للأسبوع الثالث على التوالي، شهدت باريس عمليات كر وفر بين أفراد الأمن ومثيرى الشغب المستترين خلف حركة أصحاب «السترات الصفراء»، وذلك بعد ساعات من فشل محادثات منظمى المظاهرات مع الحكومة، والذين رفعوا شعار «استعادة الكرامة». وشهدت باريس تنظيم ثلاثة احتجاجات تشمل احتجاج أصحاب السترات الصفراء واحتجاجا نقابيا على البطالة ومظاهرة منفصلة ضد العنصرية. ووسط حالة من التأهب الأمني، احتشد المتظاهرون فى «الشانزليزيه» بعد إخضاعهم لعمليات تفتيش والتأكد من خلو حقائبهم من أسلحة أو متفجرات خوفا من اندساس مثيرى الشغب أو إرهابيين بينهم. وقالت متحدثة باسم شرطة باريس إن السلطات ألقت القبض على 81 شخصا. وفى غضون ذلك، شهد ميدان «شارل ديجول إيتوال» و«قوس النصر» على حافة الشانزليزيه عمليات تبادل للغاز المسيل للدموع وتراشق بين المشاغبين المستترين خلف المتظاهرين السلميين أو الملثمين الذين يرغبون فى دخول الشانزليزيه دون الخضوع لنقاط التفتيش، وتمكنت قوات الأمن من اعتقال 6 من مثيرى الشغب. وضاعفت الداخلية من قوات مكافحة الشغب ونقاط التفتيش بقلب العاصمة، وبصفة خاصة فى محيط منطقة الشانزليزيه معلنة حالة التأهب القصوي. وقال مسئولون إنهم يتوقعون انتشار نحو خمسة آلاف من أفراد الشرطة والدرك فى باريس مقابل نحو ثلاثة آلاف يوم السبت الماضي. وسيتم نشر خمسة آلاف شرطى آخرين عبر البلاد تحسبا لاحتجاجات أخرى من متظاهرى السترات الصفراء. وأكدت منع المتظاهرين من الوصول أو الاعتصام فى ميدان «الكونكورد» لتوخى الحذر من تدفق المتظاهرين إلى قصر الإليزيه. كما حذرت وزارة الداخلية من أن «بلاس باڤو»، حيث يقع مقر وزارة الداخلية، و«ماتينيو»، وهو مقر رئاسة الوزراء، وكذلك حول مقر مجلس الشعب خط أحمر للمتظاهرين. ووافقت الحكومة على إغلاق الشانزليزيه أمام السيارات، بينما تم تكليف عناصر الشرطة تفتيش المتظاهرين وفحص بطاقات هوياتهم قبل السماح لهم بدخول المنطقة لتجنب تكرار أحداث العنف التى وقعت الأسبوع الماضي. ومن جانبه، قال دينس جاكوب وهو مسئول باتحاد للشرطة: «هناك مخاوف من توجه البلطجية إلى أماكن أخرى فى ضوء الوجود الأمنى المكثف حول الشانزليزيه». ومن جانبه، دعا إدوار فيليب رئيس الوزراء الفرنسى ثمانية ممثلين لمتظاهرى السترات الصفراء للقائه فى مكتبه، ولكن اثنين فقط حضرا خرج أحدهما بعد إخباره بأنه لن يتم دعوة كاميرات التليفزيون لبث اللقاء مباشرة للأمة. وعندما سأله الصحفيون عن مطالبه، قال جاسون هربرت: «نريد استعادة كرامتنا ونريد أن نكون قادرين على العيش من عملنا، وهو ليس الوضع الآن». وبعد اجتماع استمر ساعة مع الممثل الثانى للمحتجين، قال فيليب إنّهما ناقشا بشكل أساسى القدرة الشرائية، وأن بابه سيظل «مفتوحا دائماً» لمزيد من الحوار. وتضم «السترات الصفراء» العديد من المتقاعدين وتلقى زخما أكبر فى المدن والمناطق الريفية الصغيرة، حيث قطع المحتجون الطرق وأقاموا حواجز لإبطاء حركة السير قرب نقاط دفع رسوم الطرقات السريعة وعند الدوارات فى مناطق عدة. ووصل الغضب إلى الجزر الفرنسية فيما وراء البحار، خصوصا فى جزيرة «لا ريونيون» الفرنسية فى المحيط الهندى التى تشلها حركة الاحتجاج منذ أسبوعين. واضطرت وزيرة الدولة الفرنسية لشئون التنمية والفرانكوفونية أنيك جيراردان، التى أرسلت إلى الجزيرة للتحدث إلى المحتجين، إلى قطع الاجتماعات أمس الأول مع المتظاهرين، بعد أن رددوا هتافات استهجان منها «ماكرون استقل!». جاء ذلك وسط استغلال سياسى من جانب المعارضة للأحداث، حيث أعلن المرشح السابق للانتخابات الرئاسية اليسارى جان لوك ميلانشون أنه لن يشارك فى التظاهرة فى الشانزليزيه، لكنه سيتوجه إلى مرسيليا ليشارك فى مسيرة تضم أعضاء نقابات ومتمردين من أجل السكن وسترات صفراء وطلابا فى المرحلة الثانوية. وأكد لوران فوكييه رئيس حزب الجمهوريين اليمينى أنه سيتوجه للقاء المتظاهرين فى دائرته، بينما طالبت زعيمة اليمين القومى مارين لوبان بحل الجمعية الوطنية.