دخلت بريطانيا مرحلة معقدة من الغموض السياسى مع مواجهة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى تصويتا داخل حزب المحافظين الحاكم على سحب الثقة فى قيادتها للحزب بسبب الخلافات الطاحنة داخل الحزب حول خطتها للبريكست. وقالت ماى فى بيان صباح أمس أمام مقر الحكومة فى «داونينج ستريت»، إنها قبلت التحدى وستواجه اقتراع سحب الثقة منها بكل قوة، وحذرت من أن التصويت سيجعل مستقبل بريطانيا فى خطر وسيجازف بمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي.وأضافت أن أى زعيم جديد لحزب المحافظين الحاكم سيضطر لتمديد موعد الخروج من الاتحاد الأوروبى لما بعد 29 مارس 2019. وتابعت قائلة :«لن يكون هناك زعيم جديد قبل الموعد القانونى فى 21 يناير، لذا فأى انتخابات على الزعامة تجازف بتسليم مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبى إلى أيدى نواب المعارضة فى البرلمان». وتابعت «لن يكون أمام أى زعيم جديد الوقت لإعادة التفاوض بشأن اتفاق الانسحاب وإقرار التشريع فى البرلمان بحلول 29 مارس، لذا فأحد أول الإجراءات التى سيتخذها ستكون تمديد أو إلغاء المادة 50، أى تأجيل أو حتى وقف الخروج من الاتحاد بينما يطالبنا الناس بالمضى قدما فيه». ماى فى مواجهة ثقة المحافظين ومن جانبه، أبلغ السير جراهام برادى رئيس «لجنة 1922» النافذة فى حزب المحافظين، التى تنظر طلبات سحب الثقة، أنه فى عقب بلوغ النصاب القانوني، وهو 48 طلباً بسحب الثقة من ماي، يجب إجراء تصويت على زعامتها على رأس الحزب. ومن المقرر أن يصوت نواب حزب المحافظين على سحب الثقة منها خلال ساعات.وقال برادى إنه «سيتم احتساب الأصوات فور انتهاء التصويت، وسيتم الإعلان عن النتيجة فى أقرب وقت ممكن خلال المساء». وفى حالة تصويت 159 نائبا محافظا - من أصل 316 - ضد رئيسة الوزراء، فستتم الإطاحة بها. وإذا فازت ماى فى التصويت فلن يستطيع أحد تحديها على منصبها قبل أقل من عام، لكن إذا فازت بهامش قليل من الأصوات، فإنها قد تقرر التنحى عن قيادة الحزب، وفى هذه الحالة ستجرى انتخابات لاختيار زعيم جديد للحزب، مما سيحتم طلب بريطانيا من الاتحاد الأوروبى تأجيل مفاوضات البريكست كى لا تخرج بريطانيا بدون اتفاق بحلول مارس المقبل. وإذا خسرت ماى التصويت فستكون هناك منافسة على قيادة حزب المحافظين بين عدة مرشحين، سيكون من بينهم على الأرجح وزير الخارجية السابق بوريس جونسون ووزيرا البريكست السابقان ديفيد ديفيز ودومنيك راب. وإذا ترشح أكثر من مرشح لقيادة الحزب فسيعقد الحزب سلسلة من عمليات التصويت لاختيار اثنين ليصوت عليهما أعضاء الحزب. ولا يتوقع اختيار زعيم جديد للحزب قبل يناير أو فبراير المقبلين. وستظل ماى فى منصبها على رأس الحزب والحكومة حتى ينتخب زعيم جديد للحزب. وبغض النظر عن نتيجة التصويت، ستخرج ماى أضعف مما كانت وستقود حزباً منقسماً بشدة، بداخله جناح سيقف ضدها فى كل القرارات، بما فى ذلك خطتها للبريكست. وهناك بالفعل مطالبات باستقالتها فوراً من قبل جناح مؤيدى البريكست الخشن فى الحزب، وعلى رأس المطالبين النائبان جاكوب ريس موج واندرو بريدجن. وحتى إذا فازت ماى فى اقتراع الثقة على رأس حزب المحافظين، فمن غير المتوقع أن يعزز هذا حظوظ نيل خطتها للبريكست دعم غالبية البرلمان. وتواجه ماى معارضة شرسة داخل حزبها والبرلمان لخطتها للبريكست، واضطرت الاسبوع الماضى إلى إلغاء تصويت على خطتها فى مجلس العموم تحسبا لخسارة التصويت بأكثر من 200 نائب.
