يمثل الاقتصاد الصيني المركز الثاني دوليا بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية من حيث الناتج المحلي الإجمالي, رغم تفوق الصين من حيث السكان دوليا والبالغ عددهم3 ر1 مليار نسمه أي أربعة أضعاف سكان أمريكا, وذلك بسبب تفوق انتاجية العامل الأمريكي علي انتاجية الصيني, رغم بلوغ قوة العمل الصينية796 مليون شخص. وفي مجال التجارة الدولية السلعية استمرت الصين في تحسين مركزها من حيث الصادرات, حتي وصلت الي المركز الأول متخطية ألمانياوالولاياتالمتحدة, وفي العام الماضي بلغت قيمة الصادرات الصينية1 تريليون و904 مليار دولار, مقابل واردات1 تريليون و743 مليار دولار, ليصل الفائض التجاري لديها161 مليار دولار. بينما تعاني دول كبري عديدة من العجز بالميزان التجاري السلعي خلال العام الماضي, منها الولاياتالمتحدة صاحبة أكبر عجز تجاري بلغ784 مليار دولار, ووجود عجز تجاري باليابان وفرنسا وانجلترا وايطاليا وكندا وأسبانيا والمكسيك والهند وهونج كونج. ومع الفائض الضخم بالميزان التجاري, فهناك وفورات ضخمة أيضا تحققها تحويلات العاملين الصينيين بأنحاء العالم الي بلدهم بلغت5 ر62 مليار دولار, الي جانب الإستثمار الأجنبي المباشر الوارد للصين والبالغ124 مليار دولار بالعام الماضي. ومن هنا يحقق الميزان الكلي للمدفوعات للصين فوائض متوالية, يزداد بها رصيد الإحتياطيات من العملات الأجنبية, حتي بلغت بنهاية العام الماضي3 تريليونات و236 مليار دولار, وهي اكبر احتياطيات بالعالم. ومن هنا تتسابق دول العالم علي الإستفادة من تلك الفوائض سواء بشراء الديون مثلما يحدث بشراء أذوان وسندات والخزانة الأمريكية, أو في شكل ايداعات بمصارف الدول الكبري, أو في شكل استثمارات مباشرة أو غير مباشرة بدول العالم. تأتي أهمية زيارة الرئيس محمد مرسي والوزراء ورجال الأعمال المصريين الي الصين, في محاولة للإستفادة من تلك الفوائض سواء باستقطاب بعض الاستثمارات أو شراء المديونية المصرية, وربما زيادة أعداد السائحين الصينيين القادمين الي مصر. مع الإقرار بصعوبة ذلك في الوقت الحالي بسبب تراجع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري, وما يثار دوليا عن حالة الأمن الداخلي, والصورة السلبية التي نتجت عن المعوقات التي تعترض المنطقة الاستثمارية الصينية في شمال غرب خليج السويس, خاصة مع كون الصين دولة مستقبلة للاستثمارات أكثر منها دولة مصدرة للاستثمارات. ومن هنا يصبح ترتيب البيت من الداخل الشرط الأول لاستقطاب الاستثمارات والأموال, سواء من الصين أو من غيرها, ومن ذلك الاستقرار السياسي والتشريعي والأمني والاستثماري, فلا يمكن أن يسمع مستثمر عن استرداد شركة تم بيعها ويكون مطمئنا, ومن الصعب أن يحضر مستثمر لبلد مازال بلا برلمان أو دستور, ومن الصعب أن يطمئن مستثمر وهو يسمع أن عمال احدي الشركات قد منعوا صاحبها من دخولها هكذا. لأن كل ذلك سينعكس علي حجم التعامل مع الصين وغيرها, فحتي القرض الذي سيقدمه بنك التنمية الصيني لمصر والبالغ قيمته مائتي مليون دولار, كان من الممكن خفض نسبة الفائدة عليه لو كان التصنيف الائتماني لمصر أفضل مما هو عليه الآن. ونفس الأمر لشروط التجارة من حيث قيمة التأمين علي الواردات وحتي سعر الواردات في ضوء ارتفاع المخاطر. وهذا لا يقلل من أهمية زيارة الرئيس ورجال الأعمال والوزراء للصين, والمشروعات التي تم الإتفاق عليها في مجالات: البتروكيماويات والطاقة الجديدة والمتجددة والأدوية والكهرباء والسيارات وتحلية مياه البحر والإتصالات والنقل. خاصة مع حاجتنا للاستفادة من تجرية التنمية بالصين الأقرب الي ظروفنا, من حيث نوعية التكنولوجيا كثيفة العمالة, والاعتماد علي الصناعات الصغيرة, وخفض التكلفة كعامل رئيسي للمنافسة بالتجارة الدولية. حيث أدت الزيارة الي توصيل رسائل متعددة سياسية واقتصادية الي العالم, لكن بطء استقرار الأوضاع بالداخل سينعكس علي بطء تنفيذ الإتفاقيات التي تم الإتفاق عليها, والتمهل في زيادة أعداد السياح الصينين القادمين لتظل التجارة السلعية هي المهيمنة علي صور التعاون بين مصر والصين, في ضوء صادرات مصرية للصين بلغت خلال العام الماضي603 ملايين دولار فقط, حسب بيانات جهاز الإحصاء المصري, بينما بلغت الواردات المصرية من الصين5 مليارات و678 مليون دولار, ليصل العجز بالميزان التجاري أكثر من خمسة مليارات من الدولارات. وهي أرقام تختلف تماما عما تم إعلانه من قبل المسئولين المصريين عن حجم التجارة بين البلدين خلال الزيارة, وحتي يتم تضييق هذا العجز الضخم للتجارة بين البلدين, فهناك جهود عديدة مطلوبة تحتاج الي مساندة شعبية ورسمية تبدأ بالاستقرار الأمني, وهكذا يستطيع كل منا في موقعه أن يساهم في سرعة جني ثمار زيارة الرئيس للصين أو تأخير ذلك. المزيد من مقالات ممدوح الولى