الداخلية تسمح ل 23 شخصا بالتنازل عن الجنسية المصرية    في واقعة اغتصاب طالبة، إحالة مديري مدرسة للصم للمحاكمة التأديبية    أسعار الذهب في السعودية اليوم الثلاثاء 23-12-2025    مدبولي يبدأ جولة تفقدية لمشروعات "حياة كريمة" بقرى مركز الصف بالجيزة    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    رئيس الوزراء: مبادرة «حياة كريمة» أكبر مشروعات القرن الحادي والعشرين    وزيرة التخطيط تعقد جلسة مباحثات مع وزير الاقتصاد الأرميني لمناقشة الشراكة الاقتصادية بين البلدين    زراعة سوهاج: لا إصابات وبائية بزراعات الطماطم ومستويات الآفات آمنة    أسعار السمك اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة الأقصر    ترامب «يهدد» مادورو: «كن حكيمًا وغادر»    أرقام قياسية تزين افتتاحية الفراعنة فى أمم أفريقيا.. صلاح يدخل التاريخ    إصابة 3 فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال واعتقال العشرات في الضفة الغربية    الأمين العام لحلف الناتو: أمن أوروبا مرهون بدعم أوكرانيا    بعد دعوة جديدة للبابا لاون 14.. هل ينجح الفاتيكان في كبح حرب أوكرانيا؟    كأس عاصمة مصر، مودرن سبورت ودجلة يبحثان عن أول فوز في مواجهة الليلة    الصحف العالمية تتفاعل مع فوز منتخب مصر القاتل على زيمبابوي في أمم إفريقيا 2025.. ماذا قالت؟    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    مدرب زيمبابوي: جودة لاعبي مصر حسمت النتيجة.. ونشعر بالإحباط    بعد وفاة الطفل يوسف| النيابة تحيل رئيس وأعضاء اتحاد السباحة للمحاكمة الجنائية العاجلة    القاهرة: السيطرة على حريق نشب بأحد مخازن الخشب بحى المرج وتشكيل لجنة هندسية لبيان مدى تأثر العقارات المجاورة    بعد قليل، نظر جلسة محاكمة سارة خليفة و27 آخرين في قضية المخدرات الكبرى    الأرصاد تحذر من التقلبات الجوية.. اعرف تفاصيل طقس اليوم    وفاة شاب في حادث تصادم على طريق جيهان في المنوفية    قرار النيابة الإدارية بشأن مديرى مدرسة حالى وسابق فى واقعة التعدى على تلميذة    وفاة والد الفنان أحمد عبد الحميد    أكثر من مليار مشاهدة لدولة التلاوة بعد 10 حلقات للبرنامج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    عبد الغفار: مصر ملتزمة بدورها المحوري في دعم التعاون الصحي الإفريقي    وزير الصحة يناقش مع مدير المركز الأفريقي للأمراض تطوير آليات الاستجابة السريعة للتحديات الصحية الطارئة    الوزراء: محافظة الإسكندرية ضمن المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    قائد الجيش الثاني الميداني: لن نسمح بأي تهديد يمس الحدود المصرية    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    بدء الصمت الانتخابي في إعادة انتخابات النواب بالدوائر ال19 الملغاة    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    اليوم.. نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه    عمرو الحفني رئيسًا لغرفة تطوير واستصلاح الأراضي الصحراوية.. وناجي والمرشدي وكيلان    إدارة ترامب توقع اتفاقيات صحية مع 9 دول أفريقية    أليك بالدوين في عين العاصفة مجددًا... قضية Rust تعود وتثير قلقًا واسعًا على حالته النفسية    المخرجة إنعام محمد علي تكشف كواليس زواج أم كلثوم والجدل حول تدخينها    الرئيس الفنزويلي: الطاقة يجب ألا تتحول إلى سلاح حرب    أحمد التهامي يحتفل بفوز منتخب الفراعنة ويُوجه رسالة ل محمد صلاح    "بسبب غاز السخان" النيابة تحقق في وفاة عروسين    زينة منصور تدخل سباق رمضان بدور مفصلي في «بيبو»... أمومة على حافة التشويق    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    مشروع قومى للغة العربية    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    أمم إفريقيا - مؤتمر حسام حسن: كنت أحمل هم الجماهير في مصر.. وصلاح يصنع الفارق    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان واليسار وغواية المزايدة والمعايرة
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 08 - 2012

حين اندلعت ثورة‏25‏ يناير اصطفت القوي السياسية المعارضة لحكم مبارك وأصبح الكل في واحد بهدف التخلص من هذا الحكم ومن آثاره وإقامة نظام سياسي جديد تتحقق معه ديموقراطية الحكم‏.‏ ورغم كثرة الائتلافات والمجموعات التي طفت علي سطح الحياة السياسية منذ ذلك الحين, فإن أبرز القوي الظاهرة تمثلت في التيار الإسلامي بقيادة الإخوان المسلمين, وفي تيار اليسار بقيادة حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي. ومع أن التناقض بين الإسلاميين واليساريين يعد تناقضا رئيسيا, إلا أنه في الحركة السياسية يصبح هذا التناقض الرئيسي ثانويا أمام هدف واحد مشترك تسعي له الأطراف المتناقضة, وعندما يتحقق الهدف المشترك يعود كل طرف إلي موقعه في الخلاف ومن ثم الصراع.