إجراءات إسقاط رئيس الوزراء المحافظ كتبت يسرا الشرقاوى
تتلخص الإجراءات التى يتم اتباعها لسحب الثقة من رئيس الوزراء البريطانى وفقا لقواعد العمل داخل الحزب المحافظ على الخطوات التالية: - يتطلب طرح مسألة الثقة فى رئيس الوزراء للتصويت توقيع ما لا يقل عن 15% من نواب الحزب بمجلس العموم على طلب بهذا الشأن. - يتم بعد ذلك التصويت فى إطار اقتراع سري. - ونجاة رئيس الوزراء من سحب الثقة تتطلب حصوله على تأييد نصف الكتلة المحافظة بالبرلمان، ومعها صوت إضافي. - وفى حالة خسارة رئيس الوزراء للتصويت، يبدأ سباق داخلى على منصب القيادة، وذلك وفقا لجدول زمنى وخطوات واضحة تحددها اللجنة 1922 بالحزب المحافظ. - للمشاركة فى الاقتراع الداخلى على قيادة الحزب، يجب أن يحصل المرشح على تصويت ما لا يقل عن اثنين من نواب كتلة النواب المحافظين. - فى حالة ترشح أكثر من شخص، يتم إجراء اقتراع متسلسل لاستبعاد المرشحين تدريجيا حتى الوصول إلى تصفيات نهائية ما بين مرشحين رئيسيين، ووفقا لتصويت عام على مستوى أعضاء الحزب على مستوى المملكة المتحدة. - وإذا لم تكن الفكرة مطروحة لإجراء انتخابات عامة مبكرة، فإن الفائز بقيادة الحزب المحافظ يتولى رئاسة الوزراء بشكل تلقائى ومباشر.
تاريخيا..21 اقتراعا بسحب الثقة كتبت ياسمين أسامة فرج الاقتراع بسحب الثقة إجراء برلمانى له تاريخ طويل فى بريطانيا يرجع إلى عام 1742، عندما أدى أول تصويت بسحب الثقة إلى استقالة السير روبرت والبول من منصبه كرئيس لوزراء البلاد.وبعد ذلك شهد تاريخ الحكومات البريطانية 21 اقتراعا بسحب الثقة كان آخرها اقتراع على حكومة رئيس الوزراء المحافظ جون ميجور عام 1993، والذى دعا هو شخصيا له للفصل فى معركة عنيفة نشبت بين المعارضين من حزب العمال والحكومة بزعامة ميجور، للتصديق على معاهدة الاتحاد الأوروبى التى تعرف باسم معاهدة ماستريخت، وهى الاتفاقية المؤسسة للاتحاد الأوروبي، والتى تم الاتفاق عليها من قبل المجلس الأوروبى فى مدينة ماستريخت الهولندية فى ديسمبر 1991 ودخلت حيز التنفيذ فى نوفمبر 1993. ونجا ميجور من سحب الثقة بفارق ضئيل بحصوله على تأييد 339 نائبا مقابل 229 صوتا معارضا. وجدير بالذكر أن حكومة ميجور نفسها هى من قدمت ذلك الاقتراع للبرلمان بعد تمرد العديد من أعضاء الحزب المحافظ على ميجور وتأييدهم المعارضة الرافضة لسياسة رئيس الوزراء حول ما يعرف بالشق الاجتماعى من اتفاقية ماستريخت. وكان ميجور يرى ضرورة استثناء بريطانيا من البنود الخاصة بتوحيد قوانين العمل داخل الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبى المنصوص عليها فى معاهدة ماستريخت.