* الجالية المصرية هى قوتنا الناعمة وسفيرنا الحقيقى وعليها دور فى زيادة التعاون * الكنديون مهتمون بالثقافة والفنون.. وصناعاتنا اليدوية يمكن أن تجد لها سوقا رائجة هنا * على المصريين أن يأتوا بأنفسهم إلى كندا لعرض فرص الاستثمار فى مصر منذ وصوله لتسلم مهام منصبه كسفير لمصر فى كندا، وخطط السفير أحمد أبو زيد تبدو شديدة الطموح، خاصة فيما يتعلق بتعزيز العلاقات بين مصر وكندا وبناء المزيد من الجسور بين البلدين. وخلال الحوار الذى اختص به “الأهرام” أوضح لنا عددا من الآليات التى سوف يعتمدها للوصول بالعلاقات المصرية الكندية لمستوى يليق بالحجم الإقليمى لمصر وبكندا كدولة صاحبة اقتصاد قوى ومؤثر عالميا. سعادة السفير، توليت المنصب فى ظل علاقات ليست على القدر المأمول بين مصر وكندا، فما هو الملف الأهم الذى بدأتم بالعمل عليه؟ منصب سفير مصر فى كندا مسئولية كبيرة، لأن كندا لها ثقل سياسى واقتصادى كبير فى العالم، فهى عضو فى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، ولها ارتباطات بمجموعات اقتصادية أخرى وقوات تشارك فى حفظ السلام فى أماكن مختلفة من العالم، كما أنها عضو مهم فى حلف الناتو. لا شك فى أن أجندة عمل السفارة المصرية فى أوتاوا طموحة، وذلك لكونها مرتبطة بالظروف التى تمر بها مصر حاليا، من حيث عملية التحول الشاملة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، والحاجة لأن تبنى مصر شراكات قوية مع دول كثيرة مهمة، ومن ضمنها كندا بطبيعة الحال. إذن، كيف نعود بالعلاقة بين مصر وكندا إلى ما كانت عليه تاريخياً، وما هى العقبات التى تحول دون ذلك؟ علاقات مصر مع كندا بالفعل علاقات تاريخية، ممتدة منذ عام 1954، فكندا كانت أول دولة تسهم فى قوات حفظ السلام فى مصر بعد عدوان عام 1956، ومارست دورا كبيرا فى دعم برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر لعقود طويلة بإسهام يتجاوز 2٫5 مليار دولار، وبالعودة إلى سؤالك، لابد أن يكون واضحا للجميع أن مصر دولة محورية ولها ثقلها، وكندا دولة كبيرة أيضا، ومن الطبيعى أن تعكس العلاقة أهمية كل من الدولتين، لكن واقع الأمر يقول غير ذلك، حيث لا تتلاقى الاهتمامات الكندية مع الاهتمامات المصرية فى كثير من ملفات السياسة الخارجية، والانخراط الكندى فى السياسة الإقليمية الخاصة بالشرق الأوسط وإفريقيا ينصب على ملفات محددة بعينها، ولا نشعر بأنه اهتمام ذَو بُعد استراتيجي، بخلاف الوضع بالنسبة لدول أخرى على المسرح الدولى نجدها أكثر تفاعلا مع المنطقة، وبخلاف الوضع بالنسبة لمصر بطبيعة الحال المنغمسة بشكل كامل بوتيرة شبه يومية فى كل ما يحدث فى الشرق الأوسط. هل تقصد أن اهتمام كندا ينحصر فقط بالملف الخاص بالحريات وحقوق الإنسان، وهناك عدم اهتمام بكثير من التحديات الأخرى التى تواجه دولا المنطقة؟ لا أقصد ذلك بالتحديد، ولكن نلاحظ مثلا أن كندا لديها اهتمام خاص بالموضوعات الاجتماعية والتنموية بقدر يفوق اهتمامها بالموضوعات الاستراتيجية أو الأمنية أو الجيوسياسية، وهذا شئ جيد بطبيعة الحال وتحتاجه مصر ودوّل المنطقة، ولكن من المطلوب أيضا من دولة بحجم وثقل كندا أن تكون لها علاقة خاصة واستراتيجية مع دولة بحجم وثقل مصر الدولى والإقليمي، وأن تكون فى مقدمة الدول التى تستفيد من فرص الاستثمار الهائلة المتاحة فى مصر، وأن تتعاون مع مصر فى مجال مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار والسلام والأمن فى الإقليم، فالأوضاع فى ليبيا وسوريا واليمن، وجهود مكافحة الإرهاب، وتطورات القضية الفلسطينية، والقضايا الإفريقية فى ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى هذا العام، كلها أمور تقتضى تكثيف آليات التشاور بين البلدين على مستويات رفيعة، وزيادة حجم ومستوى الزيارات بين المسئولين فى البلدين. حتى ضمن اهتمامات كندا الدولية، هناك ملفات تهمنا فى مصر مثل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليم وتنمية المشروعات الصغيرة، فما هو تلك الملفات التى تحظى بالإهتمام الكندى؟ هذا موجود بالفعل، وكندا شريك تنموى منذ سنوات طويلة لمصر، فهى تمول عددا من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتدعم برامج ومشروعات التدريب الفنى فى أسوان، وهناك مشروع مشترك مع منظمة العمل الدولية لخلق فرص عمل فى مصر، وربما لا يكون حجم الإسهام الكندى كبيراً، لأنها تضخ مساعداتها من خلال منظمات دولية مثل برنامج الغذاء العالمى وليس بشكل مباشر مع الحكومة المصرية، ومن المطلوب أن يتسع حجم التعاون ليشمل قطاعات أخرى، فحتى الآن لا يتجاوز حجم الاستثمارات المصرية الكندية مليارى دولار فى قطاعات محددة مثل التعدين وفى بعض البنوك الكبرى، خاصة أن فرص الاستثمار فى مصر عائدها كبير يفوق العائد فى أماكن أخرى فى العالم، فالمشروعات القومية الكبرى التى تقوم بها الحكومة المصرية الآن واعدة، مثل محور تنمية قناة السويس، وتنمية الموانى والطرق. وهذه مسئولية تقع على الجانبين. إذن، ما هى العقبات؟ الطرف المصرى عليه أن يأتى بنفسه إلى كندا ليلتقى مع القطاع الخاص ويعرض فرص الاستثمار فى كل المجالات، ومطلوب من الجانب الكندى أن يتبنى استراتيجية يكون فيها قدر أكبر من التنوع فى مجالات التعاون، فالتعاون التجارى الكندى مع أمريكا يستحوذ على 75% من حجم تجارة كندا الدولية، ومن المهم فى الفترة القادمة أن يكون هناك تعاون مع المقاطعات الكندية بشكل مباشر، فلديها قدر كبير من الاستقلالية، وهى تتعاون مع دول كثيرة فى مجالات متعددة دون المرور على الحكومة الفيدرالية. لماذا توجد ندرة فى زيارات المسئولين المصريين؟ الزيارات رفيعة المستوى هى انعكاس لعلاقة خاصة، حينما تزيد وتتشابك المصالح يحدث ذلك، ومطلوب التحرك على أكثر من محور بهدف تكثيف التواصل لإحاطة المسئولين الكنديين بما يحدث فى مصر على مدار الساعة، وتوضيح أن مصر تشهد تحولا اقتصاديا واجتماعيا كبيرا، ودورها يتعاظم فى المحيط الإقليمي، وهذا يجعل المسئول الكندى يدرك أهمية زيادة التعاون مع مصر لتحقيق مصالحه ، خاصة وأن المسئولين الكنديين يؤكدون أنهم يطمحون للعب دور أكبر على المستوى العالمى على ضوء ترشح كندا لعضوية مجلس الأمن، وثانياً، إحدى الأدوات الرئيسية التى من الضرورى أن تكون ركيزة فى دعم العلاقات هى الجالية المصرية الكبيرة فى كندا، التى ربما يصل عددها إلى 300 ألف فرد، وهى جالية مهمة ومؤثرة على المسرح الكندي، فهناك أعداد متزايدة من المصريين نجحوا فى الانضمام لبرلمان مقاطعة أونتاريو، وهناك مرشحون من أصول مصرية للبرلمان الفيدرالى خلال الانتخابات القادمة فى أكتوبر 2019، ونتحدث هنا عن قوة ناعمة عليها أن تساعد فى تعزيز التعاون المصرى الكندي، وهذا يقتضى من السفارة والحكومة زيادة التواصل مع أبناء الجالية المصرية، وقد بدأنا بالفعل فى ذلك، وكل من قابلتهم يريدون الإسهام فى نهضة مصر، وقابلت بالفعل بعض رجال الأعمال الذين يريدون الاستثمار فى مصر. والجالية عليها دور فى إقناع الجانب الكندى بضرورة زيادة التعاون مع مصر، كما أن هناك طلبة مصريين يلتحقون بأعداد متزايدة فى الجامعات، ونحن نفكر فى كيفية الاستفادة منهم. كيف؟ بدأت التواصل معهم، ونقوم حاليا بحصر أعدادهم وترتيب لقاءات معهم لبناء جسور التواصل، ومعرفة التخصصات التى يدرسونها وكيف نستفيد منها، كما نسعى لإشراكهم فى الأحداث فى مصر. فأبناء الجالية هم السفراء الحقيقيون لمصر فى كندا، وليس سفراء وزارة الخارجية الذين يكلفون لمدة أربع سنوات بمهمة تمثيل مصر ثم تنتهى مهمتهم ويغادرون. هل هناك ملفات أخرى؟ يوجد تعاون كبير فى التعليم، فهناك عدد من الجامعات الكندية إفتتحت فروعا لها فى مصر، وهذا سيسهم فى تعزيز العلاقات، وهذا متواكب مع الاهتمام الخاص الذى توليه الحكومة المصرية والسيد الرئيس بملف تطوير التعليم. كندا تهتم بالثقافات؟ نعم، وهذا من بين أولوياتنا، كيف نستطيع أن نظهر أمام المجتمع الكندى تنوع روافد الثقافة المصرية، فمصر ليست حضارة الفراعنة العظيمة فقط، لكن لدينا الأدب والمسرح والسينما وغيرها، والمواطن الكندى يهتم بالثقافات والفنون المختلفة، والصناعات اليدوية يمكن أن تجد هنا سوقاً رائجة. كيف ستدعمون ذلك؟ دورنا التحرك فى مصر لالتقاط الأعمال والمنتجات التى يمكن أن تكون لها سوق فى كندا، والبحث هنا فى كندا عن ممول لاستقدام مثل هذه الأعمال إلى كندا لإقامة معارض ومتاحف، سواءً كانت جهات حكومية أو غير حكومية. نحن مقبلون على عام الانتخابات الفيدرالية، فهل يمكن أن تؤثر هذه الانتخابات على خططك؟ سؤال مهم، ففى عام الانتخابات يحدث إحجام تقليدى كندى فى التفاعل مع الخارج، حيث يكون الاهتمام أكثر بالداخل، وهذا يمثل تحديا، لكنه فرصة لوضع خطط التحرك والقيام بأعمال داعمة لخطوات لاحقة للانتخابات، توجد الآن اتصالات لعقد الجولة العاشرة من المشاورات السياسية على مستوى نائبى وزراء الخارجية، وهى مشاورات من المنتظر أن تتناول مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية، ويمكن أن تمهد الطريق لزيارات متبادلة رفيعة المستوى بين البلدين. من هى الحكومة الأسهل فى التعاون، حكومة الحزب الليبرالى أم المحافظين؟ تاريخياً شهدت العلاقة انفتاحا فى ظل حكم كل منهما، الليبراليون والمحافظون، ومصر تتعامل مع ذلك بموقف مبدئي، فنحن لا نتدخل فى الشأن الداخلى ونتعامل مع من يتولى المسئولية. ولكن هناك تباين بين الحزبين الليبرالى والمحافظين فى التعامل مع الإرهاب؟ الإرهاب قضية عالمية تتجاوز نوع الحكومات، من الصعب تصور أن يقل اهتمام دولة بهذه القضية، فكندا عضو أساسى فى التحالف الدولى ضد داعش، والأعمال الإرهابية باتت تطال كل مكان، وكافة شعوب العالم رغم تنوع ثقافاتها ودياناتها، وبالتالى من الصعب تصور أن تكون قضية مكافحة الإٍرهاب محل اختلاف حزبى فى دولة بحجم كندا، ولكن بطبيعة الحال تختلف الأساليب، وهناك اهتمام كندى خاص فى هذه الفترة بتعزيز دور كندا على المسرح الدولى طموحا فى الفوز بعضوية مجلس الأمن، وخلال اللقاء السنوى لرؤساء البعثات الدبلوماسية مع رئيس الوزراء الكندى قبل أيام، تحدث مطولاً عن القيم التى تحكم مواقف كندا الدولية، كما أعرب عن تطلع بلاده للفوز بعضوية مجلس الأمن فى عام 2021.