أكد السفير عمرو الجويلي سفير مصر لدى صربيا أن هناك حالة تقارب وتواصل الآن بشكل مباشر بين السفارة المصرية في بلجراد والمحليات في صربيا لتحقيق التعاون الاقتصادي والثقافي، من خلال اتفاقيات التآخى أو التوأمة بين المدن المصرية ونظيراتها الصربية. وقال الجويلي في حديث ل «الأهرام» إن التوأمة والتواصل بين مدن مثل : مرسى علم وياجودينا، أسوان وأوزيتشا، القاهرة وبلجراد، نوفي ساد والإسكندرية، تتيح الفرصة لمصر للوصول إلى أرجاء وربوع صربيا بشكل مباشر، موضحا أن الأنشطة التى سيتم تنظيمها فى تلك المدن تشمل تنظيم معرض لمستنسخات الآثار الفرعونية، ومعرض لفن الأيقونات القبطية المتشابهة مع مثيلاتها الصربية، وكذلك المشاركة في المهرجانات الفنية، والمعارض المتخصصة، وعلى رأسها معرض الزراعة في مايو المقبل، إضافة إلى تبادل استضافة المعارض المخصصة لمنتجات تلك المدن فى البلدين. وحول أسباب توأمة أسوان مع أوزيتشا تحديدا، قال السفير إنه تم توقيع اتفاقية التعاون والتوأمة مع تيهومير بتكوفيتش عمدة مدينة أوزيتشا ويجرى التفاوض حاليا على نص الاتفاقية، ومن دواعي هذه التوأمة المقاربة الموجودة بين أسوان وأوزيتشا، فالثانية توجد بها أقدم محطة طاقة كهرومائية في أوروبا، إضافة إلى مكانة إقليم زلاتيبورالمحيط بها وسط الجبال الشاهقة، وهو من أشهر المنتجعات العلاجية في أوروبا، أما أسوان فتتمتع بجو دافيء ونيل ساحر وبها سياحة علاجية أيضا، كما تمتلك أكبر سد طاقة كهرومائي في العالم، مما سيتيح تبادل الخبرات. أما عن فكرة التآخي بين ياجودينا ومرسى علم، فقد أشار السفير إلى أن جولة محافظ البحر الأحمر اللواء أحمد عبدالله الناجحة أخيرا في أنحاء صربيا جاءت لتحول التوأمة بين مدينتي ياجودينا الصربية ومرسى علم بمحافظة البحر الأحمر من فكرة إلى حقيقة واقعة واتفاقية ثنائية مستوفاة البنود، وهو ما نهدف إليه من التعاون المباشر مع المحليات باعتبارها الطريق الأوثق لتعزيز العلاقات الشاملة بين الشعبين المصرى والصربي، ومن أسرع النتائج التي حققتها الاتفاقية التي بدأنا نشهدها بعد الانتهاء من الإجراءات التنفيذية البدء في تسيير رحلات طيران من مطار نيش جنوب صربيا إلى الغردقة، للمرة الأولى على الأرجح، كما أن مطار نيش الجديد سيخدم أيضا مواطنين من مدن أخرى مثل سكوبي في مقدونيا وصوفيا في بلغاريا وبيتشينا في كوسوفا لقربهم منه، وسوف تدعم هذه الاتفاقية جميع النواحي الثقافية والاقتصادية في البلدين، إضافة إلى الجوانب السياحية. وعن رابطة المسافرين الدائمين بين البلدين، قال الجويلي إن نسبة السياح الصرب لمصر عالية جدا، وهو ما يعكس شغف المجتمع الصربي بالثقافة والحضارة المصرية، ولهذا السبب أطلقنا مبادرة جديدة وهي «السياح المسافرون الدائمون»، وهم الذين تتكرر زيارتهم لمصر، خاصة إلى محافظة البحر الأحمر، وقد تم تكريمهم من قبل السفارة بعد أن بحثنا في السجلات فوجدنا خمسة سائحين صربا كانوا أكثر ارتيادا لمصر، منهم سائح حصل على 30 تأشيرة للبحر الأحمر خلال السنوات العشر الماضية، وقدم لهم محافظ البحر الأحمر رحلات سياحية مجانية بصحبة وفد إعلامي صربي لتسجيل الرحلة بالكامل، ووضعها في مادة ترويجية تعكس مصداقية عالية عن سياحة البحر الأحمر بل وتفوق أي