يبدو السفير معتز زهران سفير مصر بكندا من الاشخاص الذين يفضلون العمل في صمت، فهو منشغل بالنتائج التي يحققها أكثر بكثير من انشغاله بالاعلان عن الخطوات المتعددة التي يقوم بها. اشهر قليلة مرت على استلامه لمهام عمله كسفير لمصر في كندا.. ورغم قصر الفترة الا ان نشاط السفارة المصرية بات واضحا للجميع ، وفي هذا الحوار نحاول تسليط الضوء على بعض أنشطة السفارة المصرية في كندا على الفرص المتاحة التي يمكن الاستفادة منها لتنشيط الاستثمار والتبادل التجاري بين مصر وكندا. كيف تقيمون تجربة عملكم كسفير لمصر بكندا خلال الظرف الدقيق الذى تمر به مصر حالياً ؟ من المبكر أن اقدم إجابة قاطعة عن هذا السؤال، لاسيما واننى تسلمت عملى كسفير لمصر بكندا منذ عدة اشهر فقط، إلا اننى حريص منذ قدومى على التواصل مع كافة المسئولين واعضاء الأحزاب والاعلاميين الكنديين لايصال حقيقة ما يحدث فى مصر والمنطقة، وهو أمر أرى أننا نجحنا فيه إلى حد كبير جداً. كذلك فإننى قمت خلال هذه الفترة بالتواصل مع عدد كبير من المستثمرين والشركات الكندية لدعوتهم للوجود فى مصر والاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة المطروحة حالياً، ولمست منهم تجاوباً كبيراً، . وقد اثمرت هذه الجهود حتى الآن عن اتمام زيارة لوزير الخارجية الكندى الى مصر منتصف يناير الماضى، اعلن خلالها عن زيادة المساعدات الكندية لعدد من المشروعات التنموية فى مصر، وكذا عن مشاركة كندية فى المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ كانت لها نتائج ملموسة، وإن كنت مازلت اتطلع إلى مزيد من الارتقاء فى العلاقات الاقتصادية تجارياً واستثمارياً. تردد كثيرًا بعد ثورة يونيو أن هناك وعودًا بزيادة التبادل التجارى بين مصر وكندا، إلى أين وصلت هذه الوعود خاصة أنه تم بالفعل توقيع بروتوكول منذ ثلاثة أشهر لتصدير القمح الكندى لمصر؟ بداية، ما تم توقيعه فى شهر يناير الماضى هو بروتوكول تعاون فى مجال شراء ونقل وتخزين القمح، يسهل على الحكومة المصرية إجراءات استيراد القمح من كندا، كما يسهل علينا التعامل مع الشركات الكندية العاملة فى مجال إنشاء الصوامع ومعدات النقل، على أن استيراد القمح فى حد ذاته عملية تخضع برمتها إلى مسائل فنية دقيقة وارتباطات آجلة تتولاها وزارة التموين والتجارة الداخلية فى مصر بالشكل الذى تراه مناسبًا. هذا، علمًا بأن مصر تستورد بالفعل محاصيل زراعية كندية بقيمة 120 مليون دولار سنويًا، ويصل إجمالا حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى مليار دولار سنوياً، تحظى فيه الدولتان بمقدار كبير من التكافؤ. أما بالنسبة لزيادة حجم التعاون الاقتصادى فتقوم السفارة بجهد وافر فى الترويج للفرص الاستثمارية فى مصر وقد نجحت الشركات الكندية خلال مؤتمر شرم الشيخ بالتوقيع على اتفاقات قيمتها الإجمالية 7 مليارا دولار فى مجالى السياحة والطاقة الجديدة والمتجددة، ويبقى على القطاع الخاص التقاط الخيط من الجهود الحكومية المبذولة فى هذا الإطار لبحث الإمكانات المتاحة لزيادة أحجام التبادلات التجارية وتوسيع نطاق ومجالات الاستثمارات الكندية فى مصر. ما هى الوسائل التى تنتهجها السفارة لربط أبناء الجالية بالوطن الام؟ الجالية المصرية فى كندا ثرية ومتميزة للغاية، وقبل كل ذلك حافلة بالنماذج الوطنية الساعية لنقل خبراتها ومساعداتها لمصر، والسفارة تعمل دوماً على الاستفادة من ذلك، وتسهيل تواصل المواطنين مع الجهات المصرية المعنية، ولذلك فأنا على اتصال دائم بالجمعيات المصرية وباقطاب الجالية فى كندا، كما أن أبواب السفارة مفتوحة دوماً للمصريين الراغبين فى التواصل أو تقديم الاقتراحات إلى القاهرة، وقمنا بالفعل بتسهيل لقاء عدد من ابناء الجالية بالمسئولين المصريين فى القاهرة، ونقلوا مقترحات وخبرات مفيدة فى مجالات الاستثمار والبنوك والسياحة والطاقة والتدريب وغيرها. هناك بعض التحركات داخل كندا تسعى لإدراج جماعة الإخوان المسلمين فى قوائم المنظمات الإرهابية وبعض هذه التحركات يدعمها مواطنين مصريين، ما هو موقف السفارة منها؟ يقوم العديد من أبناء الجالية بالتواصل مع المسئولين الكنديين لتعريفهم بطبيعة التنظيمات والمجموعات غير القانونية والمتطرفة فى مصر، وكثير منهم يتحركون بصفتهم مواطنين كنديين يرون فى مثل هذه التنظيمات وامتداداتها الخارجية خطرًا على الأمن الكندى ذاته، كما هى خطر على الامن المصرى. وتقوم السفارة بدورها الطبيعى فى هذا الشأن من خلال تواصلها المستمر مع دوائر صنع القرار الكندية البرلمانية أو الحكومية، والتأكيد على أن خطر هذه المجموعات لا يقتصر على البلدان العربية الموبوءة بها، بل ان هذا الخطر يطال الجميع بما فيهم كندا ذاتها التى عانت مؤخراً من هجوم ارهابى لهذه المجموعات على مبنى برلمانها فى قلب العاصمة "أوتاوا". وقد اثمرت جهودنا هذه مؤخراً عن قيام كندا بادراج ما يسمى تنظيم "انصار بيت المقدس" والمعروفة بارتباطها بتنظيم "داعش" على قائمة المنظمات الارهابية الكندية، بما يضعها وكل المتعاملين والمتعاطفين معها تحت طائلة القانون الكندى، وهو نجاح ننتظر ان يتلوه نجاحات أخرى قريباً فى هذا الشأن. كندا على اعتاب انتخابات برلمانية جديدة وربما توجد بعض المؤشرات لتغيرات فى مزاج الناخب الكندي، فهل يمكن ان يؤثر تغيير طبيعة الحكومة على العلاقات مع مصر؟ على مدار ستين عاما وتحديدا منذ العام 1954 حدثت تقلبات مختلفة على الساحة الكندية ، ومع ذلك ظلت العلاقات المصرية الكندية علاقات راسخة تحددها المصالح المشتركة والمتبادلة بين البلدين، فدولة كبرى مثل كندا لها دور فاعل على الساحة الدولية ، باعتبارها عضو فى عدد من التجمعات الدولية المؤثرة ، وفى المقابل فإن مصر دولة محورية فى الشرق الاوسط وهذا يحتم على البلدين مهما كانت التغيرات السياسية ان يظلا على تنسيق وتعاون دائم خاصة هذه الايام التى تشهد تصاعد وتيرة هدامة من الفكر المتطرف والارهاب الذى تواجهه كلا من مصر وكندا.