المهندس محمد تيمور عبد الحسيب الذى فقدته الاهرام والصحافة المصرية مؤخرا كان خير شاهد على تطور صناعة الاتصالات والصحافة ومشاركا أساسيا فى نقل وإدارة أحدث تكنولوجياتها الى صناعة الصحافة المصرية وخلاصة معارفها الى طلاب الاعلام. عرفته منذ أوائل الثمانينيات وأنا أعد رسالة الدكتوراه فى الإعلام من قسم الصحافة بجامعة القاهرة عن مستحدثات صناعة الصحافة، وتابعته عن كثب وهو يشارك فى إدارة عمليات التحول التكنولوجى الكبرى لمؤسسة الأهرام منذ نهاية السبعينيات وحتى أواخر التسعينيات فى مجالات النشر والطباعة الصحفية، التحول من الجمع الساخن المعتمد على حروف الرصاص الى الجمع التصويرى ومنها الى النشر الالكترونى المعتمد على الحاسبات الالكترونية، ومن الطباعة البارزة الى النايلوبرنت، ومنها الى طباعة الاوفست الملونة، ومن النشر المحلى المركزى الى الطبعات الدولية والاقليمية ثم التحول الضخم فى أواخر التسعينيات بإنشاء مطبعة الأهرام العملاقة فى مدينة السادس من أكتوبر ثم مطبعة الجلاء. تجسدت مهارة المهندس محمد تيمور فى جمعه بين ثلاثة تخصصات هى الاتصالات، والحاسبات الالكترونية، وميكانيكا الطباعة وتوظيفه تطبيقات كل منها لتطوير وتحديث الانتاج الصحفى فى مؤسسة الأهرام. نشأ وترعرع علميا ومهنيا مع بداية الحاسبات الالكترونية وازدهارها وتطورها وبرع فى تخصص الاتصالات, بدأ مهندس اتصالات يعمل فى مصلحة التليفونات ثم طلبته الأهرام للعمل بها ووافق والتحق بها عام 1969. وأتيح له علميا ومهنيا أن يشهد أكبر انطلاقين لتكنولوجيا صناعة الاتصالات فى العالم فى القرنين العشرين والحادى والعشرين، وهما شبكة الانترنت وثورة الهواتف المحمولة الذكية، انطلق من تخصص الاتصالات الذى درسه بكلية الهندسة جامعة عين شمس ليفهم من خلاله شبكة الانترنت فى تطوراتها المختلفة بمجالاتها وتطبيقاتها ، وبعدها ثورة الهواتف المحمولة الذكية وأصبح من الخبراء المصريين القلائل فيهما، ومن أوائل من نجح فى توظيف شبكة الانترنت فى العمل الصحفى داخل مؤسسة الأهرام، ومن نجح فى تبسيطها وتحليلها من خلال البحوث العلمية والكتب، ثم القيام بتدريسها لطلاب الصحافة والإعلام. وتابع المهندس تيمور مسيرة الحاسبات الالكترونية وتطوراتها منذ دخول الحاسبات الضخمة مصر فى نهاية الستينيات، وحتى الحاسبات المحمولة واللوحية، مرورا بالحاسبات المكتبية، والمحمولة، والشبكات الداخلية والخارجية ولم يكن يفارقه جهازه الماكينتوش فى المكتب أو المنزل. وكان المهندس محمد تيمور حريصا على متابعة الجديد فى الطباعة فى العالم وذلك من خلال حضور معارض الطباعة ومؤتمراتها للتعرف على الجديد والمستحدث الممكن تطبيقه فى مصر، والإطلاع على البحوث والتقارير الحديثة المنشورة فى المؤتمرات والندوات وورش العمل الخاصة بالطباعة وتكنولوجيا الصحافة، وعضوية معظم التجمعات المهنية للطباعة والاتصالات والنشر فى العالم من جمعيات واتحادات ومنظمات. وفى إطار الحوار العلمى المستمر مع المهندس تيمور والممتزج مع الخبرة العريضة العميقة له فى إدارة تكنولوجيا الصحافة والطباعة والاتصال التى اكتسبها منذ نهاية الستينيات، وكذلك اهتمامنا المشترك بالبحث فى مجالات تكنولوجيات المعلومات والاتصال وتطبيقاتها فى المجال الصحفى وتأثيراته عليه والتدريس لعشرات الدفعات من طلاب الصحافة والإعلام بالجامعات المصرية اشتركنا معا فى تأليف أربعة كتب هي: الحاسبات الإلكترونية وتكنولوجيا الاتصال القاهرة، 1997. المعلومات وتكنولوجيا الاتصال، 2002. أساسيات التوثيق الإعلامى والحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، 2003. أساسيات المعلومات والحاسبات والإنترنت للإعلاميين 2005. كما قمنا معا بالتعاون فى تدريس العديد من المقررات الدراسية بكلية الإعلام جامعة القاهرة وبعدد من الكليات والمعاهد والأكاديميات الخاصة بالإعلام فى مصر، من أبرزها مقررات:التوثيق الاعلامى والحاسبات الالكترونية، النشر الصحفي، نظم النشر الالكترونى، الانترنت وصناعة الصحافة، وكذلك أعددنا بعض الاوراق البحثية فى تخصص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وخلال أكثر من 40 عاما من العمل فى الإدارة الصحفية وإدارة المطابع فى مؤسستى الأهرام ثم المصرى اليوم نجح فى أن تكون له مدرسته فى الإدارة الصحفية التى تقوم على المزج بين أكثر من فلسفة: الإدارة بالأهداف، إدارة الجودة، الإدارة الإنسانية مع الحسم والانضباط، مما اكسبه حب واحترام وتقدير الجميع. رحمه الله اخا وصديقا وزميلا فاضلا. -------------------------- أستاذ الصحافة والوكيل السابق لكلية الإعلام جامعة القاهرة لمزيد من مقالات د. محمود علم الدين