علي هذا الأساس كان التفاهم بين حزب التجمع والإخوان قائما حتي الإعلان عن تخلي مبارك عن الحكم, ثم بدأ الخلاف يأخذ طريقه علي استحياء خطوة خطوة ابتداء من استفتاء19 مارس علي التعديلات الدستورية, نظرا لسيطرة الإسلاميين علي اللجنة التي أجرت التعديلات, ثم ما تلا ذلك من سيطرتهم علي عضوية مجلسي الشعب والشوري وتهميش قوي اليسار, وما صاحب ذلك من اتجاه الإسلاميين في البرلمان نحو أسلمة المجتمع من خلال ما كانوا يطرحونه من مشروعات وأفكار في الجلسات التي استمرت زهاء ستة أشهر قبل إعلان بطلان مجلس الشعب. ثم جاء فوز مرشح الإخوان( محمد مرسي) برئاسة الجمهورية ليؤكد لقوي اليسار أن البلاد سائرة لا محالة في طريق الدولة الدينية وهو ما كان حزب التجمع يحذر منه مطالبا بمدنية الدولة.
في هذا المنعطف من الحذر والترقب المتبادل بين الطرفين( الإخوان واليسار) هاجم عصام العريان( القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة) حزب التجمع متهما إياه بالفشل, وأن سبب هذا الفشل يعود إلي إهمال دور الدين بل واحتقاره, والنخبوية والتعالي علي الشعب, فضلا عن التشرذم والتفتت, وانتهاء التمويل الأجنبي بسقوط الكتلة الشرقية... وهذا النوع من الهجوم يثبت عجز العريان عن الرد علي حجج اليسار من حيث اتجاه الإخوان بمصر نحو الدولة الدينية ومن ثم اللجوء للكلمات المدببة والإمساك بملابس الخصم مثلما يفعل الصبية في الحارة. ومما يؤكد خروج العريان عن آداب الحوار أن محمود غزلان المتحدث باسم الجماعة نفي أن تكون تصريحات العريان معبرة عن الإخوان وإنما هي تصريحات خاصة بصاحبها, وتلك إحدي مهارات الجماعة في الإفلات من المآزق التي تقع فيها بسبب سلوك أحد أفرادها بدعوي أن فرد الجماعة تربي علي مكارم الأخلاق, وأن من يخرج علي هذه المكارم لا يعد من الإخوان.
في حقيقة الأمر فإن الاتهامات التي كالها عصام العريان لليسار هي نفسها التي توجه للإخوان المسلمين مع اختلاف النتائج من حيث فشل اليسار في رأي الإخوان, والنجاح المزعوم للإخوان في رأي اليسار. فمن حيث تهمة التشرذم والتفتت فإن الإخوان المسلمين بدأوا جماعة واحدة تحت ريادة حسن البنا في1928 ثم تنظيما في القاهرة في مطلع عام.1932 ثم ما لبثوا أن تعرضوا للتشرذم والشقاق ابتداء من1939 بخروج محمد أبو زيد وتأسيسه جماعة شباب محمد, ثم بخروج السكري في1947 احتجاجا علي تصرفات عبد الحكيم عابدين صهر حسن البنا, ثم خروج جماعات كثيرة من تحت عباءة الإخوان ابتداء من التكفير والهجرة, والناجون من النار, وانتهاء بحزب الوسط الإسلامي, وأصبحوا جماعات متعددة تحت راية الإسلام, وكذلك حال اليسار المصري الذي بدأ جماعة واحدة في1921 بتأسيس الحزب الشيوعي المصري انتهي إلي عدة فصائل تحت راية الماركسية.