إعلان تجاري. وردا على سؤال حول ما إذا كانت مصر قد نجحت بالفعل في استعادة زخم العلاقات السياسية القديمة مع بلجراد، أجاب قائلا : «العلاقات بين القاهرة وبلجراد تاريخية وتعود إلى 110 أعوام منذ 1908 عندما أرسل ملك صربيا أول سفير له في إفريقيا والعالم العربي، وربما خارج أوروبا، ولكن حديثا، بدأت مصر في استعادة هذ الزخم منذ لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش منذ عام علي هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ومنذ ذلك التوقيت لاحظنا أن العلاقات أخذت في التطور بشكل سريع، لدرجة أن البرلمان الصربي شهد أول زيارة لرئيس برلمان مصري إلى بلجراد في تاريخ العلاقات بين البلدين، والتي جرت في 19 من يوليو الماضي، وقد تحدث رئيس مجلس النواب د. علي عبد العال امام البرلمان الصربي في جلسة خاصة عُقدت بصفة خاصة تكريما له». وعن برنامج دعم العلاقات السياسية بين البلدين، قال : «نحن بصدد أحداث هي الأولى من نوعها، فما نقوم به حاليا في صربيا هو وضع أساس لخطة عمل واسعة وشاملة ومتعددة الأوجه، والعلاقات السياسية هي المظلة التي تعقد في إطارها جميع الأنشطة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والإعلامية، وعندما اجتمعت مع كبار المسئولين الصرب وعلى رأسهم الرئيس فوتشيتش ورئيسة الوزراء آنا بيرنابيك والنائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية إيفيتسا داتشيتش، وجهوا جميعهم دعوة مفتوحة لزيارات رفيعة المستوى من مصر إلى بلجراد، مؤكدين أهمية العلاقات بين الدولتين، كما وجه وزير الخارجية الصربي الدعوة لنظيره سامح شكري لزيارة صربيا، ونأمل في تلبيتها في أقرب وقت ممكن، وأعتقد أن الفترة المقبلة سوف تشهد نتائج أو ترجمة فعلية لتلبية تلك الدعوات المهمة». وكانت لهذه الجهود انعكاسات على الجانب الاقتصادي، فقد انطلقت منذ عدة أيام والكلام للسفير الجويلي - القافلة الاقتصادية المصرية الأولى من صربيا إلى جميع أرجاء البلاد من شرقها إلى غربها ومن شمالها الى جنوبها، وتناول الإعلام الصربي نجاح هذه القافلة الاقتصادية ووصفها بأنها كانت غير مسبوقة، حيث غطت مساحات كبيرة من الدولة، والتقت بأربع غرف تجارية في أكبر أربع مدن صربية، وكان هدفها تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمار والترويج السياحي لمصر، ومن أهم نتائجها التي بدأت بالفعل تأتي ثمارها أن جمعية رجال الأعمال المصريين ستعقد اجتماعا قريبا لتسمية أعضاء الجانب المصري في مجلس الأعمال المشترك بين مصر وصربيا للمرة الأولى. كما شهدت الأسابيع الماضية نشاطا ثقافيا واسعا أعاد تقديم مصر إلى المجتمع الصربي وأعاد إبراز ريادتها الثقافية بمختلف أبعادها، حيث شاركت دار الأوبرا المصرية للمرة الأولى في صربيا، وافتتح المتحف الوطني الصربي بعد 15 عاما من تجديده بعرض حول علوم المصريات، إلى جانب المعرض الوثائقي المصري في مقر البرلمان الصربي، وخلال أيام ستحظى مصر بأول مشاركة في معرض بلجراد للكتاب الذي يعتبر الأكبر في جنوب وشرق أوروبا، كما ستشارك مصر كضيف شرف في معرض بلجراد للكتاب في أكتوبر 2019. وعن خطة عمله في المرحلة المقبلة للارتقاء بالعلاقات بين البلدين، قال : «نحن بصدد تجارب رائدة لمصر في