(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21]. بهذه الآية الكريمة وصف رب العالمين محمدا صلى الله عليه وسلم. ولد صلى الله عليه وسلم فى فجر يوم الاثنين الموافق الثانى عشر من ربيع الاول، والثانى والعشرين من شهر ابريل عام 570 ميلادية، فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وأمّه آمنة بنت وهب، ويرجع نسبه الى سيدنا ابراهيم عليه السلام. ولد يتيم الأب، وفقد أمه فى سنّ مبكرة فتربى فى كنف جده عبد المطلب، ثم من بعده عمه أبى طالب، وكان فى تلك الفترة يعمل بالرعى ثم بالتجارة. تزوج فى سنِّ الخامسة والعشرين من السيدة خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل أولاده باستثناء إبراهيم.فهو من مارية القبطية. كان قبل الإسلام يرفض عبادة الأوثان ولم يسجد لصنم قطّت وكان متميزا عن باقى الافراد من سنه حيث لم يشارك شبابهم فى لهوهم ولعبهم، و لُقّب فى مكة قبل الدعوة بالصادق الامين فكان الناس يودعون أماناتهم عنده، وكان حكيما فقد حدث ان اصيبت الكعبه بسيل أدّى إلى تصدّع جدرانها، فقرر أهل مكة تجديد بنائها،(وفى أثناء ذلك اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود فى موضعه، فاتفقوا على أن يحتكموا الى أول شخص يدخل عليهم، فلما دخل عليهم محمد وكان عمره خمسًا وثلاثين سنة، قالوا «هذا الأمينُ، قد رَضينا بما يقضى بيننا» فأمر بثوب فوضع الحجر فى وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب حتى تشارك كل القبائل فى هذا الحدث ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه. وبذلك قضى على الخلاف بين القبائل فى هذا الحدث. كُلّف صلى الله عليه وسلم بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، فى شهر رمضان فى سنة 610م حيث بدأت رحلة الجهاد لنشر دين الوحدانية فى مجتمع قريش المتفشى بظلام الجاهليه فبدأ بالدعوة سرا لمدة ثلاث سنوات ثم جاهر بالدعوة فلقى مقاومة شديدة من اهل قريش . وقد حاولت قريش مرات عديدة بعرض المال عليه والزعامة، لكن محمدًا كان يرفض فى كل مرة ، ولما اشتد عداء قريش له ولأتباعه امر بعض أتباعه بالهجرة الى الحبشة, وكان ذلك فى عام الحزن حيث توفيت زوجته السيدة خديجة وفى عمه أبو طالب والذى كان سنده فى قريش فجاءته المواساة من ربه برحلة الاسراء والمعراج بعد الحزن والعسر .. قرر النبى صلى الله عليه وسلم الهجرة الى المدينة هو واتباعه بعد ان تآمر عليه سادات قريش الذين عارضوا دعوته وقرروا قتله فدخلها، وعمره يومئذ 53 سنة ... ودعا الناس الى نشر الرحمة بينهم، ونظّم محمد صلى الله عليه وسلم العلاقات بين سكان المدينةالمنورة، وآخى بين المهاجرين والأنصار فى دار أنس بن مالك، وكانوا 90 رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين، وعاش فيها عشر سنوات أُخرى داعيًا إلى الإسلام حتى وفاته. أسس صلى الله عليه وسلم بالجزيرة العربية نواة الحضارة الإسلامية، ووحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية ولنشر الرحمة بين الناس (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين). والمعجزة التى تحدّى بها الناس هى القرآن الكريم فهو معجزة سيدنا محمد الخالدة، والمحفوظة من التحريف، وصالحة لكل زمان ومكان. ومن عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل لم يجمع لاحد من الانبياء اسمين من اسمائه الا للنبى صلى الله عليه وسلم حيث قال (...ان الله بالناس لرءوف رحيم) الحج 65 وقال عن النبى صلى الله عليه وسلم ...بالمؤمنين رءوف رحيم) التوبة128 وقد تُوفى صلى الله عليه وسلم فى ربيع الأول سنة 11 ه، وقد أتّم 63.عاما.. لقد نجح رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حياته واستمر هذا النجاح بعد وفاته على يد اتباعه فقد صنع الابطال الذين جابوا الارض شرقا وغربا لنشر دين الله. ان اعظم موقف يدل على عظمة الرجال الذين صنعهم فى حياته الذى قام به ابو بكر الصديق رضى الله عنه عند وفاة النبى صلى الله عليه وسلم حيث خرج على المسلمين وقال: (ايها الناس من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حى لا يموت) وقرأ قوله تعالى (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم). لمزيد من مقالات د. محمد رضا عوض