لم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو بحاجة إلى مزيد من الأزمات قبل أن تأتيه صفعة جديدة من غزة.. تحقيقات متواصلة بالفساد يخضع لها مع زوجته، وأغلبية مقعد واحد بالكنيست، وتهديدات أمنية قائمة خانقة تحاصر الكيان الإسرائيلى من الخارج والداخل.جاءت ضربة غزة الأخيرة لتكشف عن صراع أجنحة فى الحكومة الإسرائيلية ارتد صداه داخل الأجهزة الأمنية وجيش الاحتلال.. ليس صراعا بين التيارين المعتدل والمتطرف للأسف، إنما بين المتطرف والأكثر تطرفا فى الحكومة اليمينية المتشددة، ومن ثم، لم يكن قبول نيتانياهو بوقف إطلاق النار فى غزة جنوحا للسلام، بقدر ما هو تراجع تكتيكى لاختيار وقت الحرب.. أما خيار الحرب على غزة فبات ورقة انتخابية تزايد بها الأحزاب الإسرائيلية استعدادا لمعركة الانتخابات المقبلة فى نوفمبر المقبل، أو تضغط بها من أجل الدفع نحو انتخابات مبكرة.تتزاحم ضغوط الداخل الإسرائيلى على نيتانياهو، ليس من أجل نهاية الحرب أو هدنة طويلة الأجل، وإنما من أجل إنهاء وجود حماس على رأس قطاع غزة وتدمير سلاحه.وزير الأمن العام جلعاد أراد : “إسرائيل أقرب من أى وقت مضى لإعادة احتلال قطاع أو جزء منه لكى نقوم بتفكيك البنى التحتية الإرهابية، حان الوقت لتنتقل إسرائيل من الدفاع إلى الهجوم فى معركتها مع حماس، أى عمليات القتل المستهدف للقادة الإرهابين فى حركة حماس». وزير الدفاع المستقيل أفيجدور ليبرمان رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» اليمنى المتطرف قبل استقالته وانسحاب حزبه ذى المقاعد ال 5 بالكنيست من الحكومة : وقف إطلاق خضوع واستسلام للإرهاب».نفتالى بينيت زعيم حزب البيت اليهودى والمنافس الشرس لنيتانياهو: إسرائيل كثيرا ما واجهت تهديدات وتمكنت من التغلب عليها. نيتانياهو يتبع سياسة دفاع انهزامية، الخطر الأكبر على إسرائيل هو أننا بدأنا بالتفكير بأنه ليس هناك حل للإرهاب، للإرهابيين، للصواريخ، وليس هناك شيء يمكن القيام به، عندما تريد إسرائيل الانتصار سنعود إلى الانتصار، أعداء إسرائيل يزدادون غطرسة لانهم يعتقدون بأننا نخشى مواجهتهم.عقب وقف إطلاق النار، خرج العشرات أمام الكنيست يطالبون باستقالة نيتانياهو وتظاهر إسرائيليون فى المناطق الجنوبية التى أصابتها صواريخ غزة داعين إلى حرب ضدّ حماس التى خاضت ضدّها إسرائيل 3 حروب منذ 2008. استطلاع رأى أجراه «تليفزيون إسرائيل» كشف عن أن حزب الليكود الحاكم الذى يرأسه نيتانياهو حصل على أسوأ تقييم أداء خلال الأشهر ال 8 الماضية، وأظهر استطلاع آخر أن 74% من الإسرائيليين غير مرتاحين إزاء أداء نيتانياهو فى المواجهات الأخيرة مع حركة حماس.قبل الأزمة الأخطر التى واجهت القطاع منذ حرب 2014، كان لائتلاف نيتانياهو 66 مقعدا فى البرلمان المؤلف من 120 مقعدا، وبخسارة المقاعد ال 5 لحزب ليبرمان بات لدى الائتلاف 61 مقعدا، أغلبية هشة للغاية. الحكومة الأكثر يمينية وتشددا فى تاريخ إسرائيل، يدفعها الأحزاب والمعارضون والشارع لمزيد من التشدد واستخدام القوة، وبينما مظاهرات الفرحة الفلسطينية فى القطاع ترفع شعار «غزة أسقطت ليبرمان»، جاهد نيتانياهو للحيلولة دون منح حماس انتصار إسقاط الحكومة بأكملها، ونزول اليمين عن الحكم بعد قرابة 10 أعوام من بقائه على سدته، وسط محيط معاد يتربص، وجبهات مفتوحة مع الوجود الإيرانىسوريا وجنوب لبنان، وعمليات عسكرية نوعية مستنزفة، ومعارضة داخلية شرسة، واتهامات بالفساد تقود رئيس الحكومة لقاعات المحاكم، ولن ترحمه إذا ما سقط.تقود معطيات الداخل الإسرائيلى إلى خلاصات عدة أهمها أن احتمال الحرب على غزة لم ينعدم وإنما تأجل لحين إشعار آخر، ربما يتحين رئيس الوزراء المخضرم الذى خاض 3 حروب على القطاع لحظة أخرى، فى ظل عقوبات أمريكية قاسية على إيران لم تظهر تداعياتها بعد، وانتخابات جديدة لم يزل أمامها عاما آخر.