يجدربنا جميعا كمصريين حريصين على مستقبل هذا الوطن أن نوجه أبلغ عبارات التقدير للجنة استرداد أراضى الدولة المنهوبة التى وصلت مساحتها الى 2 مليار و775 مليون متر مربع من الأراضي، ومواصلتها هذا العمل بهمة وإنجاز غير معهودين. غير أنَّه يحق لنا أن نتساءل فى الوقت ذاته عن سبب سكوت القائمين على شئون الدولة خلال العهود السابقة إزاء ارتكاب جرائم اغتصاب أراضى الدولة التى تم ارتكابها جهارا نهارا دون توقف. وأجد لزاما عليّ القول من واقع التجربة الشخصية التى أُتيحت لى لإقامتى بالريف طوال ما يقرب من ربع قرن، هروبا من التلوث ومن مكبرات الصوت التى تحول دون النوم ليلا أو التركيز فى العمل نهارا، إننى أشهد على مر السنين استيلاء أفراد من علية القوم ومن سكان القرى والبناء فوقها لمنازل وفيلات أو مساكن بالطوب الاحمر أو بالطوب اللبن واستغلال الأرض المحيطة بها وذلك وسط الأرض الخضراء الخصبة المملوكة للدولة. وقد حرصت أولا على إحاطة المسئولين بالمجالس المحلية علما بهذه الانتهاكات كى تقوم بإزالتها. غير أنهم لم يحركوا ساكنا. ذلك أن أصحاب المبانى الصغيرة كانوا قد حرصوا على القيام بالواجب قبل قيامهم بالبناء. أما المنازل الفاخرة والفيلات فقد تم تشييدها لبعض كبار المسئولين ولنواب الشعب أو من ذوى الصلة بهم، وهم فوق سلطة المجالس المحلية أو متواطئون معها . ومع ذلك واصلتُ الشكوى إلى السلطات الأعلى بما فيها المحافظ الذى ناشدته أكثر من مرة وضع حد لهذا الاغتصاب للأراضى الزراعية لكنه لم يعبأ بالرد، فتوجهتُ إلى النائب العام الذى فضل الصمت. نعم لقد نجحت الدولة اليوم بشكل يفوق كل التوقعات فى تطهير أراضٍ شاسعة فى مصر من مغتصبيها الذين لا تختلف جرائمهم عن جرائم اغتصاب المستعمرين الإسرائيليين لأراضى دولة فلسطينالمحتلة. وجدير بالذكر أنَّ اغتصاب أراضى الدولة ليس من قبيل الجرائم ضد مجهول ومن ثمَّ ليس من العسير التعرف على من ارتكبها وعمَّن وراء هذا الاغتصاب، وكذلك التعرف على من كان يملك سلطة التدخل لمنع جريمة اغتصاب أراضى الدولة ولكنه لم يفعل ذلك رغم علمه به. ولا شك أن من حق المواطنين أن يعرفوا من استباح أرض دولتهم وذلك كى لا تمر جرائمهم مرور الكرام وكى تحذر من تسول له نفسه ارتكاب مثلها فى المستقبل خاصة أن غالبية مرتكبى هذه الجرائم قد يفلتون من ملاحقة القانون. هذا فضلا عن أن التعرف على مرتكبى هذه الجرائم من شأنه أن يزيل الشبهات التى قد تحيط بمسئولين عاصروا هذه الجرائم ولكن لم يكن لهم يد فى ارتكابها أو سلطة لمنع وقوعها. لمزيد من مقالات د. فؤاد عبد المنعم رياض