أكد السفير خالد عمارة مساعد وزير الخارجية لشئون المنظمات الإفريقية أن التوجه المصرى نحو إفريقيا محور أساسى فى سياسة مصر الخارجية، ولا يرتبط برئاسة مصر المرتقبة للاتحاد الإفريقي. وأشار إلى أن دول القارة تنظر بترقب وتفاعل لهذه القيادة، موضحا أن مصر ستركز فى أثناء هذه الدورة التى ستستمر لمدة عام على الدفع بمشروع الاندماج الاقتصادى والاجتماعى من خلال تفعيل منطقة التجارة الإفريقية الحرة لتدخل حيز التنفيذ فور تصديق 22 دولة عليها. وقال إن استضافة مصر لمعرض التجارة البينية الإفريقية فى ديسمبر الماضى بمشاركة 1300 عارض فتح شهية المستثمرين نحو تعزيز التجارة بين دول القارة. جاء ذلك فى الندوة التى نظمها مركز إفريقيا بالجامعة البريطانية برئاسة السفير على حفنى بالتعاون مع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وبمشاركة الدكتورة أمانى الطويل رئيسة البرنامج الإفريقي، وذلك بهدف الخروج بتوصيات ترفع لصانع القرار للإسهام فى تعزيز الوجود المصرى فى القارة فى إطار معطيات الواقع الإفريقى وأجندة الاتحاد الإفريقي. وأعلن مساعد وزير الخارجية أيضا أن مصر مستعدة للمشاركة فى مشروعات البنية التحتية فى القارة، كما ستعطى أولوية لقضايا السلم والأمن فى القارة التى ما زالت تعانى النزاعات المسلحة وتعوق عملية التنمية فى إفريقيا. وفى هذا الإطار، أشار إلى استضافة مصر لمركز إعادة الإعمار فيما بعد النزاعات، ويسهم المركز فى عمليات إعادة الإعمار، والدبلوماسية الوقائية، وتجنب الانزلاق فى النزاعات بعد تحقيق السلام. وأضاف أن هناك اهتماما من قبل القطاع الخاص المصرى للمشاركة فى البنية التحتية وبناء السدود مثلما حدث فى تنزانيا، كما ستكون هناك فرص مؤسسية لضمان الصادرات، وصناديق إفريقية ستعمل فى القارة، فضلا عن رئاسة مصر لأعمال الكوميسا الفترة المقبلة. من جانبه، أكد الدكتور أيمن شبانة نائب مدير مركز حوض النيل بجامعة القاهرة أن أهم التحديات التى تواجه تحقيق أجندة الاتحاد الإفريقى 2063 تتمثل فى نقص الإرادة السياسية، والإصرار على التمسك بالمفهوم الوطنى للوحدة والسيادة، فضلا عن الفساد الذى يلتهم ثمار التنمية، كما أن الاتحاد الإفريقى يعانى عدم تفعيل مؤسساته كالبرلمان الإفريقى على سبيل المثال، فما زالت آراؤه غير ملزمة، مشيرا إلى أن القصور الشديد فى عملية تمويل برامج الاتحاد الإفريقى يعوق تنفيذ برامج التنمية. وأضاف شبانة أن الاتحاد الإفريقى عاجز حتى الآن عن تشكيل قوة إفريقية جاهزة للانتشار السريع، إلى جانب التدخلات الخارجية، لذلك، فالاتحاد فى حاجة إلى سلطات قوية للدفع بتنفيذ خطته. أما الدكتورة أمانى الطويل فاوضحت أنه فيما يتعلق بعملية التمويل، كان هناك اقتراح بسداد 2% من العوائد الجمركية لتمويل أجندة الاتحاد الإفريقي، إلا أنه لم يلق ترحيبا من قبل بعض الدول الإفريقية. بينما أوضحت الدكتورة سالى فريد مديرة مركز البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة أن القارة الإفريقية وفقا لتقرير البنك الدولى تحتاج إلى 93 مليار دولار لسد الفجوة فى مجال البنية