صربيا، ونأمل في أن تؤتي ثمارها تباعا، ونعمل حاليا على عدة محاور من أجل تنشيط العديد من الآليات الثنائية، من ضمنها اللجنة الاقتصادية المشتركة، ومجلس الأعمال المشترك، إلى جانب تنفيذ العديد من الاتفاقيات كبروتوكول التعاون السياحي وغيره، أما المحور الثاني فهو التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الجديدة في مجالات الشباب والرياضة والتدريب الدبلوماسي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعمل والتضامن الاجتماعي، والمحور الثالث سيكون حول تطبيق أطر تعاون في مجالات جديدة تعتمد على تصدير الخبرة المصرية كالسياحة النهرية والفنادق العائمة، كما نعمل على دراسة منظومة تبادل تجاري بين الدولتين تسمح بإعطاء أفضليات تجارية أكثر للجانبين لتصدير الموالح المصرية والطماطم والبطاطس، كذلك تصدير مواد البناء والسيراميك المصري والجرانيت والرخام والجلود، بمعنى فتح مجالات جديدة لم تكن موجودة، ولكن نثق في نتائجها المثمرة». أما عن أوضاع المصريين في صربيا، فيتحدث عنها السفير الجويلي بقوله إنه على الرغم من صغر حجم الجالية في صربيا، إذ أن المسجلين في القنصلية نحو 70 مصريا فقط، وقد لا يزيد عدد غير المسجلين على 100 مواطن مصري، فإن هذه الجالية متناغمة جدا وحريصة على التواصل مع الوطن الأم. وأضاف : «أحرص على عقد لقاء دوري معهم، وكان موضوع اللقاء الأول تنمية العلاقات التجارية، والثاني ارتكز على العلاقات الثقافية، أما الثالث فكان عن تنمية العلاقات الإعلامية، أما اللقاء الرابع المرتقب فسيكون موجها للجيل الثاني من أجل تنمية العلاقات الأسرية، ليمتد التواصل مع الأبناء، ليظل ارتباطهم بالوطن الأم خاصة إتقانهم للغة العربية باللهجة المصرية الجميلة». وردا على سؤال حول أسباب عدم فتح صربيا أبوابها للسائح المصري على الرغم مما تتمتع به من مقومات سياحية، قال : «أتفق معك تماما، وتظل العقبة الأكبر أمام السائح المصري هي تأشيرة دخول صربيا التي تستغرق الكثير من الوقت والصعوبات، وقد تابعت من خلال اللقاءات المكثفة التي أجريتها هنا مع كبار المسئولين آخرها مع رئيسة الوزراء ونائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والنائب الثاني لرئيس الوزراء وزير السياحة والاستثمار وعدوا جميعهم بالعمل على تسهيل إصدار التأشيرات لصربيا في ضوء قوانين الاتحاد الأوروبي، بهدف دعم العلاقات السياحية والعلاقات التجارية والاقتصادية، وهناك مفاوضات جارية حاليا لتوسيع اتفاق الإعفاءات ليشمل جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر المهمة والخاصة، وتعتبر هذه خطوة مهمة للأمام، وأثق تماما في أنه خلال الفترة المقبلة سوف تكون هناك نتائج ملموسة في هذا الصدد». وعن مشكلة الطيران، أكد أن هناك جهودا ومساعي حثيثة من قبل السفارة لاستئناف خط طيران مباشر بين القاهرة وبلجراد مجددا، وقد التقيت عددا من مسئولي شركة «إير صربيا» وسوف أزور مقرهم خلال الشهر المقبل، كما ندرس أيضا إمكانية استئناف رحلات مصر للطيران المباشرة إلى بلجراد، ولكن رغم عدم وجود هذه الإمكانيات حتى الآن، فإنه توافرت ثلاث رحلات طيران على مدار الأسبوع بين الغردقة وبلجراد خلال أشهر الصيف. سفير مصر فى بلجراد خلال لقائة مندوبة الاهرام