« لما الشتا يدق البيبان .. لما تنادينى الذكريات ، لما المطر يغسل شوارعنا القديمة والحارات ، القانى جايلك فوق شفايفى بسمتى “ الله على الكلمات الرقيقة الرائعة التى كتبها الشاعر إبراهيم عبد الفتاح و تغنى بها على الحجار بإحساس وعاشها معه كل الإسكندرانية ، فلخصت حال المدينة وأهلها فى الشتاء بمنتهى البساطة ، فالشتاء يعنى النقاء والصفاء ، وحبات المطر التى تسقط فتحكى كل حبة منها حكاية عاشقين ، الشتاء يعنى بحر المدينة المتقلب الصاخب الذى منحها حياته ، الذى يضرب الصخور بقوة ويحنو فى نفس الوقت على رمال الشاطئ فينسحب بسرعة ، الشتاء يعنى المبانى القديمة التى تطل على البحر و تسكن فى قلوب السكندريين ، ويعنى المقاهى الخشبية العتيقة التى تتصاعد منها أبخرة القهوة المضبوطة والشاى فى الخمسينة والسحلب ، ويعنى مراكب الصيادين المنتظرة على الشاطئ فى ترقب لحين انتهاء النوة لكى يسعى كل صياد على رزقه ، الشتاء فى قلب السكندريين له معان كثيرة فهو يعنى العودة الى الجذور ويربط الأهل والأقارب والأصدقاء ببعضهم البعض ، يمنحهم الدفء والحنان ويثير الشجن ، الشتاء فى مدينتى مختلف وله مذاق لذيذ بطعم الذكريات ، ملئ بالقصص عن شعب يعشق رائحة المطر وصوت زخاته ، شعب يتمتع بالجلوس على المقاهى والتجول فى الشوارع تحت حبات المطر ، ورغم المصاعب التى يعانيها من تحول بعض الشوارع الى برك مائية وبحيرات للسباحة وأحواض من الطين اللزج بسبب الحفر الموجودة فى الأسفلت والتكسير المصابة به بعض الشوارع إلا أن للمدينة بريقا لا يخفت حتى إن بعض الصبية لم يمنعهم المطر وبرودة الشتاء من اللعب فى برك المياه التى تكونت فى بعض المناطق الشعبية وكذلك خرج عدد من الشباب والفتيات للتريض والجرى على الكورنيش ولم تمنعهم حمامات المياه التى حصلوا عليها جراء السيارات المسرعة من الاستمتاع بالحياة .. والجميل أننى اكتشفت أن مدينتى تجذب انتباه الكثير من السياح فى هذا الوقت من العام حيث يتمتعون بصخب البحر وصوت أمواجه المتكسرة وهم يركبون الحنطور ويتجولون على الكورنيش وهم يلتهمون حبات البطاطا والذرة المشوية . وفى النهاية بقى أن أقول أنه حتى يعود للإسكندرية سحرها فى الشتاء وتتخلص من حالة الخوف من خطر النوات والغرق فإننى أهمس فى أذن المسئولين بتكثيف الاهتمام بالبنية التحتية للمدينة وخاصة شبكة الصرف الصحى لكى تستوعب الكميات الضخمة من الأمطار بالإضافة الى ضرورة وضع خطة لسفلتة الشوارع حتى لا تتراكم فيها المياه وتتحول الى برك فتفقد المدينة بريقها وسحرها الذى اعتدنا عليه . [email protected] لمزيد من مقالات أمل الجيار