التحتية، كما أن الاستثمار فى مجال الزراعة لا يتعدى 7% فقط من نسبة الأراضى الصالحة للزراعة، بالإضافة الى أن قطاع الطاقة لا يستغل منه سوى 5% فقط من قدراته. وأكدت أن مثل هذه القطاعات يمكن أن تدخل مصر فيها بقوة، خاصة مجالات الطاقة والزراعة والبنية التحتية، سواء من خلال التعاون الثنائى أو الثلاثي، أو بين أكثر من دولة. ومن جانبها، حذرت السفيرة منى عمر مساعدة وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية من خطورة المغالاة فى الفاعليات الإفريقية، وربطها برئاسة مصر للاتحاد الإفريقى لأنه يعطى انطباعا عاما بأن مصر ما لم تكن رئيسة للاتحاد فلن يكون لها دور وهو أمر خطير لا يصب فى مصلحة مصر، كما أن الإعلام الغربى بدأ يتهم مصر بالتحرك بأجندة مصرية وليست إفريقية. وقالت إن اقتراح وزارة الثقافة لأكثر من 120 حدثا ثقافيا وما يتم الترويج له وكأننا سنغزو إفريقيا هو أمر خاطئ، فالوجود المصري فاعل ولا يرتبط بكوننا رؤساء للاتحاد الإفريقي. وأوضحت منى عمر أيضا أن السبب فى أن مصر لا تأخذ حصتها فى شغل وظائف الاتحاد الإفريقى يرجع إما لعدم الإلمام باللغة أو بالمعلومات، وهو ما ينبغى التركيز عليه فى الفترة المقبلة. أما الدكتور عباس شراقى أستاذ الموارد الجيولوجية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية فأكد أن مستقبل مصر المائى فى جنوب السودان، لذلك علينا أن نعمل على مساندة الحكومة هناك لتعميق وتوسعة مجرى النيل الأبيض لضمان زيادة فيضانه من خلال إقامة المشروعات المشتركة بين الجانبين، كما يمكن لمصر أن تلعب دورا فى تطوير الزراعات القائمة على الأمطار فى دول القارة التى لا تستفيد سوى ب10% فقط من الغذاء رغم وجود أراض شاسعة صالحة للزراعة. ومن جانبه، استعرض الدكتور أحمد قنديل الخبير بمركز الدراسات الفرص والإمكانات المتاحة لرجال الأعمال المصريين للدخول بقوة فى قطاع الطاقة فى إفريقيا خاصة بعد المبادرة التى طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا الخصوص، موضحا أن 600 مليون إفريقي، أى نصف عدد سكان القارة، لا يحصلون على الطاقة اللازمة للحياة اليومية، وهو ما يعد مدخلاً مهما لمصر لتعزيز وجودها فى القارة، خاصة أن معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى فى إفريقيا بلغ 5.4%، كما أن المؤشرات الاقتصادية تؤكد تسارع معدلات النمو فى ست دول إفريقيا، من بينها إثيوبيا وأوغندا. واستعرض الدكتور خالد عبد العظيم المدير التنفيذى لاتحاد الصناعات المصرية فرص الشراكة بين القطاعين العام والخاص للاستثمار فى إفريقيا، موضحا أن حجم الصادرات المصرية للقارة لا يتعدى مليارى دولار، وهو رقم هزيل يمثل 6% من إجمالى الصادرات، أما الواردات من السوق الإفريقية فتقدر نسبتها ب1%، ولا يزيد عدد الشركات المصرية العاملة فى القارة على 10 شركات، ويرجع ضعف هذا الوجود إلى أسباب تتعلق بضعف كفاءة المواني، أو السكك الحديدية، وطول فترات الشحن، فضلا عن ارتفاع تكاليف التأمين، وأحيانا لأسباب تتعلق بضعف القوة الشرائية وعدم القدرة على المنافسة أمام الصين والهند وتركيا.