آثارنا الفرعونية فى الأقصر«المدينة المتحف» التى تحتضن ثلث آثار العالم تتعرض فى العديد من المناطق لتلف يهدد سلامتها جراء عوامل بيئية كثيرة على رأسها تسريبات المياه الجوفية والسطحية لعدم توافر الصرف الصحى فى المناطق السكنية المحيطة بها ، الأمر الذى يتطلب وجود أساليب حماية ووقاية على أسس علمية سليمة وهذا مافطن إليه المعهد العلمى الفرنسى للآثار الشرقية بالقاهرة. وفى دراسة أجراها باحث المعهد حسان الأمير على معبد أرمنت الذى يبعد 18 كيلومترا عن مدينة الأقصر، والذى تأثر سلبا بفعل المياه السطحية للترع والصرف الصحى والزراعى بجانب تسريبات مياه نهر النيل ، إضافة إلى ماتسببه المياه الجوفية من إعاقة لأعمال الحفائر والترميم خاصة وأن مستوى سطح المعبد منخفض، الأمر الذى ساعد على تكاثر تجمعات المياه وتكوين نسب عالية من الأملاح المنتشرة على جدران المعبد ،كما أن انتشار قمائن الطوب الأحمر والتى تستخدم المازوت فى عملية الحرق ترفع انبعاثات ثانى أكسيد الكربون والذى يسهم فى تدمير الآثار، لأنه السبب الرئيسى لتكوين المواد الحمضية على أسطح المعبد. وأثبتت الدراسة أن وجود أنواع من النباتات أثر بشكل كبير على المعابد والآثار المشيدة بالطوب اللبنى لأنها تتغلغل بداخله وتؤثر على النقوش وألوانها،ومن هنا بدأت الجهود التى يشرف عليها المعهد بعمليات الحفر والترميم والعلاج المستمر وتنظيف وإزالة الأملاح من فوق جدران المعبد والآثار.،وتنفيذ مصاطب وضعت عليها الأحجار بارتفاع 20 سم وبعضها بارتفاع 30 سم ،كما تم تصميمها من مواد عازلة غير قابلة لنفاذ المياه إلى الآثار لحمايتها من الطبقة الأرضية مع التنفيذ فى الأماكن المرتفعة بالمعبد. وأضاف الباحث حسان أن منطقة ديرالمدينة التى يقع بها المعبد تتسم بطابع خاص حيث تحتضن فى وادى قرية العمال مقابر الحرفيين والفنيين الذين كانوا يقومون بتشييد مقابر الملوك والملكات بالنحت فى الجبل الطفلى ،ونفذوا النقوش الفرعونية التى جعلتها من أجمل وأروع المقابر الموجودة فى البر الغربي. وتجدر الإشارة إلى أنه من أسباب عوامل التلف فى المعبد.. ضيق أماكن الزيارات مع زيادة أعداد السائحين بأعداد كبيرة جداً وتصاعد ثانى أكسيد الكربون من عمليات التنفس مما تسبب فى زيادة معدلات الرطوبة التى أثرت سلباً على الجدران والنقوش الموجودة عليها ، وسوف يتم فى المرحلة المقبلة إجراء عمليات الترميم لدير المدينة ، كذلك يتم الآن ترميم المقصورات الأوزورية والتى تنتسب إلى الملك أوزوريس والتى تم ترميمها باستخدام الحجر الرملى لتحقيق التقوية واستكمال الأجزاء المفقودة. وعن أهم التوصيات التى تمخضت الدراسة عنها قال الباحث:- أوصت الدراسة لتخفيف وطأة عوامل التلف البيئية على الآثار بضرورة تضافر الجهات الرسمية وإدخال صرف صحى منتظم للقرى المحيطة بالآثار للقضاء على مشكلة المياه السطحية والجوفية والتى تمثل 70% من أسباب التلف، كذلك استخدام أساليب رشيدة للرى الزراعى بهدف تقليل كميات مياه الرى وعدم استخدام أسلوب الرى بالغمر لحماية المبانى الأثرية من مياه الأراضى الزراعية، وأيضا المبادرة بتكرار تجربة منع الزراعات التى تستهلك كميات كثيرة من المياه واستبدالها بمحاصيل أقل استهلاكا للمياه مثلما حدث فى حماية معبد أمنحوتب الثالث فى البر الغربى بالأقصر والتى كانت من ضمن توصيات إحدى البعثات العلمية حيث كانت المياه تعوق أعمال البحث والحفر والتنقيب، بالإضافة إلى تكرار تغطية الترع وإنشاء صرف مغطى للزراعات المحيطة بمعبد أرمنت مع ضرورة نشر التوعية للطلاب وإعلامهم بقيمة الأثر الموجود فى بلدانهم وعدم إلقاء المخلفات فى المناطق المحيطة للأثر، وعدم تسلق الشباب للآثار بهدف التصوير مع أهمية أن يقوم بالتوعية متخصصون فى علوم الآثار.