حالة من الجدل الواسع سادت الساحة الثقافية فى مصر خلال الأيام القليلة الماضية بإعلان باعة الكتب فى سور الأزبكية إقامة معرض للكتاب بتخفيضات غير مسبوقة، وذلك فى الوقت الذى تترقب فيه مصر الحدث الثقافى الأهم فى العام وهو معرض القاهرة الدولى للكتاب. فهل يكون معرض سور الأزبكية معرضا موازيا ويؤثر على الإقبال على معرض الكتاب خاصة بعد نقله إلى التجمع الخامس هذا العام؟ «الأهرام» طرحت هذه الأسئلة وغيرها على رئيس اتحاد الناشرين وباعة الكتب بسور الأزبكية وعلى عدد من القراء لاستيضاح الصورة بشكل كامل من جميع الأطراف. بداية يرى سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين أن المسألة تم تضخيمها إعلاميا بشكل مبالغ فيه. فحتى إن كان معرض سور الأزبكية للكتب هو معرض مواز، فإنه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن ينافس حدثا بحجم معرض القاهرة الدولى للكتاب وهو يعتبر أحد أهم الفاعليات الثقافية فى العالم. وأوضح أن السور كان يشارك كل عام فى المعرض، لكن للأسف أساء البعض منهم استخدام المكان وعرض كتبا مزورة للبيع. حتى إنهم أصبحوا وسيطا لتجارة الكتب المزورة، وبالطبع هذا أمر يسيء لسمعة المعرض ولسمعة مصر. كما أنه يضر باقتصاديات صناعة النشر. وأضاف: ما حدث هذا العام أننا بالفعل أتحنا لهم الفرصة من أجل المشاركة، رغم أنهم تجار وليسوا ناشرين ولا أعضاء فى اتحاد الناشرين. بل ووعدناهم بإنشاء شعبة لهم فى الاتحاد فى حال التزامهم. لكن المفاوضات معهم فشلت بسبب تعنتهم ورفضهم للمساحة المخصصة لهم وأصروا على أن يكونوا موجودين بالكامل فى المعرض بداية من تجار سور الأزبكية والسيدة زينب وباعة الكتب فى شارع النبى دانيال بالإسكندرية. وانتهت المفاوضات باعتذارهم عن عدم المشاركة لعدم وجود كل الباعة بالعرض الذى يرضيهم. لكن فى النهاية اتفق ستة من الباعة على المشاركة فى المعرض. وأضاف لا يمكن أن نعتبر هذا المعرض موازيا لمعرض الكتاب الذى هو أحد أهم واجهات مصر الثقافية. لكن الواقع أن باعة الكتب لجأوا إلى هذه الدعاية لأهداف ربحية ولتعويض خسارتهم من عدم مشاركتهم فى معرض الكتاب. ومطالباتهم بالالتزام باحترام حقوق النشر للكتب الأصلية العربية أو الأجنبية سواء فى المعرض أو فى الأيام العادية حفاظا على حقوق الكتاب والناشرين. وفى المقابل لوجهة النظر هذه اعتبر الباعة فى سور الأزبكية من جانبهم أن المساحة التى تم تخصيصها هذا العام كانت غير منطقية بالمرة حيث إن عددهم يتجاوز المائة بائع، وأُبلغوا بأنه لن يسمح لأكثر من 33 بائعا فقط بالمشاركة. ويقول محمود بائع كتب فى السور: كان علينا أن نتخذ موقفا موحدا. واعتبر أن تحجيم مشاركة سور الأزبكية فى المعرض لن يكون حلا لأزمة تزييف الكتب. خاصة أن من يفعلون ذلك لا يمثلون أكثر من 10 % من إجمالى عدد الباعة فى سور الأزبكية. لذلك فنحن ظلمنا بسببهم، لكن النتيجة أنه لا نحن ذهبنا للمعرض ولا هم كفوا عن بيع النسخ المزيفة. فيما اعتبر أحمد، بائع ومنظم لفاعليات المعرض، أن تحدى نجاح معرض سور الأزبكية هو تحد لهم شخصيا. وهذا هو ما دفعهم لارتداء شارات باسم المعرض وتوزيع الأدوار فيما بينهم،بين منظم ومساعد للجمهور ومسئول عن التسويق وآخر عن السوشيال ميديا. ويقول بائع آخر كبير فى العمر إنه كان يشارك فى المعرض كل عام وحزين على عدم مشاركته هذه المرة، لكن الحقيقة أنه وفر الكثير من نفقات إيجار المعرض والانتقالات، وقرر مثل الآخرين أن يعود هذا التوفير أيضا بالنفع على الزبائن فى صورة تخفيضات وعروض. ويشرح أحمد أحد الشباب المنظمين للمعرض فى الأزبكية، الأسباب التى تدفعه للاعتقاد فى نجاح الحدث. وعلى رأسها انخفاض الأسعار الذى يسمح لميزانية طالب بشراء عشرة كتب على سبيل المثال، بينما قد لا تضمن له فى المعرض سوى كتاب واحد فقط. وأضاف أن وجود سور الأزبكية بجانب محطة مترو العتبة سهّل على الزوار كثيرا الوصول إليه بميزانية مواصلات معقولة. فى الوقت نفسه، قال الشاب المسئول عن صفحة الفيسبوك الخاصة بمعرض سور الأزبكية للكتاب إن أقصى طموحه كان الإعلان عن الحدث ليصل إلى أكبر عدد ممكن، لكنه فوجئ بأن الصفحة تقترب من مليون متابع و أنها حظيت بتأييد عدد كبير من مثقفى مصر، حتى إن ثلاثة كتاب أعلنوا أنهم سيقيمون حفلات توقيع كتبهم الجديدة فى معرض سور الأزبكية. وباستطلاع آراء بعض الشباب الذين اعتادوا زيارة المعرض كل عام، قال هيثم: إنه حزين بالطبع لغياب سور الأزبكية عن المعرض، لذلك ذهب إليه فى أول أيام معرضه. وهذا لا يمنع من أنه سيذهب أيضا إلى معرض القاهرة الدولى للكتاب كما اعتاد كل عام. وتقول منى إن زيارة سور الأزبكية أمر أساسى لكل من يبحث عن كتاب بسعر مناسب فى مصر. لكن لا غنى عن زيارة المعرض الدولى حيث تجد هناك الكتب المترجمة الصادرة حديثا والتى تحتاجها من أجل إتمام رسالتها للماجستير. فيما قالت والدة الطفلة إيمان إنها تأتى للسور دائما لتعلم أطفالها أهمية القراءة وأماكن وجودها بسعر مناسب، وهذا لا يمنع من ذهابها للمعرض رغم بعد موقعه الجديد.