اتفاق غريب مريب من قيادات الحلف الغربى بزعامة أمريكا، الذين يعلنون حاليا حماسهم للتصدى للإرهاب واقتلاع جذوره فى المنطقة، ولكنهم لا يتطرقون إلى ذِكر ممولى الإرهاب! وكأنها مسألة فرعية! وكأنه يمكن التصدى للإرهاب دون أن تُسدّ مصادر تمويله! رغم البداهة التى تقول إنك، إذا كنت جادا، فإن أولى مهامك أن تُحدِّد من هم ممولو الإرهاب وماهى طرق وأساليب التمويل؟، وأن تضع الخطط لردعهم ولقطع قنواتهم مع الإرهابيين! أما هذا الصمت عن التمويل فلا يمكن أن يكون سهوا، وإنما هو يدعو إلى التوجس من خطط أخرى يعدّون لها بطريقتهم، وأن هناك خطوات تالية مرسومة يفتحون فيها هذا الملف وفق التوقيت المدرج فى تصورهم! وهذا يدعو الممولين إلى التوجس مما هو آت، أما إذا اطمأنوا للهدوء الحالى وظنوا أنه دائم وأنهم فى مأمن، فعليهم وحدهم كل اللوم وهم يواجهون تبعات غفلتهم! خُذْ هذا المؤشر وقِسْ عليه فى مسائل أخري: ففى عِزّ الانتقاد العنيف من أمريكا وحلفائها للعدوان على اليمن، واكتشافهم فجأة حجم التدمير وأعداد الضحايا ومدى معاناة المدنيين اليمنيين، بما يوحى وكأن أمريكا وشركاءها أبرياء تماما وأنهم أبعد ما يكونون عن الموضوع، إذا بتصريح أمريكى يعلن للكافة أنها سوف تتوقف فورا عن مساعدة الطائرات التى تُغِير على اليمن بتموينها بالوقود من الجو!! أى إنهم كانوا ضالعين، بل شركاء أصلاء، فى هذا العدوان الذى يبدو عليهم أنهم يدينونه من ناحية المبدأ!! وهذا هو بالضبط ما يجب توقع حدوثه فيما يخص الممولين، الذين ما كانوا يسمحون لأنفسهم بالجسارة فى الإمعان فى مساعدة الإرهابيين إلا فى إطار سياسة أكبر تضعها أمريكا. ولكنهم لم يحسبوا ماذا يفعلون عندما تنفض أمريكا يدها من هذه السياسة وتتبنى سياسة أخرى تتوافق أكثر مع مصالحها التى يجب أن تضمن تحقيقها، ولا يهم تغيير السياسات. ولكن يبدو أن قطر، وهى من الممولين الكبار، لا تتوقع ما سوف تتعرَّض له، لأنها فى غمرة الانتشاء بالتشفى من آخرين يعانون الآن نتيجة عدم توقعهم لما يتعرَّضون له! [email protected]