يجب على المسلم أن يسأل الله، تعالى، بصدق، أن يعينه على طاعته، وأن يوفقه إلى حُسن عبادته، وأن يتقبل منه اجتهاده في استعداده لملاقاته. جاء أبو بكر، رضي الله عنه، إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال له: "عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي، قَالَ: قُلْ: "اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا، أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". (رواه البخاري ومسلم). وجَّه رسول الله، خير الأمة من بعده، إلى قول: "اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا".. فما بالنا نحن؟. هذا دعاء آخر علَّمه الرسول، للصحابي معاذ بن جبل، رضي الله عنه، دعاه فيه إلى طلب الإعانة من الله، تعالى، وحده، على ذكره، وشكره، وحسن عبادته. قال له النبي: "إِنِّي لأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ، فقال: وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "فَلا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلاةٍ: "رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ". (صححه الألباني في "صحيح النسائي"). تنطلق هذه الدعوات من مبدأ محاسبة النفس. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ". (الحشر:18) كثرة الاستغفار وسيلة ثالثة للاستعداد للآخرة. قال أبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "وَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً". (رواه البخاري). وقَالَ أَبو بُرْدَةَ: "سَمِعْتُ الأَغَرَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ". (رواه مسلم). هكذا، كان رسول الله، يتوب إلى الله تعالى، في اليوم مائة مرة.. فماذا عنا؟ لا شك أن خير ما يستعد به المرء للآخرة توبته الصادقة، تلك، إلى الله. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ". (التحريم: 8). قال ابن كثير: قوله "تَوْبَةً نَصُوحًا": توبةً صادقةً جازمةً، تمحو ما قبلها من السيئات، وتلمُّ شعث التائب وتجمعه، وتكفه عما كان يتعاطاه من الدناءات". (تفسير ابن كثير). وقال النووي: "قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله، تعالى، لا تتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط: أن يقلع عن المعصية، ويندم على فعلها، ويعزم ألا يعود إليها أبدًا. وإن كانت تتعلق بآدمي، فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالًا أو نحوه ردَّه إليه، وإن كانت حدَّ قذف ونحوه، مكَّنه منه، أو طلب عفوه، وإن كانت غِيبةً استحله منها". ("رياض الصالحين" للنووي). [email protected] لمزيد من مقالات عبدالرحمن سعد