أما التمويل الأجنبي لليسار الذي قال به العريان والذي انتهي بسقوط الكتلة الشرقية فإن الإخوان كانوا ومازالوا يتلقون دعما ماليا خارجيا منذ اغتيال حسن البنا, وهو دعم لا يزال مستمرا حتي تاريخه, ومظاهره واضحة تبدو في تمويل شراء أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية والرئاسية.. وإلا ماذا يفعل التنظيم الدولي للإخوان.. ؟ وأما اتهام اليسار بالنخبوية والتعالي علي الشعب فإنه اتهام عجيب حقا ذلك أن الحركات السياسية عادة تقوم بها النخبة وليس عامة الشعب, والمهم في هذا الخصوص مضمون الرسالة التي ينادون بها. وهذا الاتهام ينطبق علي قيادات الإخوان المسلمين أنفسهم عبر تاريخهم فكلهم من النخبة المتعلمة وبعضهم من كبار أصحاب رأس المال, وكذلك اليسار الذي تأسس علي يد نخبة في المجتمع ابتداء من كارل ماركس وفردريك إنجلز وكل قيادات اليسار في العالم لكن أفكارهم كانت في مصلحة طبقة العمال ومن أجل العدالة الاجتماعية. أما أفكار الإخوان المسلمين فإنها في مصلحة حرية رأس المال.. إلخ. وفي هذا المقام, هل أخطأ اليسار حين يخاطبون عقول الناس علي حين تربي الإخوان علي السمع والطاعة وتعلموا مخاطبة الغرائز والعواطف وليس العقول.!
يبقي الاتهام الخاص بأن اليسار أهمل دور الدين بل واحتقره, وهذا الاتهام قمة الافتراء والمكايدة وينطلق من فهم خاطيء لمقولة كارل ماركس: الدين أفيون الشعوب, دون فهم معني العبارة والسياق الذي قيلت فيه. فقد كان ماركس تلميذا متدينا شأن شباب زمانه, وكتب في مجلة كلية القانون التي درس بها يقول: إن الدين أعظم رسالة أرسلها الله لسعادة البشرية. لكنه عندما أنهي دراسته وخرج إلي الحياة اكتشف التناقض بين قيم الدين المثالية وما يدور في المجتمع من انحيازات وتسلط, ووجد رجال الدين يطالبون الناس بالرضا بما قسمه الله لهم بدلا من تحريضهم علي الثورة علي تلك الأوضاع لإقامة مجتمع المساواة, ومن ثم جاءت مقولته, ومعناها أن رجال الدين يستخدمون الدين كمخدر لتكريس الأوضاع الطبقية.
في هذا المقام فإن الإخوان المسلمين يستخدمون الدين أيضا لتبرير وجودهم في الشارع ويطالبون الناس المتعبة والمكدودة بالصبر علي المكاره, وانتظار الفرج من السماء وأقصي ما يقدمونه لحل مشكلاتهم تقديم إعانات عينية وليس مواجهة علة الفقر والحاجة والعوز. ويظن الإخوان خطأ أنهم بسبب تدينهم وحمايتهم الإسلام يحوزن رضا الشعب المصري مع أن نسبة وجودهم لا تتعدي20% من جملة المسلمين المصريين وهي نفسها نسبة الأمية والفقر بين تلك الغالبية, وهي أيضا نفس النسبة التي انتخبت مرشح الإخوان للرئاسة.
علي هذا فإن اتهامات عصام العريان لليسار تنسحب علي الإخوان المسلمين أيضا وبالتالي فلا مجال للمزايدة والمعايرة أو كما يقول المثل الشعبي: لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك. وبدلا من تبادل الاتهامات علي الجميع أن ينصرفوا لبناء وطن حقيقي يستوعب كل أهله علي اختلاف أصولهم العرقية ومذاهبهم الدينية بدلا من الانحيازات الذميمة التي تفتح الباب للاستقطاب الخارجي والتدخل في شئون البلاد بدعوي حماية الحريات.
المزيد من مقالات د.عاصم الدسوقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.