لا يختلف تأثير الإرهاب علي صناعة السياحة في مصر كثيرا عن تأثير التقارير السلبية المتعمدة التي تبثها وسائل إعلام أجنبية كارهة لمصر، فالهدف واحد، وإن اختلفت الوسيلة، وهو «إرهاب» السائحين وتطفيشهم، وإقناعهم بأن زيارة مصر مغامرة محفوفة بالمخاطر. وتركز التقارير الإعلامية في هذا «الإرهاب» علي التضخيم من تأثير العمليات الإرهابية علي الحياة اليومية في مصر، وتصوير الدولة المصرية علي أنها دولة فاشلة أمنيا غير قادرة علي حماية زائريها ومواطنيها، وإظهار مصر علي أنها غير آمنة تحديدا للسيدات، وأنها معقل التحرش في العالم! ظهر هذا واضحا من خلال استمرار وكالتي «رويترز» و«أسوشييتدبرس» للأنباء في استثمار حادث المريوطية للتضخيم من تهديدات الإرهاب في مصر، خاصة عبر الترويج لفكرة وقوع الحادث «في منطقة الأهرام»، والترويج أيضا لمزاعم تمركز «خلايا جهادية» قرب منطقة الأهرام بصفة عامة، وأيضا التشكيك في العملية الأمنية التي أدت إلي مقتل أربعين إرهابيا في اشتباكات مع قوات الأمن بالجيزة وشمال سيناء بعد الحادث، عبر التلميح في الوكالتين بنغمة واحدة هى احتمالات عدم صلة المقتولين بالإرهاب، في تكرار لنفس مزاعم جماعة الإخوان خلال محاولتها تبرير جرائمها في حق الشعب المصري. وفي تقريرها الذي بثته بتاريخ 29 ديسمبر 2018، وصفت «رويترز» المقتولين بعد حادث المريوطية بأنهم «يشتبه في أنهم متشددون». وفي تقرير أسوشييتدبرس عن العملية الأمنية نفسها بتاريخ 29 ديسمبر، قالت الوكالة إن «بيان الأمن لم يشر إلي وقت وقوع الدهوم، مما يشير إلي أن الهدف من توقيت نشرها هو أن تظهر علي أقل تقدير وإلي حد ما أن قوات الأمن حققت نجاحا ضد المتشددين، وترد بذلك علي الانتقادات اللاذعة القوية لفشلها الملحوظ في حماية السائحين»، وبالتأكيد، لو طلبنا من أحد قيادات جماعة الإخوان كتابة هذه العبارة لفشل في صياغتها بهذا الحماس وهذه القوة وهذه النغمة! كما زعمت الوكالة في تقريرها نفسه أن منطقة الأهرام «تعد مقرا للخلايا الجهادية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين». وعلي النهج نفسه، بثت بي.بي.سي. تقريرا بتاريخ 29 ديسمبر 2018. وتضمن التقرير تعقيبات عبر الإنترنت بشأن الهجوم الإرهابي بمنطقة المريوطية، وإصرار البعض علي تحميل المسئولية لسوء السياسات الأمنية، كما نقلت البي بي سي عن هؤلاء تحذيراتهم من استغلاله «لتمرير إجراءات صارمة بحق المواطنين، وتحويل اهتمامهم عن مطالبهم الأساسية»! وتحقيقا للهدف نفسه، واصلت شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأمريكية تصعيدها الواضح ضد مصر، بتكرار نشر تقاريرها المفتعلة حول خطورة ظاهرة التحرش بالسيدات في شوارع ومدن مصر، وفقا لاستطلاعات رأي مشكوك في نزاهتها، وذ لك بالتزامن مع تغطيتها السلبية لحادث المريوطية، أملا منها في تشويه صورة هذا البلد الذي بدأ يتعافي سياحيا من آثار جرائم الإرهاب والفوضي وغياب الدولة. ففي تقريرها الذي بثته سي إن إن بتاريخ 4 يناير 2019 بعنوان «حملة Me Too في مصر تستهدف التحرش في الشوارع»، حول تجربة ناشطة ربحت قضية تتعلق بالتحرش بعد أن أصدر القاضي حكما بمعاقبة الجاني بالسجن عامين، ووصفت سي إن إن هذا الحكم بأنه «انتصار نادر في بلد أظهر استطلاع أجرته الأممالمتحدة ومنظمة بروموندو عام 2017 أن قرابة 60% من سيدات مصر تعرضن للتحرش الجنسي». وبالطبع، لم تفوت الوكالة الفرصة لإعادة التذكير باستطلاع «تومسون رويترز» الشهير الصادر عام 2017 الذي زعم أن القاهرة أخطر مدينة في العالم علي السيدات. وظهر ذلك أيضا في اهتمام وكالة «رويترز» بإعطاء أبعاد أخري لقضية الناشطة التي اتهمت السلطات المصرية في فيديو بعدم حماية السيدات في مصر من التحرش، حيث أصرت الوكالة علي تجاهل أسباب الحكم الصادر بتأييد سجن الناشطة عامين، ونقلت بدلا من ذلك بيانا من منظمة العفو الدولية تعلق فيها علي الحكم الأخير بأنه «ظلم سافر»، زاعمة أن الناشطة المذكورة عوقبت «لمجرد حديثها صراحة عن تجربة تعرضها للتحرش الجنسي»، وهو ما يحمل اجتزاء للحقيقة التي أسهبت المحكمة في ذكر تفاصيلها، وهو نفس الخطأ المتعمد الذي لجأت إليه أسوشييتدبرس التي اعتبرت أن الناشطة صدر ضدها هذا الحكم لمجرد «انتقادها» السلطات بسبب فشلها في حماية ضحايا التحرش، رغم أن القضية لها تفاصيل أخري كثيرة. وأضافت أسوشييتدبرس عبارة في نهاية تقريرها عن هذا الموضوع بتاريخ أول يناير 2019 تصف فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي صراحة بأنه «يشرف علي حملة قمع تستهدف المعارضة»! .. وبالتأكيد، مصر تحقق معجزة حقيقية باستعادة السائحين العرب والأجانب في ظل هذه الأجواء المتربصة، وهذه التقارير «السوداء» التي لا يريد أصحابها حتي الآن الاعتراف بحقيقة فشلها في إحداث أي تأثير علي الرأي العام العالمي!