افتتاح مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد السيد المسيح بالعاصمة الادارية الجديدة مع بداية عام 2019م..يؤكد ان هناك ارادة حقيقية بان تكون مصر نموذجا للتسامح والتعايش بين الاديان... فلا فرق بين دين وآخر فى ظل الدولة العصرية .. وفى ظل دستور يحمى حرية العقيدة ايا ما كانت: حرية الاعتقاد مطلقة .. وحرية ممارسة الشعائر الدينية واقامة دور العبادة لاصحاب الاديان السماوية، حق ينظمه القانون, المادة 64 من الوثيقة الدستورية. «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين او العقيدة او الجنس، او الاصل او العرق، او اللون، او اللغة، او الاعاقة، او المستوى الاجتماعى...» المادة 53 من الوثيقة الدستورية. إذن فالدولة العصرية (المدنية بالمعنى الشائع) هى دولة تحمى مواطنيها دون النظر لاى اعتبارات دينية كانت ام غير ذلك.. ولكن يبقى السؤال: كيف تحمى الدولة مواطنيها.. باختلاف انتماءاتهم الدينية ام العقائدية حتى السياسية؟ الاجابة تكمن فى الوثيقة التى تحكم العلاقة بين الدولة ومؤسساتها ومواطنيها، هذه الوثيقة هى القوانين العامة التى اتفق عليها الجميع بالرضا التام بما يتوافق مع قيم العصرية والحداثة. ولكن يجب ان نحدد اولا مفهوم سيادة القانون: تتضمن سيادة القانون، ما يلي: يعد القانون سلطة تعلو كل السلطات، وبذلك فهو الحكم وفقا للقانون. يجب ان يكون القانون واضحا ومجددا فى محتواه ومضمونه. يجب ان يعمم تطبيق القانون ويشمل الجميع. يجب ان توجد سلطة قضائية مستقلة عن تفسير القانون وتطبيقه، وان يكون اللجوء اليها متاحا وميسورا وحقا لكل مواطن. يجب ان يكون للقانون مضمون اجرائى وأخلاقى. ويطبق مفهوم سيادة القانون بصورة نموذجية على الدولة.. فسيادة القانون هى اداة التحكم الشرعية لكل من يتولى اى سلطة ويديرها. وتلتزم بها السلطات التزاما دقيقا وصارما. وعطفا على ذلك، يجب ان تخضع جميع السلطات والمسئولون فى الدولة للقانون، وان يكون لسلطاتهم حدود ضمانا للحقوق والحريات والمبادىء المدنية. واهم ما فى ذلك انه يأتى بعد تقسيم السلطات مباشرة تأكيد النص على استقلال السلطة القضائية. ان القانون، وما يتصل به من الظواهر يرتبط والمؤسسات القانونية والثقافات ارتباطا وثيقا بتطور الديمقراطية ودرجة نجاحها او فشلها. ويعد هذا اساسا عاما ولو لم يكن متفقا مع طبيعة الارتباط بمنظور «احترام القانون» الذى يعد احد المبادئ الاساسية التى تعد ضرورية لقيام الحكومات بعملها الفاعل العادل. فالديمقراطية السياسية ينظر اليها على انها الوضع الذى تتضاءل عنده القوة السياسية لطبقة الصفوة وتتعاظم القوة السياسية لغيرهم. وهنا يطرح التساؤل التالى: هل سيادة القانون فقط مجرد وضع مجموعة من النصوص، او وضع دستور ومجموعة من التشريعات؟ الاجابة تبدو غير ذلك وانه ربما كان اهم عنصر يحقق سيادة القانون هو وجوده فى ثقافة الامة. وبناء على ذلك فأول معايير الدولة العصرية هو سيادة القانون. ولنفهم عبارة سيادة القانون المصطلح، فالعنصر الاساسى له هو الشمولية، اذ يجب احترام القانون احتراما مطلقا، ولو كانت نتائج احترامه والالتزام به غير مرضية، سواء على صعيد النخب او غيرها. فخرق القانون لا يمكن قط تبريره، فالقانون هو الاساس الذى يرتكز عليه اى مجتمع متحضر، وعدم احترامه من جانب شخص او جماعة إنما يشجع الآخرين على التصرف بالمثل. ولو انه قدر لكل فرد او جماعة ان ينتقى او يختار القوانين التى عليه ان يلتزم بها، لسرعان ما تفكك اطار القانون الذى يعتمد عليه المجتمع ومؤسساته بأكملها. ويمكن ببساطة اعتبار سيادة القانون حجر زاوية للحرية الفردية وللديمقراطية على السواء. فبدونها لا يمكن ان تكون هناك حماية للحقوق الفردية، اضافة الى ان سيادة القانون لا تكون فاعلة الا بقدر ما تكون هناك هيئة قضائية مستقلة للحفاظ عليها، ويكفى ان نشير هنا الى ان المادة (1) من المبادئ الاساسية للامم المتحدة بشأن الهيئة القضائية تقضى بان تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية، وان يسجل هذا الاستقلال فى دستور البلد وقوانينه (وهو ما كان يحدث طول تاريخ مصر الدستورى). وهذا الاستقلال هو استقلال جماعى للهيئة القضائية عن السلطة التنفيذية وتدخلها، وهو ايضا شخصى لكل من القضاة فى اداء مهامهم دون خشية او مجاملة، وهو ما تجذر فعلا فى الوثيقة الدستورية 2014م.. خلاصة ان رمزية ما حدث مع بداية العام الجديد تؤكد ان هناك ارادة ورغبة فى صفع الطائفية والتفرقة .. ولكن لابد ان تكون هناك قوانين تحمى وتجرم التمييز والطائفية والكراهية والحث على العنف والارهاب ايا كان مصدره وايا كان من وراءه.. لمزيد من مقالات صبرى سعيد