يقول الشاعر الهراوى: ربوا بنيكم, علموهم, هذبوا فتياتكم, فالعلم خير قوام.. وهذه رسالة للآباء فى زماننا هذا: أيها الآباء.. لا تغفلوا عن أولادكم، فهم يكبرون جسمًا ويصغرون دينًا، يأكلون طعامًا ويجوعون حُبًا ووئامًا, والزمان لم يعد كسابقه.. فى اليوم الذى تغفل فيه عن ولدك تهجم على عقله ألف فكرة خاطئة، وعلى وقته ألف شاغل، فكيف بمن يغيبون شهورًا ودهورًا دون نصيحة أو جلسة تربية وإرشاد.. أيها الآباء: لا حاجة لأولادكم فى الثوب الجديد، أو المصروف الكبير، أو الميراث الوفير إذا لم تؤسسه بحضورك على حب الله ومراقبته، وتكتشف مواطن الخير فيه فتتعهدها وتنميها، وتعرف مكامن الشر فى نفسه فتنتزعها وتنقيها.. لا تعتذروا بضيق أوقاتكم فتكونوا كمن يضحك على نفسه، فقد كان الصحابة يفتحون العالم، ثم يعودون إلى أولادهم، فيفتحون قلوبهم ويحسنون تربيتهم ويورثونهم دينهم وأخلاقهم، ولا تعتذروا بوجود الأمهات، فللرجال بصمات وللنساء لمسات، ولا غنى للولد عن كليهما.. ولا تعتذروا بالسعى على أرزاقهم، فبئس الرزق ذلك الذى يقدم للأمة أجسامًا معلوفة، وأخلاقًا مهلهلة ضعيفة ! الزمان الآن صعب، وأولادنا والله مساكين يحتاجون أضعاف أضعاف ما كنا نأخذ فى مثل أعمارهم مع فرق الفتن والمغريات التى بين جيلنا وجيلهم.. عودوا إلى بيوتكم، واشبعوا ضمًا وقُربًا من أولادكم ..العبوا معهم، وقُصّوا عليهم قصصًا تنمى فيهم الفضائل، واستمعوا كثيرا إليهم.. اتركوا هواتفكم، وتفرغوا من أجل هؤلاء الأبرياء عن بعض مشاغلكم ..أوقفوا الدنيا كلها من أجل فلذات أكبادكم، فدعاء أحد الصالحين أو الصالحات منهم لك بعد موتك من قلبه قائلا: «رب اغفر لى ولوالدىّ».. خير لك من كل التفاهات التى شغلتك عنهم. محمد لطفى أرناءوط