن تكفر مصر الحديثة بنعمة انجلترا، فليس ذلك لغلطة ارتكبتها انجلترا، ولكن لقصور ذاكرة الجيل المصرى الحديث!! ولما عرف عن الشعوب من كفر بالنعمة ونكران للجميل! . وتحت عنوان وعود انجلترا، نقرأ رسالة اللورد جرنفل وزير الخارجية البريطانى الى إدوارد مالت القنصل العام البريطانى بمصر فى 4 نوفمبر سنة 1881، يزعم: أن سياسة حكومة جلالة الملكة بالنسبة لمصر لا ترمى إلى غير سعادة هذه البلاد وتمتعها التام بما نالته من الحرية بمقتضى الفرمانات السلطانية (العثمانية). ثم نقرأ رسالة السير بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطانى الى الخديو توفيق فى 26 يوليو 1882، يزعم: إن حكومة بريطانيا العظمى لا تنوى غزو مصر!! وإن غرضها الوحيد هو أن تحمى سموكم والمصريين من العصاة!! يقصد تصفية الثورة العرابية الوطنية الديمقراطية!! والمفارقة أن اللورد دوفرين، الذى ردد فرية حرية وسعادة مصر عشية غزوها، صار مفوض بريطانيا فى مصر، المُكَلَف بتنظيم إدارتها بما يوافق سياسة المحتل، ووفق تقريره سار من خلفوه فى الإدارة الاستعمارية البريطانية!.
وأكتفى هنا بثلاث حقائق وثقها الكتاب. الأولى، سجلها مراسل التايمز البريطانية فى 6 يناير سنة 1876، يقول: إن مصر مثال للرقى عجيب، لقد أدركت من التقدم سبعين عاماً ما لم تدركه أمم كثيرة أخرى فى خمسمائة عام. وفى عهد إسماعيل بين عامى 1863 و 1875 تم: شق قناة السويس، وحفر 112 ترعة بلغ اجمالى أطوالها 8400 ميل، وزيادة طول السكك الحديدية من 275 ميلاً إلى 1185 ميلاً، ومد ما يزيد على 5000 ميل من خطوط التلغراف، وإقامة 430 جسراً، وإنشاء ميناء الإسكندرية وأحواض السويس و 15 منارة و64 مصنعا للسكر، وتطوير شوارع القاهرة وغيرها من المدن. واستنفدت هذه الأشغال وحدها بأكثر من 46 مليوناً من الجنيهات، وبفضلها استصلح من الصحراء أكثر من مليون وربع المليون فدان؛ وزاد عدد السكان بنحو 685 ألف نسمة، وتضاعفت التجارة الخارجية، حيث ارتفعت قيمة الواردات بنحو 270%، وزادت قيمة الصادرات بنحو 310 %. وزاد عدد المدارس الأولية بمصر من 185 مدرسة فى عام 1863 الى 4685 مدرسة فى عام 1875.. إلخ.
والثانية، أن إسماعيل لو اقتصر على الإصلاحات المذكورة وغيرها لما كان له بد من الوقوع عاجلاً أو آجلاً فى عسر مالى شديد، لأنها تحتاج إلى زمن طويل لتؤتى ثمارها المنشودة. وأوضح السير صمويل بيكر، الذى قاد حملة مصرية فى عهد إسماعيل لاكتشاف منابع النيل بسطت نفوذ مصر عليها، أن إسماعيل قد أخذ على عاتقه- أن ينجز فى وقت قصير ما يقتضى إنجازه العمل مع الصبر سنين طويلة؛ لكنه تغيير الى الأحسن وأساس لعظمة مصر المستقبل. فى تقرير مستر كيف، الذى أوفدته بريطانيا لدراسة وضع مصر المالى وقدرتها على سداد ديونها، سجل أن مصر تكابد النفقات التى تدعو إليها العجلة والاعتساف فى اتباع المدنية الغربية. لكنه اعترف بأن موارد مصر إذا أحسنت إدارتها تكفى لأداء الديون المصرية متى كانت ذات فائدة معقولة. وأكد السير جورج اليوت، الذى دعاه إسماعيل قبل مستر كيف لفحص المالية المصرية فحصاً دقيقاً، فى عام 1876: إن مصر تستطيع أداء جميع الفوائد وأقساط الاستهلاك التى تحررها من ديونها، ويتبقى لها بعد ذلك فضل سنوى يكفى لسد جميع حاجاتها الضرورية. والثالثة، إن تقرير المستر كيف قد سجل أن النفقات كانت باهظة لكنها لم تكن لتؤدى وحدها للأزمة، التى ترجع كلها تقريبا لشروط القروض. فقد حُمِّلت مصر فى آخر عام 1875 بدين ثابت يزيد على 68 مليون جنيه، لم يدخل خزنتها منه إلا أقل من 34 مليون جنيه، ونهب الدائنون ووكلاؤهم نصفه فى صورة سمسرة وخصم.. !! وقد عملت المصارف الانجليزية والفرنسية على إغراء اسماعيل بعقد قروض فاحشة الربا، آخرها قرض عام 1873، الذى بلغت قيمته الإسمية 32 مليون جنيه، ولم تتلق مصر منه سوى أقل من 21 مليون جنيه. أضف الى هذا، أنه من الخديو الغافل أخذ مقاولو إنشاء ميناء الاسكندرية نحو 80 % فوق ما يستحقون، ومقاولو مد السكك الحديدية أكثر من أربعة أمثال ما يستحقونه، وكذلك فعل من أقاموا مصانع السكر وغيرهم!! وكان هذا وغيره أهم أسباب عوز مصر المالى، الذى اتخذ تبريرا لاستمرار التدخل ثم الاحتلال بزعم ضمان حقوق الدائنين!! وذلك بالإضافة إلى حادثة دنشواى التى تضاعفت نهب مصر طوال سنوات الحرب العالمية الأولى بعد فرض الحماية البريطانية فى عام 1914؛ التى عمقت الأسباب المباشرة لثورة 1919.
لمزيد من مقالات د. طه عبدالعليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.